اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي هكذا كان الشمال أخًا للجنوب خلال العدوان على لبنان

مقالات مختارة

تصعيد برّاك: من ديبلوماسية الإقناع إلى نزع القناع
مقالات مختارة

تصعيد برّاك: من ديبلوماسية الإقناع إلى نزع القناع

31

عماد مرمل - صحيفة الجمهورية 

صعقت تصريحات الموفد الأميركي توم برّاك حول سلوك الدولة اللبنانية حيال سلاح «حزب الله» ونظرته إلى دور الجيش، المسؤولين الرسميين الذين فوجئوا باللهجة الحادة التي استخدمها في إطلالته الأخيرة وبنمط مقاربته للإمور، ما دفع البعض إلى القول في سرّه: «يا محلى مورغان أورتاغوس على رغم من «المذاق المرّ» لمواقفها أيضاً».

يبدو أنّ برّاك اختار أن يكون من الديبلوماسيين المثيرين للجدل وصنّاع الصدمات، ذلك انّه منذ أن تسلّم الملف اللبناني وهو يولّد العاصفة تلو الأخرى كلما مرّ في لبنان او تكلم عنه.

وبعدما كان قد هدّد سابقاً بإمكان ضمّ لبنان إلى بلاد الشام، إذا لم يتصرف بالطريقة المناسبة، ثم فجّر أزمة مع الإعلام عندما هاجم بقسوة الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري، ها هو برّاك يتهم الدولة بأنّها لم تفعل شيئاً في ملف سحب سلاح «حزب الله» سوى الكلام من دون أي عمل فعلي، ويقرّ بأنّ واشنطن لن تسلّح الجيش ليكون قادراً على الوقوف في وجه إسرائيل، ويؤكّد انّ الإحتلال لن ينسحب من النقاط الخمس، وأنّ بنيامين نتنياهو لا يهتم بالحدود ولا بالخطوط الحمر، ويلوّح بإمكان حصول مواجهة برية او توسيع النشاط داخل لبنان، ويعترف بأنّ السلام وهم، وأنّ المطروح هو أنّ هناك طرفاً يريد الهيمنة وطرفاً آخر عليه أن يخضع.

نزع برّاك بهذا الكلام كل الأقنعة ومساحيق التجميل عن وجه الديبلوماسية الأميركية، فظهرت بملامحها الفجّة والقاسية، التي أعادت طرح تساؤلات لدى عدد من الأوساط السياسية، حول جدوى الدور الأميركي وجدّيته، وهو الخصم والحكم في آن واحد.

بمعنى آخر، كشفت تصريحات برّاك، أنّ المشكلة الأساسية هي مع واشنطن قبل أن تكون مع تل ابيب، وسط «ذوبان» السياسة الأميركية في تلك الإسرائيلية ووحدة الأهداف بينهما، من لبنان إلى ساحات الإقليم.

وما فاقم وقع الصدمة على المسؤولين، هو أنّ برّاك ومورغان أورتاغوس كانا قد أشادا خلال زياراتهما السابقة لبيروت، خصوصاً بعد جلستي 5 و 7 آب الحكوميتين، بشجاعة السلطات اللبنانية وباتخاذها قرارات تاريخية. فما هي أسباب هذا «الذمّ والقدح» المفاجئين في حقها؟

وبينما كان بعض السلطة والسياسيين لا يزال يتصرّف مع الولايات المتحدة على أساس أنّها «وسيط» مفترض يمكن الإتكال عليه لتليين مواقف تل ابيب، تطوع برّاك بنفسه لنفي هذه الصفة عنها، حتى كاد يسبق الجانب الإسرائيلي ويتقدّم عليه في الضغط على لبنان.

والخطير في تصريحات برّاك الأخيرة، انّها ترافقت مع تلويح نتنياهو بتصعيد حروبه المتعددة الجبهات، عبر إعلانه عن أنّ «في استطاعتنا تدمير المحور الإيراني، وهذا ما ينتظرنا في العام المقبل الذي قد يكون تاريخيًا لأمن إسرائيل». (وفق التقويم اليهودي المختلف).

وهناك من يخشى أن يكون ما أدلى به برّاك إلى قناة «سكاي نيوز عربية» مؤشراً إلى غطاء أميركي جاهز لأي عدوان إسرائيلي واسع ومحتمل على لبنان، بذريعة أنّ الدولة أُعطيت مهلة كافية لنزع السلاح من دون أن تنجح في ذلك، وأنّ كيان الاحتلال سيتولّى إنجاز هذه المهمّة بنفسه.

وإذا كان البعض يأمل في أن لا تكون «لسعات» توم برّاك معبٍرة عن حقيقة الموقف الرسمي للإدارة الأميركية، الّا أنّ المواكبين لسلوك هذه الإدارة منذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، يعتبرون انّ ما صرّح به الموفد الأميركي ليس «خطأ مطبعياً»، بل يعكس في جوهره خيارات ترامب الخام» من دون أي تكرير.

في اختصار، يبدو أنّ برّاك انتقل في استراتيجيته من محاولة إقناع اللبنانيين بتطبيق أجندته كاملة، إلى نزع القناع كاملاً لرفع منسوب الضغط عليهم!

الكلمات المفتاحية
مشاركة