اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ندوات ومؤتمرات شعرية في ذكرى السيدين الشهيدين

نقاط على الحروف

اعتراض على
نقاط على الحروف

اعتراض على "إنارة" صخرة الروشة .. أم محاولة عزل المقاومة؟

311

تحولت فعالية عرض صورتَي السيدين الشهيدين على صخرة الروشة في بيروت إلى قضية جدلية مفتعلة، بفعل اعتراض بعض السياسيين على الأمر؛ لأنهم يعتبرون هذا الفضاء غير مخصَّص لأغراض "حزبية"، فيما أرادها حزب الله تكريماً للسيدين القائدين اللذين استشهدا في مواجهة مع العدو الإسرائيلي.

الواضح، أن الفريق المعترض الذي يصطفّ سياسياً في مواجهة المقاومة، ويتحالف مع قوى أخرى إقليمية ودولية تناهضها، يعمل في سياق إستراتيجية أوسع للتضييق على المقاومة ومحاولة عزلها طائفياً وجغرافياً. ونذكر مثلاً الحملة التي أطلقت بداية العام الجاري ضد تخصيص قطعة أرض مشتراة في نطاق بلدية برج البراجنة لدفن السيد الشهيد حسن نصر الله، وكانت حجة من يقف وراء الحملة، أن هذه البقعة تقع على طريق قريب من مطار بيروت الدولي، وأن اختيار المكان موجّه ضد السُنة والمسيحيين! ولم يُكتب لهذه الحملة أن تحقق نتيجة؛ لأنها انطلقت من افتراضات فئوية مكشوفة. ويبدو أن الفريق الاعتراضي يعيد الكرّة الآن، مدّعياً وجود "استفزاز لأهالي بيروت"، في عملية تضليل تهدف إلى تحويل ذكرى الشهيدين الكبيرين إلى مناسبة إشكالية، في سياق مسعى ممنهج لعزل المقاومة عن بقية المجتمع اللبناني وإضعاف حضورها وتمثيلها وإدانة دورها في مقاومة الاحتلال وإسناد الشعب الفلسطيني في مواجهة المذبحة الجارية.

والواضح أيضاً، أن صخرة الروشة لا تُعدّ فضاءً خاصاً بفريق سياسي، وإنما هي مساحة مشتركة يرتادها الجميع في مناسبات مختلفة. وقد استُعملت في إطار إحياء مناسبات وطنية لدول عربية من بينها السعودية مثلاً، لكنها لا تتسع كما يبدو لتحمّل مناسبة ذكرى قائدين شهيدين لبنانيين قضيا في مواجهة الهجمة الإرهابية الصهيونية!

في هذا المجال، من المفيد الإشارة إلى الآتي:

