لبنان

تخليدًا للدماء الزاكية ووفاءً للنهج الحسيني المقاوم، أحيا حزب الله ذكرى مرور ثلاثة أيام على وفاة فقيد الجهاد والمقاومة الحاج عماد عدنان سرور "علي أمير"، وأربعين يومًا على ارتقاء الشهيد السعيد على طريق القدس المجاهد مصطفى محمد حاريس "أبو علي"، باحتفال تكريمي أقيم في حسينية الشهداء في بلدة دير قانون النهر بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين إلى جانب عائلات الشهداء وعلماء دين وفعاليات وشخصيات وحشود من أهالي البلدة والقرى المجاورة.
وبعد تلاوة آيات من القرآن الكريم، ألقى النائب عز الدين كلمة تناول فيها آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، فقال إن "الجلسة الأخيرة التي ناقشت خطة الجيش الوطني اللبناني لكيفية حصر السلاح بيد الدولة، وما سبقها من مجريات قبل انعقادها وما كانت الحكومة قد تقدمت به من بند واحد وضع على جدول الأعمال من أجل نقاشه وهو حصرية السلاح، أي القرار الذي اتّخذ في جلستي الخامس والسابع من آب التي شهدت خروجًا لوزراء الشيعة اعتراضًا على هذا القرار، معبرين عن وجهة نظر تقول إن أي قرار يتخّذ ويكون مخالفًا للتفاهم الوطني والعيش المشترك وموجهًا ضدّ مكون من مكونات لبنان، فإنه يتضمن عيبًا دستوريًا ووطنيًا ويعد مرفوضًا لأنه مخالف لاتفاق الطائف، الذي وقع في مدينة الطائف السعودية بمشاركة السعودية والولايات المتحدة الأميركية وسورية، وجاء بعد حرب داخلية دامت خمسة عشر عامًا".
وأشار إلى أن "اتفاق الطائف بروحيّته آنذاك، وقع من أجل إنهاء الانقسام الداخلي الناتج عن الحرب الأهلية، ومن أجل الوصول إلى وفاق وتوافق وطني، وقد جرى التوافق بين جميع المشاركين على مجموعة من الإصلاحات تحت عناوين عدة، بينما أبدى البعض تحفظًا على بعض النقاط التي وردت ومنهم نحن، رغم موافقتنا حتّى لا نعرقل مسار التسوية الذي حصل، وهذا ما يجب أن نفهمه ونعرفه لأن روح اتفاق الطائف تتجسد في أن يكون هناك توافق بين المكونات السياسية والطائفية في الأمور الأساسية والإستراتيجية لهذا البلد"، لافتًا إلى أنّه "رغم روحية التوافق التي نص عليها اتفاق الطائف، أخذت الحكومة اللبنانية مؤخرًا قرارًا ضدّ سلاح المقاومة، والجميع يعرف اليوم أن المكون الشيعي الوطني هو المعني الأول بهذا الأمر لأنه موجود على خط التماس مع هذا العدو، بالإضافة إلى مكونات أخرى من مسيحيين وسنة ودروز يقيمون على طول الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة من الناقورة حتّى مزارع شبعا، ورغم ذلك جاؤوا ليناقشوا الخطة الإجرائية لما أسموه حصر السلاح، مع أننا منذ البداية قلنا لهم إن القرار الذي اتّخذ هو قرار غير ميثاقي ومخالف لاتفاق الطائف ولروحيته، ما يعني أنه غير ميثاقي وغير وطني لأنه حصل نتيجة للضغوطات الأميركية والصهيونية التي مورست على الحكومة، ودفعتها للاستجابة له.".
وتابع النائب عز الدين: "ما زالت مفاعيل هذا القرار قائمة وسارية، فهذه الجلسة أيضًا والتي حضرها الوزراء الشيعة على أساس أن هناك مجموعة من النقاط على جدول الأعمال، ولكن عندما وصل النقاش إلى البحث في خطة الجيش الوطني اللبناني لحصر السلاح، خرج الوزراء ليس اعتراضًا على الخطة أو مضمونها، إنما لأنهم يعتبرون أن هذه الجلسة هي امتداد لجلسة الخامس والسابع من آب والتي أُخذ فيها القرار غير الميثاقي، واعترضوا على هذه الجلسة باعتبارها تكملة لهذا المسار"، متسائلًا "أين هي السيادة التي يتغنى بها السياديون الذين يراهنون على أميركا والغرب وبعض العرب وعلى العدوّ الصهيوني لأجل سحب سلاح المقاومة والقضاء عليها؟".
