اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

نقاط على الحروف

إعلاميون يسوّقون للاحتلال والتهجير ويغلفونه بـ
نقاط على الحروف

إعلاميون يسوّقون للاحتلال والتهجير ويغلفونه بـ"ممر ترامب" 

تسويق إعلامي للاحتلال والتهجير وتغليفه بـ"ممر ترامب" 
116

"مشاريع تنمية في تصنيع الطاقة المتجددة، مزارع الطاقة الشمسية، الزراعة الصناعية، السياحة العلاجية والسياحة الفاخرة والتعليم العالي في مشاريع تمتد من الساحل حتّى سفوح جبل حرمون. تهدف هذه القطاعات إلى تأمين فرص عمل، وتجذب الاستثمارات، وتعزز رفاهية المجتمع مع تصميمات تمنع الأنشطة الإرهابية وتدعم إدارة حدود آمنة وتقلل المخاطر الأمنية".

الاقتباس أعلاه ليس مأخوذًا من إعلام العدو، بل من منصة إعلامية لبنانية، يعمل في إطارها إعلاميو حروب الآخرين ضدنا، والنص المقتبس جزء من الحرب، بالشكل والمضمون. يتمحور موضوعه حول "المنطقة الاقتصادية" جنوبًا، التي حدّثنا عنها الموفدون الأميركيون، ويطبّل لها كتبتهم.  تحت عنوان "هل تنجح تجربة ممر "ترامب" بين لبنان و"إسرائيل؟"، تستعرض إحدى الإعلاميات المشاريع والاستثمارات التي ستشهدها المنطقة، في "كوريدور اقتصادي" يمتد من الناقورة غربًا إلى شبعا شرقًا، ليكون على غرار ممر زنغزور بين أذربيجان وأرمينيا، وفق ما تنقل. غير أنه يبدو أقرب إلى ممر الفانوس السحري، في بلاد السندباد من قصص ألف ليلة وليلة. على مقاس المعايير العالمية للمشاريع والاستثمارات، وفي بقعة جغرافية محدودة، لن يترك الممر مجالًا إلا وسيستثمر فيه: الطاقة والطبابة والتعليم العالي والسياحة… وكلّ  هذا بالمجان، تتلزم دول خليجية تمويله، ليغنم لبنان العائدات التي ستعالج أزمات الانكماش الاقتصادي اللبناني، وحاجة البلد للعملة الصعبة لإعادة الإعمار، وضعوا خطين تحت العبارة الأخيرة. هذا فيما سيضمن للجانب "الإسرائيلي" عدم عودة المقاومة إلى الحدود لتهديد أمن "إسرائيل"، ولكن كيف؟ بالتعويذة السحرية: الاستثمار والازدهار!.

وينطلق الطرح من مجموعة افتراضات، تستعرضها الإعلامية بلا نقاش ومنها: "بقاء 5 نقاط إستراتيجية تحت سيطرة الجيش "الإسرائيلي" لحين ضمان الأمن على الحدود تحديدًا". والسيطرة هنا توصيف مُلطف لفعل الاحتلال، ارتأت الكاتبة استخدامه، في نص كلّ كلمة فيه أتت طبقًا للأدبيات الأميركية. من النفخ في مفردات الرفاهية والازدهار، إلى اعتماد "الأنشطة الإرهابية" - وبلا مزدوجين - كتوصيف للمقاومة… وبين الإرهاب والمقاومة فرق شاسع! لكنّه إيقاع سيمفونية السلام والازدهار، يبدل المفاهيم ويحوّر الحقائق. 

حسنًا… ماذا عن أهالي القرى الواقعة ضمن النطاق الجغرافي لهذا الكوريدور الاقتصادي؟. 

لا داعي للهلع، فالكاتبة لم يفتها هكذا تفصيل: أما أهل القرى الحدودية، وليس كامل القرى (ولله الحمد) بل مساحة عمق محدّدة لم يتم تحديدها بعد (للأسف!) فيحصل أهلها على تعويضات عن منازلهم التي لن يعودوا إليها، ويحصلون على منازل في أراض في قرى من الجهة الثانية.

بهذه الخفة تقدم إعلامية لبنانية مشروع التهجير. سيتم طرد الأهالي من قراهم، ولكن بمقابل مادي، وفق ما تطمئننا. ثمّ سيحصل المهجرون من القرى الحدودية على منازل في أراضٍ في قرى من الجهة الثانية، ولعلها تقصد شمال الليطاني. ولكن كيف؟؟. 

هل سيضع الأميركيون يدهم على قرى شمال الليطاني لتوزيع أراضي أهلها على المهجرين من بطون عائلاتهم؟. 

أم سيهجّر أهالي شمال الليطاني إلى الجهة الثالثة ليستقر مكانهم مهجرو جنوب النهر؟.

أو سيخصص لهم ولغيرهم مخيمات لجوء ضمن جغرافية "إسرائيل" الكبرى التي ستبتلع كلّ الجهات؟. 

حبّذا لو توقفت الإعلامية عند عبارة "في الجهة الثانية"، وهي ابنة تهجير طال عائلات في هذه الجهة، وُفق ما وثّقت يومًا.

