اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ينال صلح: المساس بسلاح المقاومة في زمن العدوان طعنة في ظهر الوطن

عين على العدو

إستراتيجية
عين على العدو

إستراتيجية "إسرائيل" "التعديلية" تقوض نجاحها الطويل الأمد

78

كتب روب جايست بينفولد في مجلة Foreign Policy مقالة تناول فيها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي برر العمليات العسكرية الأخيرة في سورية، واصفًا تحرك إسرائيل بأنه كان ضروريًّا "لإنقاذ" الدروز في السويداء.

وأشار الكاتب إلى أن هذه الحجة قوبلت بشكوك واسعة، خاصة في ظل مقتل أكثر من 600 ألف شخص في الحرب الأهلية السورية، بينهم مئات وربما آلاف من الدروز، دون أن تتدخل إسرائيل  بالحدة نفسها التي اتسمت بها الهجمات الأخيرة. 

وحذّر بينفولد من أن إستراتيجية إسرائيل "التعديلية" في هذا السياق، والتي تمثل تحوُّلًا في طبيعة تدخلها العسكري، قد تضعف نجاحاتها التي بنتها على مدى سنوات طويلة، وتعرض استقرارها الإقليمي لمخاطر غير محسوبة.

وقال الكاتب، إنَّه يمكن فهم التحركات "الإسرائيلية" بشكل أفضل من زاوية انتقال "إسرائيل" إلى قوة "تعديلية" (revisionist power )، وهي التسمية التي تطلق على القوى التي تسعى إلى تغيير الوضع القائم. كذلك أضاف أن نتنياهو يسعى إلى تحقيق النصر الكامل على حركة حماس، وأنه أحبط مرارًا التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزّة. وتحدث أيضًا عن تصعيد هجمات "إسرائيل" ضدّ حزب الله وإيران، حيث خلص إلى أن نتنياهو أعاد إنتاج "إسرائيل" كقوة "تعديلية" تعيد صياغة المنطقة عبر القوّة العسكرية، وفق تعبيره.

هذا، وتابع الكاتب أن هناك نقاشًا يدور خلال الأشهر القليلة الماضية حول ما إذا كانت "إسرائيل" أصبحت قوة مهيمنة في الشرق الأوسط. غير أنه اعتبر أن هذا النقاش يخطئ في فهم إستراتيجية "إسرائيل" الكبرى الجديدة، حيث لا تطمح "إسرائيل" إلى أن تكون المهيمن بالمعنى الذي يفكر فيه صنَّاع السياسة الأميركيون والذي هو عبارة عن تعزيز التفوق الإستراتيجي القائم في ميزان القوّة، بل إن "إسرائيل" تستخدم القوّة العسكرية من أجل زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط عمومًا بغية إعادة صياغة المنطقة. وقال إن ذلك يعني أن "إسرائيل" وبدلًا من اعتماد إستراتيجية "جز العشب" لاحتواء خصومها، أصبحت تستفيد من تفوقها العسكري النوعي من أجل تحقيق النصر الكامل.

بناء عليه، خلص الكاتب إلى أنه إذا كان لدى "إسرائيل" هدف نهائي واضح، فإن هذا الهدف هو أكثر طموحًا وسعيًا لتحقيق تحولات كبرى. كما أردف بأن الهدف يبقى السيطرة على أجزاء من غزّة والضفّة الغربية إلى أجل غير مسمى وضمها حتّى، وفي الوقت نفسه السلام مع الجيران، إلا أن الرؤية حيال كيفية تحقيق ذلك تغيرت، إذ إن مسار نتنياهو المفترض نحو السلام هو عبر تكثيف الفوضى في المنطقة.

إلا أنّ الكاتب اعتبر أن الأحداث الأخيرة في سورية تبين كيف أن هذه الرؤية لا تستند إلى الواقع، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" نفذت عددًا غير مسبوق من الضربات على سورية فور سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وإلى احتلالها نحو ٧٧ ميل مربع من الأراضي السورية. وأشار إلى أن داعمي سورية في الخارج مثل تركيا ودول خليجية بادرت على إثر ذلك إلى فتح القنوات من أجل خفض التوتر. كما أضاف بأن ذلك أدى إلى محادثات "إسرائيلية" سورية مباشرة؛ شاركت فيها كبار الشخصيات المقربة من نتنياهو.

