اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ترجيحات بعقد تفاهمات أمنية بين سورية و"إسرائيل" في الأمم المتحدة

نقاط على الحروف

مجزرة بنت جبيل في لغة الإعلام المعادي: مجرّد خبر! 
نقاط على الحروف

مجزرة بنت جبيل في لغة الإعلام المعادي: مجرّد خبر! 

88

لو كان لثرى بنت جبيل أن ينطق اليوم، لوعَد والدة هادي وسيلان وسيلين شرارة بأن يكون حنونًا على أجسادهم الطريّة التي تحلّ اليوم فيه، لاعتذر من يديها اللتين لن تكونا بعد اليوم وسادة لرؤوسهم، لطمأنها إلى وجودهم قرب أبيهم الشهيد، ولتمنى لها مع ابنتها الناجية من المجزرة الشفاء العاجل.

لو كُتِب لتراب الجنوب أن يحدّث عمّا يحوي من وجوه وأسماء وحكايات وأحلام في ثناياه، لانتهت المواقيت قبل أن ينهي حديثه ويتمّ تلاوة أسماء الشهداء.. منذ العام ١٩٤٨، تاريخ زرع هذه الغدّة السرطانية في أرضنا، عرفنا معنى المجزرة، معنى أن يباغت العدوّ الآمنين ويمعن فيهم قتلًا، ومعنى ألّا خيار سوى المقاومة والصمود في وجه آلة القتل المسماة بـ"إسرائيل". منذ ١٩٤٨ وحتّى السّاعة، لم يتوقّف العدوّ عن ارتكاب المجازر، وربّما في كلّ قرية عاملية ستجد أثرًا لمجزرة. كلّ هذا ولم نعتد بعد، ولن نعتاد، فالاعتياد جريمة!

عصر يوم الأحد، أطلقت مسيّرات العدوّ صاروخين باتّجاه سيارة ودراجة نارية في بنت جبيل: استشهد كلّ من محمد مروّة وشادي شرارة وأولاده هادي وسيلان وسيلين ونقلت الوالدة مع ابنة جريحة إلى المستشفى. لحظة انتشار الخبر، يُخيّل لأي عاقل متحضّر أنّه من البديهيَ أن تتوقّف عجلة الحقد الإعلامية ولو لدقائق فقط، أقلّه على سبيل الذهول في حضرة المجزرة. للأسف، حتّى البديهيات الأخلاقية والإنسانية باتت غائبة تمامًا عن الخيانات المغلّفة بورق لمّاع يُدعى العمل الإعلامي: بدأت مؤسسات الصحافة المرهونة لعوكر بتمرير الخبر بشكل خجول، ولو سُمح لها بأن تذيّله باعتذار للسفارة تشرح فيه ضرورة تمرير الخبر على قاعدة نقل الأحداث فقط، كأن تُضطر إلى نقل خبر حدث وقع في زاوية منسية من العالم. ثمّ ما لبث هذا الإعلام أن تلقَّف بيان جيش العدوّ بلهفة، إذ قال إنّه يأسف لإصابة مدنيين. 

أمكن للقارىء وللمشاهد لحظتها أن يريا امتنان جريدة "نداء الوطن" للعدوّ على طيبته ورقّة قلبه إذ التفت إلى وجود عائلة استشهد وجُرح أفرادها داخل السيارة، ولولا الحياء لسارعت "النهار" لتكتب له مقالًا طويلًا تحت عنوان: "لا بأس، هوّن عليك! بتصير!". بدورها، نقلت mtv الفاجعة بشكل خبريّ سريع، سريع جدًا، بحيث إنّها تفرد وقتا أطول بكثير لمناقشة وتحليل فستان "فنانة" في إطلالة على مسرح! والأفظع من هذا كلّه، أن عمد هذا الإعلام إلى تجاهل استشهاد الشاب محمد مروّة، والتركيز حصرًا على "المدنيين"، على اعتبار أن الشهيد محمد محازب، والمحازب في صفوف المقاومة يستحقّ أن يُقتل بحسب معاييرهم المتصهينة. فلا إدانة لاغتياله ولا داعي لذكر الأمر أصلًا. بوقاحة بالغة، كادت هذه الألسن الملوّثة بالتعليمات العبرية أن تلوم الشهيد مروّة لأنّه مرّ بقرب عائلة، وتعاملت مع المسألة وكأنها على كامل الثقة بأن "الإسرائيلي" اضطرّ  إلى قصف السيارة مكرهًا، وأنّ صواريخه التي بعيون إعلامه هنا، لا تخطّىء أبدًا، قد أخطأت هذه المرّة، ولكنّه اعتذر إذ قال إنّه لم يتعمّد، واعتذاره في أروقة أدواته مقبول حتّى وإن لم ينطق به. باختصار تباكى البعض من هذا الإعلام على الأم الجريحة المفجوعة بزوجها وأطفالها. وتجاهل البعض الآخر وقع المجزرة، بل حاول طمس الخبر وكأنّه مجرّد حادث عرضي. وبين هذا وهذا، ذُهل الصهيوني من وفاء أبواقه هنا، وربّما وعدهم عبر عوكر أو بشكل مباشر بمكافأة ما. من يدري؟!.

الكلمات المفتاحية
مشاركة