وأضاف: "أميركا على لسان رئيسها دونالد ترامب يوجه تهديدًا للبنان وحكومته بأن يدركا بأن الوقت ينفذ، وأنهم إذا لم يأخذوا قرارًا بنزع السلاح، فهذا يعني أن الأموال الأميركية والعربية ستقطع عنهم، وبأنه - أي ترامب - لا يدري ما سيفعله العدوّ "الإسرائيلي" حيال ذلك، وبمعنى أوضح هو يقول إن "إسرائيل" ستصبح حرة التصرف ومطلقة اليدين بما تريد أن تقوم به". وتساءل: "أليس هذا تهديدًا مباشرًا وتدخلًا سافرًا ووقحًا بشؤون لبنان الداخلية؟".
وشدد النائب عز الدين على "أننا حيال ذلك، وانطلاقًا من موقفنا الواضح، لم نذهب إلى المسار الخاطئ لهذه الحكومة بل لا زلنا متمسكين بموقفنا، فهذه الحكومة قلبت الأولويات التي فيها مصلحة للبنان، فقد اتفقت الرئاسات الثلاث على مجموعة من الأولويات اللبنانية تتضمن وقفًا لإطلاق النار وللعمليات العدائية من قبل العدو وانسحابه من أراضينا المحتلة وإطلاق الأسرى والشروع بإعادة الإعمار، ولكن انقلبت الأولويات من بعد ذلك"، مشيرًا إلى أنّهم "عادوا ليتحدثوا الآن بعد الجلسة الحكومية الأخيرة كما ورد في بيانها بأنهم يريدون الوصول إلى إستراتيجية دفاعية وإستراتيجية أمن وطني قبل تحقيق الأولويات الوطنية التي ذكرت، فهل يبقى مفيدًا ومجديًا هذا البحث مع استمرار الاحتلال "الإسرائيلي" جاثمًا فوق أرضنا".
وأردف: "من هنا نؤكد على وجوب إخراج العدوّ من أرضنا ووقف اعتداءاته وتحرير أسرانا والبدء بعملية الإعمار، بعدها نجلس ونضع خطة الإستراتيجية الدفاعية وإستراتيجية الأمن الوطني، وتتحقق حصرية السلاح"، مؤكّدًا أنّ "خروج وزراء المكون الشيعي من الجلسة الحكومية الأخيرة قبل أن يبدأ قائد الجيش بطرح خطته، لم يكن اعتراضًا على الخطة ومضمونها، بل على المسار الخاطئ والقرار الخطيئة الذي ارتكب في جلستي الخامس والسابع من آب، والذي ما زال مستمرًا في إمعانه بالخطيئة باستكمال هذه الجلسات، منوهًا بموقف الوزير فادي مكي الذي وضع استقالته في تصرف رئيس الجمهورية معترضًا على كيفية انعقاد جلسة حكومية لمناقشة خطة سحب سلاح المقاومة في الوقت الذي يغير العدوّ الصهيوني بطائراته على المدنيين وممتلكاتهم".
ورأى عز الدين أن "الخطر الصهيوني لا يمس لبنان فحسب بل المنطقة بأكملها والتي لن تعرف الاستقرار والأمن والهدوء طالما أن هذا العدوّ موجود"، مؤكدًا أن "سلاح المقاومة لن ينزع لأنه صار جزءًا من إيماننا وإرادتنا وحياتنا، وهو يشكّل لنا القدرة والقوّة التي نستطيع أن نواجه وندافع بها عن أنفسنا وعن وطننا وعن أرضنا وعن كرامتنا وعن أعراضنا في مواجهة هذا العدو".
وختم عضو كتلة الوفاء للمقاومة بالقول: "بمجرد التخلي عن السلاح سيبدأ العدوّ باحتلال لبنان، في سياق المخطّط الذي تحدث عنه نتنياهو رافعًا خارطة "إسرائيل" الكبرى أمام كلّ العالم وعلى شاشات التلفزة، ضمن سياسة التوسع في الجغرافيا والسيطرة والتسلط على المنطقة، ونحن لن نسمح لأحد بأن يسقط المقاومة لأنها تشكّل العامل الأساسي لقوة لبنان، وبدونها سيعيدوننا إلى مقولة عشناها لعشرات السنين وتقول إن قوة لبنان في ضعفه، المقولة الصهيونية التي زرعوها في عقولنا ورأينا كيف كان يتعاطى العدوّ في ظلالها ويعتبر أن لبنان لا يحتاج إلى فرقة عسكرية لاحتلاله بل إلى فرقة موسيقية، ولكن المقاومة قامت وسجلت أول انتصار لبناني وعربي على هذا العدوّ عام ألفين وأخرجته مهزومًا ومدحورًا وذليلًا من الأراضي اللبنانية وفي جنح الظلام".