اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ما الذي يؤخّر عملية احتلال مدينة غزّة حتّى الآن؟ وهل تراجع العدوّ عنها؟

نقاط على الحروف

عين
نقاط على الحروف

عين "الحدث" السعوديّة على جلسة "حصر السلاح"

108

رصدت قناة الحدث السعودية جلسة مجلس الوزراء يوم أمس كحدثٍ كونيّ قد لا يتكرّر. سمّتها "جلسة حصر السلاح" وبدت وكأنّ القيّمين عليها ينتظرون قرارًا يردّ عن صدورهم سلاحًا مصوّبًا نحوها، إذ تفوّقت على الإعلام العبري في صناعة بروباغندا التخويف والترهيب من سلاح المقاومة، علمًا أنّ العبريّ في هذه الحالة معذور، فالسّلاح الذي كرّست "الحدث" هواءها للتحريض عليه موجّه فعلًا وحصرًا إلى صدر "إسرائيل". وبالطّبع ليس غريبًا أن تتخذ القناة السعودية هذا الموقف، لكنّها غالت بعض الشيء بحيث عبّرت عن عداءٍ يفوق ما عبّر عنه الإعلام "الإسرائيليّ" مجتمعًا. 

قبل انعقاد الجلسة، حرصت القناة على بثّ تقارير توحي بأنّ "الشّعب اللّبناني" بكلّ مكوّناته مستنفرٌ ضدّ السّلاح. تحت عنوان "حملة لبنانية لتأييد الحكومة بحصر السّلاح"، ادّعت الحدث أنّ اللّبنانيين على منصّات التواصل يستبقون الجلسة بحملة دعم لقرار حصر السلاح، بالاستناد إلى خمسة منشورات على منصّة إكس (تويتر سابقًا). غاب عن الحدث أنّ عديد اللبنانيين يفوق الخمسة طبعًا. وأغلب الظنّ أنّ محرّر التقرير يجهل العدد الفعليّ، أو ربّما ظنّ أنّ الخمسة هؤلاء منتخبون للحديث باسم الكلّ فاستنتج من منشوراتهم إجماعًا على العداء للسلاح. ولعلّ استنتاجه هذا مفهوم قياسًا بالنموذج السعوديّ، فهناك، حيث لا انتخابات ولا استطلاعات رأي، يكفي أن يقول خمسة من مكتب بن سلمان فكرة حتّى تُظهّر وكأنّها "الرأي العام السعوديّ". وحفاظًا على المصداقية والموضوعية في العمل الإعلاميّ، حرصت القناة على عرض تقرير آخر يتضمّن مقابلات في أحد شوارع بيروت، مع سبعة أشخاص، منهم ثلاثة تحدّثوا عن رغبتهم بأن يُنزع سلاح المقاومة وأربعة تكلّموا بشكل عام؛ ومن الثلاثة استنتجت "الحدث" أنّ اللبنانيين يحسبون يوم الجلسة (أمس) "جمعة عظيمة" ويومًا تاريخيًّا سيدخل لبنان بعده جنّة السلام والأمن والاستقرار! وفي تقرير ثالث عن "خطّة ضبط السلاح بين الدولة والحزب" ظهر أنّ "الحدث" لم تجد متكلّمًا أفضل من القوّتجيّ النّاطق شارل جبّور، المعروف لا بعدائه الشديد للمقاومة فقط، بل بارتكازه على خيالات وأضاليل غير موجودة إلّا داخل رأسه! فكان التقرير عبارة عن خيالات الجبّور في تضليل الأمور. 

بدأت الجلسة، ومعها ارتفع "الادرينالين" في عروق "الحدث"، ولولا غياب خاصيّة الإبداع في أذهان العاملين فيها، لعملوا على بثّ وعرض بعض المؤثّرات الحماسية، كساعة عدّ عكسيّ مثلًا، أو لجلبوا فرقة راقصة بالتنسيق مع هيئة الترفيه في السعودية للاحتفال مسبقًا بـ"حصر السلاح" وبإراحة "إسرائيل" من همّ ثقيل يؤرقها منذ الثمانينيات، أو حتّى ببثّ الأناشيد العبرية الحماسيّة. توقّعات وانتظارات "الحدث" كلّها استحالت خيبةً مرّة مع انتهاء الجلسة التي جرت رياحها بما لا تشتهي السّفن السعودية التي تستعجل الوصول إلى برّ لبنان منزوع الشّرف. صورة نواف سلام، رئيس الحكومة، واضعًا رأسه بين يديه لم تكن فقط تعبيرًا عن عجزه الشخصيّ عن تنفيذ ما تحلم به السعوديّة، بل عن حالِ "الحدث" أيضًا وقد بلغها أنّ الحلم بقرارٍ يشبه تطلعّاتها وحماستها قد ذهب أدراج الرّياح. هل صمتت القناة وعادت لمتابعة شؤون الترفيه في السعودية وغيرها من اهتماماتها اليومية؟ كلّا. كانت المكابرة خيارها فعرضت تقريرًا يحسب "الميثاقية" كمفهوم دستوريّ في لبنان "حُجّة لن تنفع حزب الله". وهل أفصح من قناة سعوديّة في المحاضرة بالمفاهيم الدستوريّة؟ أبدًا. بعده، كان لا بدّ من مي شدياق كي تعيد بثّ الأمل بالفتنة التي لم تقع كما أملت "الحدث"، ولأنّ خطّة الجيش التي رحّبت بها الحكومة اقترنت بـ"الإمكانات المتاحة" كان طبيعيًا أن تطالب شدياق بشكل مبطّن بدعم الجيش لتنفيذ خطّته. 

انتهى يوم الحدث الطويل على وقع خيبة متجدّدة، لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا لو خصّت قناة إيرانية جلسة لمجلس الوزراء بهذا الزّخم في المتابعة والتغطية؟ وأقلّ من ذلك، ماذا لو أوردت صحيفة فارسية مقالًا تحدّثت فيه عن ارتباط اللبنانيين بسلاح المقاومة وإصرارهم على المحافظة عليه في سبيل حماية بلدهم وأرضهم من العدوّ الإسرائيلي؟ الإجابة معروفة، كان الإعلام السياديّ سيفتح هواءه لكلّ موبقات الأرض كي يقول إنّ الإعلام الإيراني ينتهك حرمة الملفّات الداخلية في لبنان. تلك عادتهم في مقاربة الأمور، وهذا انبطاحهم المشهود والمتكرّر حين يكون المنتهِك سعوديًّا!

الكلمات المفتاحية
مشاركة