  1. انطلقت فعالية إحياء ذكرى السيدين الشهيدين على قاعدة الوفاء لتضحياتهما التي تُوِّجت بالشهادة. ولم يكن في بال القيّمين عليها إحداث مشكلة مع أحد، وتم التنسيق مع الجهات الرسمية المعنية في هذا الإطار. والفعالية محدّدة بوقت قصير وتقوم على إضاءة الصخرة بصورتي الشهيدين، وليس في ذلك أدنى ضرر لأحد.
  2. يتصرّف المعترضون على هذا النشاط من منطلق سياسي وليس من أساس قانوني، والدليل أنهم لم يتركوا للجهات المعنية القيام بدورها، وبادروا الى التحريض بعناوين فئوية. وإذا كانت الحسابات الانتخابية والسياسية القائمة على الاستقطاب الإعلامي هي الحاكمة في بعض الحالات، فهذا لا يبرر بأي حال جرّ البلد إلى فتنة ومشكلة، ما قد يشير إلى أن هؤلاء لا يبالون بتبعات هذا الموقف على المناخ العام في البلد. وقد يكسب هؤلاء تكتيكياً في مثل هذه الحالة، لكنهم يخسرون على المدى البعيد ثقة أهل بيروت الذين يميّزون بين من يبحث عن الإثارة والفتنة وبين من يعمل لمصلحتهم. وقد يسجل الفريق المناهض نقطة في شِباك المقاومة، لكنه يقدم فكرة واضحة بأنه لن يتوانى عن الاستقواء على المقاومة بكل الوسائل، وهذا ما قد يدفعها للتمسك أكثر بعقيدتها وسلاحها في مواجهة العدو.
  3. أسهم تدخّل رئيس الحكومة نواف سلام في الموضوع المثار، في تكريس تسييسه. وهو قد أضفى على المسألة بُعداً "حزبياً" و"سياسياً"، مشترطاً الحصول على ترخيص، في حين يفترض القانون إعطاء علم وخبر من جانب الجهة المنظِمة إلى محافظ بيروت. وكان يمكنه ترك الموضوع للمحافظ وبلدية بيروت وفقاً للأنظمة المرعية الإجراء، بدلاً من إنزال رئاسة الحكومة إلى هذا "المعترك". وعلى ذلك، كان بإمكان الرئيس سلام أن يتصرف كرئيس لحكومة كل لبنان، وأن يمسك العصا من الوسط، ويقلل من ضوضاء الموتورين الذين يجرّون لبنان إلى شغب يومي ومعارك جانبية، ويركز على احترام قواعد القانون. ويقدَّر أن استفزاز جمهور المقاومة في مناسبة عزيزة كهذه سيترك أثره في النظرة إلى دور الرئيس سلام، وسيزيد منسوب الشك في نظرته إلى دور المقاومة على الصعيد الوطني. وبالتالي، سيفوق الضرر المتوقع من طريقة التعامل مع هذا الموضوع أي مكسب جزئي؛ ذلك أن جمهور المقاومة سيتساءل: إذا كان هؤلاء لا يستطيعون تحمّل صورة ضوئية على صخرة بحرية لخمس دقائق، فكيف سيتحملون التعبير عن مسائل أكثر أهمية في الزمن المقبل؟
  4. يفصل حزب الله بين إقامة "فعالية" يريد تنظيمها لغاية تكريم من قضوا على درب مقاومة العدو، وبين الانخراط في "معركة" مجانية يريدها المعترضون في الداخل. لهذا، يسعى الحزب إلى الحفاظ على أهدافه ومبادئه وعدم تحويل المناسبة إلى مواجهة غير مبررة كان يرفضها السيدان الشهيدان في حياتهما.
  5. لم يطالب حزب الله بإعلان الحداد الوطني بمناسبة استشهاد قائده في معركة مع العدو، ولم يطالب بعطلة رسمية أو أي نشاط رسمي، كما يجري الحال مع شخصيات أخرى. وإنما جُلّ ما يطلبه احترام "الشركاء" في الوطن لمشاعر مؤيدي المقاومة الذين يستذكرون المناسبة بالألم والتحدي للعدو، في وقت يواصل الاحتلال عدوانه اليومي على لبنان.
  6. مجرد الادعاء بأن فعالية بصرية على صخرة في البحر، ولمدة نصف ساعة هو "استفزاز لأهالي بيروت"، يُعدّ تلاعباً خطيراً بوعي الجمهور اللبناني. فالعاصمة تتشكل من أطياف عدة سياسية وطائفية، وليس من طيف واحد. وبالتالي، فالقول بأن مجموع أهالي بيروت يتحسسون من الفعالية المعروضة هو كلام يشطب من الحساب جمهوراً بيروتياً كبيراً يعبّر عن نفسه في الانتخابات البلدية والنيابية إلى جانب المقاومة، فضلاً عما في هذا الكلام من مبالغة غير بريئة.

سيكتشف الجميع، أن إقامة نشاط في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الأمين العام لحزب الله على صخرة الروشة لا يشكل إيذاء لمشاعر أحد، وأن كل ما أثير بهذا الشأن بصورة مفتعلة لا يساوي الحبر والهواء الذي صُرف على هذه الحملة الجديدة ضد ذكراه وذِكره. لكن يتضح مرة بعد أخرى أن هذا الرجل يتسبب بإزعاج ورعب ليس للعدو الصهيوني فقط، وإنما أيضاً لجهات داخلية تنشد المصالحة مع العدو وتودّ دفن أي ذكر للقائد الذي وقف في وجه غطرسة الاحتلال ومشاريعه التوسعية لأكثر من ثلاثة عقود.

الكلمات المفتاحية
مشاركة