مقالات

"ريفييرا غزة" سيكون لها شقيقة في جنوب لبنان.. هذا ما يخطط له ساكن البيت الأبيص؛ إنشاء منطقة عازلة تتضمن مصانع وفنادق ومناطق سياحية في الجنوب اللبناني.
سردية صهيونية دأبت "إسرائيل" على استعمالها، سعت وتسعى لإقامتها في دول الجوار لهذا الكيان، في جنوب لبنان وجنوب سوريا وغرب الأردن وشمال مصر، والهدف حماية المستعمرات؛ بحسب إدعائها.
لا يوجد شيء اسمه منطقة عازلة (Buffer zone) في الفكر الصهيوني.. هم يقومون بترويج هذه السردية، ويلعبون فيها على عامل الزمن وكيّ الفكر العربي لتكون هذه المنطقة العازلة توسُّعًا واحتلالًا دائمًا لتصبح جزءًا لا يتجزأ من "إسرائيل الكبرى".
ما رشح عن موقع "أكسيوس" الإخباري أن الرد "الإسرائيلي" على ورقة السيد برّاك، والتي وافق عليها لبنان ووقعت عليها الحكومة اللبنانية، سيتضمن هذا المطلب.
هذا السيد اللبناني الأصل، والذي ترافقه السيدة مورغان أورتيغوس، غطّ في "تل أبيب" ليأتيا بإجابة من نتنياهو على هذه الورقة، مع طلب برَّاك من نتنياهو تخفيف حدة العدوان على لبنان.
ماذا يعني تخفيف حدة العدوان على لبنان؟
اتفاق وقف إطلاق النار وورقة برَّاك يتحدثان عن وقف العدوان والخروقات، وليس تخفيف حدتها..
ما هو الفارق بين أن تنفذ "إسرائيل" عشرات الغارات يوميًا على لبنان، وحتى في عمقه، وبين أن تقوم بتنفيذ عدة غارات يوميًا؟
ازدواجية معايير وضغط على لبنان وضوء أخضر أميركي لتكمل "إسرائيل" عربدتها، في المنطقة كلها، ولكن بوتيرة أخف.
أما المنطقة العازلة الصناعية؛ فهي احتلال مقنّع بطريقة الإغراء بإعادة الإعمار ليصبح اللبناني الجنوبي أجيرًا على أرضه وأرض أجداده.
فخامة رئيس الجمهورية نفى أن يكون قد تحدث معه أحد، بشكل رسمي، بهذا الموضوع.
أفكارٌ جهنمية تفرضها "إسرائيل" بوساطة أميركا على لبنان.
يوم الأربعاء القادم سيصل السيد برّاك إلى لبنان حاملًا معه الجواب اليقين من الرد "الإسرائيلي" على ورقة برّاك، والتي وقعت عليها الحكومة اللبنانية.
على صعيدٍ آخر، بدأت في الأسبوع الفائت حملة حصر السلاح بيد الجيش اللبناني في مخيم برج البراجنة.
مشاهد رآها العالم، لا داعي لتفصيلها، لكن لا يمكن وصفها إلا بـ"المهزلة".
لكن، في الأساس، وعندما أتى السيد محمود عباس إلى لبنان ليعلن رفع الغطاء عن السلاح في المخيمات الفلسطينية، عاد وتراجع سريعًا عن هذا القرار قائلًا إنه تسرَّع به؛ ليتبين لاحقًا أنه نشب خلاف بينه وبين سفير فلسطين في لبنان ما أدى إلى إقالة السفير واستبداله بآخر وإقالة عدد من الضباط في حركة "فتح".
معالجة موضوع السلاح الفلسطيني في المخيمات أمرٌ معقد، ويلزمه تنسيقًا أمنيًا وسياسيًا على أعلى المستويات، لتتم مصادرة هذا السلاح بطريقة سلمية، لأن الجيش اللبناني حاليًا على كاهله مهمات جمّة، أولها الانتشار في جنوب الليطاني؛ وثانيها الانتشار على الحدود الشرقية وثالثها حفظ الأمن في الداخل، في بلد فيه من الخضّات الأمنية ما يجعل الأجهزة الأمنية في حالٍ من الاستنفار القصوى وبشكل دائم. إذ إنّ الجيش اللبناني ليس بوارد خوض مهمة نزع السلاح الفلسطيني في المخيمات بالقوة.
مطلب سيطرة الدولة على الأراضي اللبنانية كلها وطني محق، ويجب أن يتم، لكن هناك أولويات.. والجيش اللبناني منهمكٌ حاليًا بتحضير الخطة لحصر السلاح التي كلفته بها الحكومة لينفذها بمهلة أقصاها نهاية العام الحالي.
كما يُحكى عن إمكان طلب العماد قائد الجيش تمديد مهلة تقديم هذه الخطة، سعيًا لتخفيف حدة التوتر على الساحة اللبنانية، والتي نتجت عن إصدار القرار بحصرية السلاح الذي وقّع بصورة غير ميثاقية.
كرة النار بين يدي العماد قائد الجيش اللبناني، والتي يرميها سياسيو لبنان عليه كالعادة، ويغسلون أيديهم من نتائج هكذا قرار.
والضغوطات الخارجية كبيرة على لبنان؛ تبدأ بالابتزاز بإعادة الإعمار إلى التهويل بعودة الحرب "الإسرائيلية" لتصل إلى التمديد لـ"اليونيفيل"، والذي سيتم فيه ابتزاز لبنان إلى أقصى الحدود؛ حيث إن "إسرائيل" وأميركا أعلنتا صراحة أنهما بصدد إنهاء عمل قوات الطوارئ الدولية، والذي في حال نجح سيكون مؤشرًا لقيام "إسرائيل" باجتياح منطقة جنوب الليطاني بكاملها.
وما رشح حتى الآن؛ أن التمديد سيحصل لكن مع السماح بتركيب أبراج مراقبة بتمويل بريطاني على طول "الخط الأزرق"، كما والسماح لـ"اليونيفيل" باستعمال المسيّرات. هذا كله بحجة الاقتصاد باستعمال الآليات توفيرًا للمحروقات ونظرًا إلى تخفيف عدد جنود "اليونيفيل" الذي سينتج عن التقشف في الأمم المتحدة بسبب قطع المساعدات الأميركية عنها، والتي تبلغ ٢٥% من موازنتها. كما ويُتوقع توسيع صلاحيات "اليونيفيل" لناحية حرية الحركة من دون مواكبة وتنسيق مع الجيش اللبناني.
أيامٌ قليلة يظهر فيها الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويمكن أن نحدد في ضوئها مصير الوضع الأمني في لبنان.