وعلى قاعدة الجزرة والعصا، تعرض المطروح أميركيًا كفرصة استثمارية ستعود بالنفع على الاقتصاد اللبناني بدل ترك المنطقة بورًا، بلا سكان ولا أبنية، بل سيكون الجنوبيون أمام فرصة لا تُفوت عندما تتحول المنطقة إلى أبنية ومصانع بلا سكان، بمقابل مادي طبعًا، يقتلعهم من أرضهم، ويفرض عليهم بيع دم أبنائهم وإنجازات رجالاتهم لعقود، بثمن بخس، ثمّ سيسمح لـ"الإسرائيلي" بأن يدوس على تراب ذاب فيه لحم أبنائهم، وكلّ  حبة فيه جُبلت بدم شهيد من شهدائهم.

ومقابل هذا المنطق، تختم الإعلامية، مبرزة العصا: "ماذا لو لم يرضَ لبنان الرسمي؟ فتجيب أن لا خيارات كثيرة أمام لبنان بسبب التفوق التقني "الإسرائيلي"  عليه، والكلام على عهدة المصادر الدبلوماسية!".

والمنشور بعنوان المقال السياسي، هو أقرب إلى بيان أميركي، تحضره في المغريات الفارغة تحت وقع التهديد. وما يُعرض على أنه "فرصة اقتصادية وأمنية تضمن السلام والازدهار"، ليس في الواقع إلا احتلال وتهجير. بهذه الصورة يتجنّد إعلاميون في بلادنا في حرب الضغط الأميركي تزييفًا للعناوين بالتطبيل لها أو النفخ في التهديدات تهويلًا. ولكن أي جمهور تخاطب هذه الأقلام؟ الجنوبيين؟! وبماذا؟ بوعود إمبراطورية الألف كذبة وكذبة؟! أم بالضمانات الأميركية التي دفنها موفدو واشنطن في مهدها؟، أم بالركون إلى تجارب اللبنانيين مع واشنطن في رعاية اتفاق وقف إطلاق النار، أو بما عهدوه من صواريخها تُفتت أجسادهم في حروب "إسرائيل"؟ أو بالغدر يرسل أكثر من ٨٠ طنًا لاغتيال سيد المقاومة وأقدس شهدائها بعد اتفاق خادع؟ أم بالطعن في الظهر يباغت الإيرانيين بالحرب وهو يفاوضهم؟، أم بالاقتراحات المفخخة تستدرج اجتماعًا لقادة حماس لاغتيالهم؟. 

أم لعلهم يتوجهون لغير أهل الجنوب والمقاومة، إلى جمهور يقف في الوسط وهو يُقنع نفسه بأنه يحيا في زمن التسليم للأقوى… والعربدة "الإسرائيلية" هي الأقوى. هلا أعدتم سرد شريط أخبار الإقليم على مسامع هؤلاء: 

تضرب "إسرائيل" سورية التي تذهب في مسار علني للتطبيع، بعد أن قضت الضربات السابقة على كلّ مقدرات يمتلكها أو قد يستفيد منها الجيش السوري. ومسيراتها تقصف أساطيل الناشطين في تونس، التي لم تهدّدها يومًا بتحريك قوات مسلحة. هذا بضوء أخضر أميركي مفتوح لعدوان لا حصانة حتّى لمحمياته في الخليج (كما حصل في الدوحة)، التي منحت ترامب الترليونات وأغدقت عليه الهدايا والعطايا… دون أن يكلف الأخير نفسه إخطار "حلفائه" بالعدوان، أو مطالبة "الإسرائيليين" بإعادة طائراتهم وإيقاف الضربات، على غرار ما فعله عند إعلان وقف الحرب على إيران… أميركا هذه، هي التي يخوض حروبها إعلاميون، يتباهون بمصادرهم الخاصة من قلب البيت الأبيض.. "الكابينت" الأعظم، الذي يصادق على محارق "إسرائيل" في المنطقة برُمتها.

لقد فات كاتبة المنشور الأميركي حقيقة، فلتسمعها من جنوبيين أيضًا أن "الكوريدور الاقتصادي" هذا الذي تسوق له، "إن" قُدّر له فرص حياة لن يكون إلا استكمالًا لمشروع "ممر داوود" المفتوح باتّجاه كردستان العراق من الجولان المحتل، ليتصل من شبعا إلى الناقورة بالمياه الدافئة للمتوسط. إن TZ (Trump Zone) - التسمية التي تستسيغ ديب تكرارها - ليست إلا هذا! استكمال لخارطة ممر عازل، كلّ من قرأ عنه اقتصاديًا، يدرك أنه لا يهدف إلا إلى أن يُكرس "إسرائيل" وحدها كمركز ثقل اقتصادي في المنطقة. 

مجددًا، إن كلّ ازدهار يرفعه الأميركيون لن تنعم به إلا "إسرائيل"... ولن ندفع ثمنه نحن أهل المقاومة وحدنا، لأن متسولي فتات الخارج في لبنان ومرتزقة مشاريعه لن يكونوا أغلى على قلب ترامب من محميات يحلبها!

وبالعودة إلى سؤال: "هل تنجح تجربة ممر “ترامب” بين لبنان واسرائيل؟".

نستعير كلمات الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر: "والله لو بتجتمع الدنيا كلها من أولها لآخرها.. والله لو منروح من أولنا لآخرنا، والله لو نُقتل وما بيبقى ولا واحد منّا"، لن يحصل ذلك.

الكلمات المفتاحية
مشاركة