مقالات مختارة

علي سرور - صحيفة الأخبار
في خضمّ الذكرى السنوية الأولى لعملية تفجير أجهزة البايجرز واللاسكلي في لبنان، عاد الحديث عن الحرب السيبرانية والتقنية التي تشنّها "إسرائيل" على شعوب المنطقة برمّتها.
أعيد تسليط الضوء عن وجود تطبيق يُعرف باسم AppCloud مثبّت مسبقًا على هواتف "سامسونغ" من فئتي "غالاكسي A وM" الشائعتين في أسواق غربي آسيا وشمالي إفريقيا. التطبيق الذي كشفت تقارير إعلامية متعددة علاقة "إسرائيل" به، لا يظهر كغيره من التطبيقات العادية في القائمة، كما لا يمكن حذفه، بل يُعدّ جزءًا من النظام نفسه.
وحتّى في حال تعطيله من الإعدادات، يعود في كثير من الأحيان بعد التحديثات الدورية. ولا يملك المستخدم وسيلة لإزالته كليًا إلا عبر عملية تعديل على برمجية الجهاز تُعرف بالـ"روت"، لكنّها تفتح الباب على مخاطر أخرى.
فتّش عن "تل أبيب"
وفقًا للتقارير الإعلامية الاستقصائية، من بينها تقرير لمنظّمة "سمكس" غير الربحية التي تُعنى بحقوق الإنسان في العالم الرقمي في منطقة غربي آسيا وشمالي إفريقيا، أظهرت التحقيقات أنّ ملكية التطبيق تعود إلى شركة ironSource التي تأسّست في تل أبيب وارتبط اسمها في السابق ببرمجيات دعائية مثيرة للجدل، من بينها برنامج InstallCore الذي ثبّت تطبيقات على أجهزة المستخدمين من دون إذن وتجاوز أنظمة الحماية. وقد واجهت الشركة دعاوى قضائية جماعية ضمن ما عُرف بـ"وادي التنزيل" "الإسرائيلي" بسبب اتهامات بتتبع الأطفال واستغلالهم في الألعاب الإلكترونية.
ورغم أنّ ironSource استحوذت عليها لاحقًا شركة "يونيتي" الأميركية، فإنّ إرثها في تطوير برمجيات خفية ما يزال حاضرًا، ويبدو أنّ AppCloud امتداد مباشر لهذا المسار.
بيانات حساسة بلا موافقة
تشير التقارير التقنية إلى أنّ التطبيق قادر على جمع بيانات واسعة تشمل عناوين الانترنت، والموقع الجغرافي، وأنماط الاستخدام، بل حتّى بيانات ذات طبيعة حيوية. الأخطر أنّ سياسة الخصوصية الخاصة به لا تُعرض للمستخدمين في المنطقة، ما يحرمهم من أي معرفة حقيقية بما يجري على أجهزتهم.
ويطرح وجود تطبيق ذي جذور "إسرائيلية" على أجهزة تُباع في المنطقة إشكالات قانونية مباشرة. في لبنان، يمنع قانون المقاطعة التعامل مع الشركات "الإسرائيلية" منذ عام 1955. وفي دول مثل السعودية والإمارات ومصر، تفرض قوانين حماية البيانات موافقةً صريحة قبل جمع أي معلومات شخصية. ولهذا يشكّل إدماج AppCloud بشكل إجباري داخل النظام من دون خيار إلغاء خرقًا للقوانين المرعية في الدول المستهدفة.
موقف "سامسونغ"
لم يصدر العملاق الكوري أي رد واضح حول التطبيق نفسه، واكتفت الشركة في وقت سابق بالتأكيد على أنّ "التطبيقات الخارجية المثبتة مسبقًا أمر معتاد"، مدّعيةً بأنّ المستخدم يستطيع تعطيلها من الإعدادات. لكنّ هذا الموقف لا يقدّم حلًا لمخاطر جمع البيانات، كما لا يتيح للمستخدمين الاطلاع على شروط الاستخدام أو طريقة الإزالة الكاملة.
من جهتهم، يصف خبراء تقنيون الوضع بأنه ابتزاز رقمي يُجبر المستخدم على القبول بتطبيق خفي يُهدّد خصوصيته، في وقت تهيمن فيه "سامسونغ" على حصة سوقية تقارب الثلث في المنطقة. القضية لا تتعلّق بتطبيق واحد فقط، بل تكشف واقعًا أوسع تُدمج فيه برمجيات خفية داخل الهواتف الذكية لتتحول من أدوات شخصية إلى منصات مراقبة متقدمة.