وتابع الكاتب أن هذا "التقدم الدبلوماسي" تزامن مع الضربات "الإسرائيلية" على إيران ووقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في ما بعد (بين إيران و"إسرائيل"). كما لفت إلى أن المراقبين إنما توقعوا أن يستفيد نتنياهو وترامب من هذه المواجهة من أجل الدفع باتّجاه وقف النزاعات في المنطقة، وذلك عندما أجرى نتنياهو زيارته الأخيرة إلى واشنطن. كذلك أضاف أن نتنياهو بدا مستعدًا للانتقال من المرحلة الأولى من إستراتيجية "إسرائيل" الكبرى الجديدة، والتي تقوم على النزاعات والفوضى، إلى المرحلة الثانية، وهي التطبيع. وأضاف أن سورية وربما لبنان كانت ستكون أولى الدول في هذا السياق.

غير أنّ الكاتب أشار إلى أن ذلك لم يحصل، وقال إن اللقاء بين ترامب ونتنياهو انتهى دون اتفاق، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" أقدمت بعد فترة وجيزة على توجيه ضربات أدت إلى مقتل عدد غير مسبوق من "القوات الأمنية السورية" إثر الأحداث التي اندلعت في السويداء. كما تحدث في السياق نفسه عن إذلال الحكومة السورية الجديدة جراء الهجمات التي استهدفت العاصمة دمشق.

ورأى الكاتب أن مثل هذه الممارسات من شأنها أن تقلص فرص التطبيع، خلافًا لما يأمله نتنياهو. أما إدارة ترامب فرأى أنها أثبتت مرارًا أنها لا تدرك في المطلق التحول في إستراتيجية "إسرائيل" الكبرى. كما أضاف أن هذا يجعل إدارة ترامب تفشل في محاولاتها من أجل وقف الحرب في غزّة والتوصل إلى تسوية مؤقتة بين "إسرائيل" وتركيا، وإبرام السلام بين "إسرائيل" وسورية.

كذلك شدد الكاتب على أن التحول في الإستراتيجية الكبرى صعب ونادر، وقال إنه أيًّا كان العرض الذي قدمه ترامب لنتنياهو، فلم يكن مغريًا بما يكفي من أجل إبعاد "إسرائيل" عن المقاربة "التعديلية". وأردف أن "إسرائيل" لا تزال غير مستعدة لتحويل "انتصاراتها التكتيكية على إيران وحزب الله وحماس" إلى نجاحات سياسية طويلة الأمد، بحسب تعبيره.

وتابع الكاتب، أن الأسوأ من ذلك هو أن الإغراءات لاستخدام القوّة بطرق جديدة تزداد، مشيرًا إلى أن وزراء إسرائيليين يدعون علنًا إلى تدمير غزّة بالكامل وتجويع سكان القطاع. كما لفت إلى أن أحد الوزراء ""الإسرائيليين"" دعا إلى تصفية "الرئيس السوري أحمد الشرع"، وإلى أن صحيفة Israel Hayom (المقربة من نتنياهو) نشرت مقالة مؤخرًا دعت "إسرائيل" إلى تحرير شمال قبرص من "سيطرة تركيا".

كما قال الكاتب، إن "الشرق الأوسط الجديد" الذي يتحدث عنه نتنياهو سيكون على الأرجح شبيهًا بالقديم إذا ما واصلت "إسرائيل" هذا النهج، بحيث لن يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزّة ولن يجري التطبيع مع بلدان عربية مجاورة. كذلك أضاف بأن إستراتيجية "إسرائيل" "التعديلية" ستستمر في تنفير الدول الإقليمية التي تخشى انتشار الفوضى، ما سيقوض أكثر فأكثر فرص النجاح الطويل الأمد.

هذا، وأشار الكاتب إلى أن ترامب نفسه انتقد الإستراتيجية الأميركية التي تعتمد على الحروب الأبدية من أجل إعادة ترتيب المناطق والمجتمعات عبر القوّة العسكرية. وقال إن امتناع ترامب عن تقييد نتنياهو؛ يعني أنه (أي ترامب) يمكن أن يُقدم على المغامرة نفسها.

الكلمات المفتاحية
مشاركة