عين على العدو

قدّم المحلّل العسكري في صحيفة "معاريف" آفي أشكنازي مقاربة لمصير قتال جيش الاحتلال في قطاع غزة، تستند الى ما جرى في جنوب لبنان إبان فترة احتلاله قبل عام 2000.
في البداية، يتوقّف أشكنازي عند أغنية فيلم "بوفور" (قلعة الشقيف)، ويُِشير الى أن كلمات الأغنية، مثل سيناريو الفيلم، تروي قصة جيل المقاتلين الذين خاضوا القتال في الشريط الأمني بجنوب لبنان. هذا الجيل اليوم يخوض حربًا أخرى، "فقد أصبحوا الآن آباء لجيل مقاتلي الجيش "الإسرائيلي" الذين يقاتلون في قطاع غزة".
ويتابع "في ذلك الوقت، كما هو الحال اليوم، وجدت "إسرائيل" نفسها في طريق مسدود، غارقة في مستنقع قتال غير ضروري وبدون هدف واضح. آنذاك أيضًا، عانى "القادة" من صعوبة في اتخاذ قرارات ورؤية الصورة الاستراتيجية الأشمل. الثمن الذي دفعته "إسرائيل" بسبب وجودها في جنوب لبنان، وكذلك خلال الفترة التي تلت ذلك حتى حرب "سيوف حديدية" (العدوان الأخير على غزة) كان باهظًا جدًا. الحرب الطويلة في جنوب لبنان حتى الانسحاب الأحادي في عام 2000، أحدثت شرخًا عميقًا في الثقة بين الجمهور" الإسرائيلي" وبين الجيش".
ويرى "أن أحد المخاوف لدى الجمهور في "إسرائيل"، وجيل مقاتلي "بوفور" و"الشريط الأمني"، هو أن يتكرر كابوس لبنان هذه المرة في غزة. وكما يبدو الآن، وللأسف، هذا السيناريو آخذ في التحقق"، ويضيف "هذا الأسبوع، حدث تغيير في ديناميكية الحرب وفي سلوك حكومة نتنياهو. سلسلة من التطورات دفعت الجمهور إلى استيعاب أننا بعيدون جدًا عن "الجنة والمكان الآمن"".
بحسب المحلل، الأمر بدأ بإدراك أن حماس قد حققت انتصارًا كاملًا على الصعيد السياسي وفي الرأي العام العالمي من خلال حملة التجويع. لقد انكشف الجمهور على ضحالة التفكير وضعف الإبداع لدى الحكومة والقيادة "الإسرائيلية". كيف تمكن مقاتلون عرب، حفاة يحملون بنادق كلاشينكوف، من إعطاء "درس" لرئيس الوزراء الذي يعتبر نفسه خبيرًا في الإعلام والأمن. ثم جاءت صور المعاناة التي يعيشها الأسيران أفيتار دافيد وروم برسلفسكي، والتي سبّبت صدمة لـ"دولة" بأكملها.
أشكنازي يلفت الى أن الإشارات بدأت تخرج من هيئة الأركان العامة للجيش "الإسرائيلي"، حيث أوضح رئيس الأركان إيال زمير للمستوى السياسي أن عملية "عربات جدعون" وصلت إلى نهايتها من الناحية العسكرية، وأنه لا توجد خطة لدى المستوى السياسي لاستمرار العملية، كما أن هذا المستوى يعزل المؤسسة العسكرية عن تفاصيل سير المفاوضات، ويردف "تجلّت الأزمة في الرسالة العلنية التي وقّعها 2,400 فنان وشخصية من عالم الثقافة، ممّن لم يعودوا يخشون المقاطعة الجماهيرية، وخرجوا بمناشدة علنية لوقف الحرب. واستمر الزخم في مقطع الفيديو الذي نشره كبار المسؤولين السابقين في المؤسسة الأمنية، من بينهم رؤساء أركان، ورؤساء الموساد، ومفتشو الشرطة، ورؤساء الشاباك وشعبة الاستخبارات. وكما جاء في الفيديو: "توجد هنا أغلبية ساحقة من جميع رؤساء المؤسسة الأمنية، أولئك الذين كانوا في منتديات الكابينت، وفي المطابخ السياسية، وفي كل حلقات اتخاذ القرار الأكثر حساسية".
ويخلص الى أن المسؤولين في المؤسسة الأمنية وكذلك في المؤسسة السياسية، يدركون أنه ما لم تحدث تسريبات درامية تصل إلى صحيفة "بيلد" الألمانية، فإن القرار قد حُسم لدى الجمهور الإسرائيلي: لم يعد هناك تفويض للمستوى السياسي للاستمرار في الحرب على غزة. السؤال المتبقي هو: كيف ومتى يتم إيقاف الحرب التي انتهت فعليًا؟".