خاص العهد

كيف يمكن للدولة اللبنانية أن تستعيد هيبتها إزاء انهيار صورتِها بعين شعبها؟ وما هو السبيل كي تُعيد الاعتبار إلى سيادتها الوطنية في ظلّ موجة الضغوطات الأميركية والخليجية غير المسبوقة التي تتعرّض لها؟ وهل استنفدت كلّ أوراق قوّتها؟ والأهمّ من يتحمّل مسؤولية الخطاب الرسمي الضعيف الذي يتكرّر اليوم على مسامع اللبنانيين؟
أسئلةٌ كثيرة تُطرح إزاء الخضوع الكامل والواضح للإملاءات الخارجية وكأنّنا أمام إطباق أميركي "إسرائيلي" تامّ على البلد الذي يُبيّن أداؤه الرسمي أنه بلا حيلة.
في حديث لموقع "العهد" الإخباري، يرى النائب السابق إميل إميل لحود أنه لا يجوز التفريط بالسيادة الوطنية خاصة أنها "ملك للشعب وليس الدولة التي تأتي بالدرجة الثانية لتؤكد حقوق شعبها"، ويُشير إلى أن "أيّ سلطة أو موقف إستراتيجي يخصّ الدفاع عن الوطن وحمايته يجب أن ينطلق من الشعب الذي يخرج من رحمه الجيش والمقاومة".
بحسب لحود، الجميع يجب أن يحمي الوطن خاصة في ظلّ المرحلة التي يمرّ بها لبنان، ولا سيّما أن هذا الخطر يطال كلّ مكوّنات الشعب وليس طائفة أو مجموعة بعينها.
ينتقد لحود منطق التفاوض بين الدولة اللبنانية والموفدين الأميركيين القائم اليوم على مبدأ التنازل والموافقة على شروطهم مقابل ردود "إسرائيلية" تطلب المزيد من التنازل، ويشدّد على أن "العدو يسعى إلى تعريتنا بالكامل ورمينا من أعلى الجبل، وما يحصل في غزّة وطريقة تعاطيه مع شعبها والاستخفاف بإنسانيّتهم إلى أقصى حدّ، وفي سورية أيضًا حيث يتوغّل أكثر في المناطق دون أيّة مقاومة، دليلٌ على أنه لا يقف عند هذا الحدّ، بل سيُكمل حتّى تحقيق حلم ومشروع "إسرائيل الكبرى" الذي تحدّث عنه بنيامين نتنياهو".
وفي معرض تعليقه على مستوى الضعف في الأداء والقرارات الرسمية، يقول لحود لـ"العهد": حتّى لو كانت الدولة مضغوطة وتُهدّد بعقوبات في ظل التفاوض الساري اليوم، هل من الصحيح أن تبقى تقدّم بلا أيّ مقابل؟ هل من المجدي ألّا تحصل على أيّ مكسب وطني؟"، ويضيف: "قدّمنا أكثر ممّا يجب على قاعدة "إلحق الكذاب على باب الدار"، وأتمنّى أن ننتهي من هذه الجولات".
بنظر لحود، الدولة المنقسمة على نفسها لا تستطيع أن تواجه الضغوطات الخارجية، والمطلوب من الدولة أن تُبادر إلى جمع كلّ الأحزاب والأطراف والقوى على طاولة حوار وطنية عنوانها التصدّي للتهديدات حتّى يتحمّل الجميع مسؤوليته بعيدًا عن لغة تقاذف المسؤوليات والتهرّب منها. وهنا ستتضح الصورة إمّا يريدون لبنان مُحتلًا من قبل "إسرائيل" أو حربًا أهلية، وإمّا أن يتوحّد الكلّ للمواجهة، فـ"إسرائيل" تسعى لتقاتل الأفرقاء اللبنانيين.
ويؤكد أهمية أن تتوفّر الإرادة الوطنية لدى كلّ القوى والمراجع اللبنانية، استنادًا لتجربة الدولة طيلة 20 سنة في الالتقاء تحت معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي استطاعت أن تحفظ البلد، ويُشير إلى أن "المسألة بحاجة إلى شدّ ركاب وليس تصدير الخطاب الضعيف ولا سيّما أن هناك من هو مستعدّ للدفاع عن البلد وأرضه شرط ألّا تطعنه في ظهره".
وإذ يأمل لحود أن نصل إلى اللحظة التي يخرج فيها الرئيس عون ويقول كفى لكلّ هذه الضغوطات ويُقفل الباب أمام المزيد من التقديمات، وأن يبلّغ الموفدين صراحة بأننا قمنا بما علينا، فإمّا يصار إلى تنفيذ ما اتفقنا عليه في تشرين الثاني 2024 أو نُصبح خارج التفاوض، يقول: "الى متى سنبقى تحت التهديد الأميركي الذي يبتزّنا بأنه سيُجوّعنا وهو في الأصل لا يطعمنا؟".
ويسأل في الختام: "الدول التي تربط مساعدتنا في إعادة الإعمار بشرط نزع سلاح المقاومة، لماذا لا تساعدون على الأقلّ المناطق التي تتعاطف معكم إذا كنتم فعلًا أصحاب نيّة جدية؟"، ثمّ يُجيب "لا نيّة أبدًا في الوقوف إلى جانب لبنان ودعمه، بل هؤلاء يدفعون باتّجاه تقاتل اللبنانيين مع بعضهم بعضًا".