عين على العدو

كشف تقرير جديد أعدّه مركز "تاؤوب" العبري، بالتزامن مع التقرير السنوي لسلطة "الحداثة"، عن معطيات مقلقة تؤكد دخول قطاع "الهايتك" الصهيوني – الذي لطالما وُصف بأنه محرّك الاقتصاد – في مرحلة ركود واضحة، نتيجة تراكُم الأزمات: من الحرب المستمرة منذ 7 تشرين الأول، إلى التأثيرات العميقة لثورة الذكاء الاصطناعي، ومرورًا بالأزمات الاجتماعية البنيوية التي يعاني منها الكيان.
ووفقًا للتقرير الذي نشره موقع القناة 12 العبرية، فإن عدد العاملين في "الهايتك" لم يسجل سوى ارتفاع طفيف في النصف الأول من عام 2025، إذ بلغ عددهم 403 آلاف، أي ما يعادل 11.5٪ من مجمل القوى العاملة – مقارنة بـ391 ألفًا في 2024. لكن الأرقام تُخفي تراجعًا مقلقًا في العمق، حيث سُجّل انخفاض بنسبة 6.5٪ في وظائف البحث والتطوير، التي تُعد قلب القطاع، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
انخفاض التوظيف.. وارتفاع البطالة
تشير المعطيات إلى أن معدل النمو في عدد العاملين بالقطاع التكنولوجي تراجع إلى ما دون 2٪ سنويًا منذ عام 2023، بعدما كان يتجاوز 5٪ خلال العقد السابق. كما شهد القطاع تراجعًا في عدد الوظائف الشاغرة، خصوصًا في مجالات التوظيف للموظفين المبتدئين، وهو ما وصفته تقارير إعلامية بـ"أزمة الجيل الجديد في الهايتك".
وفي ظل استمرار الحرب، ارتفعت معدلات البطالة في خدمات الهايتك وتجاوزت المتوسط العام للاقتصاد، ما يضع علامات استفهام حول مستقبل قطاع كان يُراهن عليه لتعويض إخفاقات الاقتصاد الإسرائيلي في مجالات أخرى.
فجوات اجتماعية وهيكلية عميقة
كشف بحث مركز "تاؤوب" عن فجوات حادّة في التوظيف داخل القطاع، حيث يُهيمن عليه الذكور اليهود من غير الحريديم، بينما لا تتجاوز نسبة النساء اليهوديات غير الحريديات العاملات في القطاع 12٪. أما الفجوة الأعمق فتتمثل في نسب المشاركة المتدنية جدًا للحريديم (أقل من 10٪) وللعرب الفلسطينيين داخل أراضي الـ48 (أقل من 5٪).
كما يُظهر التقرير أن أغلب الشركات الناشئة الجديدة تتركز في مجالات مشبعة، مثل البرمجيات المؤسسية والتجارة الإلكترونية والأمن السيبراني، ما يقلل من فرص الابتكار ويزيد من هشاشة القطاع في مواجهة التحولات التكنولوجية العالمية.
"الهايتك" لم يعد محرّكًا للنمو
خلاصة التقرير تؤكد أن قطاع "الهايتك" الذي طالما تفاخرت به حكومات الاحتلال كـ"قاطرة للنمو"، يعاني اليوم من تراجع في الأداء، وركود في التوظيف، وانكماش في الابتكار. وهذه المؤشرات، إلى جانب هشاشة التركيبة الاجتماعية داخل الكيان، والانكشاف المتواصل أمام صدمات الحرب، ترسم صورة اقتصاد هشّ، لم يعد قادرًا على تعويض الفشل السياسي والعسكري العميق الذي يعيشه كيان الاحتلال.