إيران

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت (27 أيلول/سبتمبر 2025) بالذكرة السنوية الأولى لشهادة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله حيث خصصت بعض الصحف ملفاتها الخاصة بالسيد نصر الله والمقاومة، واهتمت أيضًا بالوضع الداخلي الإيراني والدولي المرتبط بالصراع المستمر أمام محاولات الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية فرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
المقاومة والهوية السياسية في لبنان
بداية، كتبت صحيفة وطن أمروز: "منذ تولي السيد حسن نصر الله منصب الأمين العام لحزب الله في أوائل التسعينيات، لم يبرز كقائد سياسي فحسب، بل كراوي لتجربة جماعية للمقاومة والهوية في لبنان والمنطقة.
كانت خطاباته، أكثر من مجرد تكتيكات سياسية أو رسائل استراتيجية، سرديات للحياة الواقعية لأولئك الذين، في ظل الحرب والحصار والأزمات المتعددة، اختبروا هويتهم بطريقة يومية ومعاشية.
بهذا المعنى، كان فن الخطابة لدى نصر الله أكثر من مجرد أسلوب بلاغة أو فن سياسي، بل وسيلة لترسيخ هوية جماعية؛ هوية متجذرة في سرد سياسي للإسلام؛ سرد إسلامي يعطي، من منظور ديني، معنى للتجربة المعاشة لجمهوره كأعضاء في وحدة سياسية مشتركة.
هذا ما يمكننا استخدامه لدراسة فكرة المقاومة في جميع أنحاء منطقة غرب آسيا. من أبرز سمات الخطابة الخاصة التي نعرف بها السيد حسن نصر الله، الربط المستمر الذي أقامه خطاب نصر الله بين السرديات الشخصية والجماعية. ففي خطاب نصر الله، لم يختبر المستمع نفسه كمستمع سلبي فحسب، بل كشريك شارك في بناء تجربة مشتركة مع المتحدث والآخرين الذين كانوا، بطريقة ما، مخاطبيه. وبهذا المعنى، دعا خطاب نصر الله المخاطب إلى الفعل، سواء في نطاق المعنى أو في نطاق الحياة الواقعية. وبهذه الطريقة، فتح خطاب نصر الله آفاقًا جديدة من التشارك والتشارك لجمهوره. لقد وفر مجالًا مشتركًا يربط جمهور الرسالة ببعضهم البعض من خلال رابطة سياسية مشتركة.
في هذا المجال الخطابي، ظهر جمهور الرسالة كأفراد شاركوا في نوع من التجربة التاريخية لكونهم أمة. وبهذا المعنى، كانت خطابات نصر الله أكثر من مجرد تقارير مثيرة من قائد في الميدان إلى مقاتليه. عندما تحدث عن المقاومة ضد الكيان الصهيوني، لم يركز فقط على العمليات العسكرية أو سياسات الحكومة اللبنانية، بل رسم صورةً عن الناس الذين عاشوا، في أحياء جنوب لبنان، وفي مخيمات اللاجئين، وبين عائلاتهم وأطفالهم، حياة المقاومة ومصداقيتها يوميًا. وهكذا، تجاوز خطاب نصر الله مجرد رسالة سياسية، ليصبح بمثابة تجربة معاشة مشتركة".
دافعوا عن مصالحكم الوطنية
بدورها، كتبت صحيفة كيهان: "عندما يُداس على جميع خطوات حسن النية الإيرانية من قبل الغرب، وعندما يُقابل التزام إيران السخي بالدبلوماسية بالجحود والغطرسة من قبل العدو، وعندما تسعى الولايات المتحدة وأوروبا، بدلاً من احترام حقوق الشعب الإيراني، إلى فرض مطالبهما، فما الداعي للشك في أن العدو لا يسعى إلى اتفاق، بل إلى الابتزاز والضعف؟
[...] عشر سنوات من الأسر في حفرة خطة العمل الشاملة المشتركة إن الفئة التي حاصرت البلاد في خطة العمل الشاملة المشتركة، اليوم، بدلاً من الاعتراف بخطئها التاريخي، تواصل الادعاء بلفتة العقلانية الدبلوماسية بأنه لا يوجد مخرج سوى التفاوض وبناء الثقة.
هذه الفئة، التي أسرت لمدة عشر سنوات كامل قدرة البلاد لاتفاقية لم ترفع العقوبات ولم تمنع الحرب، اليوم، بكل وقاحة وبالمضي قدمًا، تتهم مخالفيها مرة أخرى بعدم معرفة العلاقات الدولية. وعلى الرغم من الاعتراف بخرق الغربيين للوعد وعدم جدوى الاتفاق معهم قبل 22 عامًا، إلا أن هذه الجماعة لم تتعلم درسًا من إخفاقاتها ولن تتعلم أبدًا.
لكن الحقيقة هي أنها لم تكن على دراية حتى بأبجديات الدبلوماسية. الدبلوماسية تعني معرفة الطرف الآخر بدقة، والقدرة على فهم منطق العدو، والقدرة على إدارة لعبة القوة. ما أظهره لنا الاتفاق النووي لم يكن سوى سذاجة وتسرع وغياب للرؤية الاستراتيجية في هذا المجال. والنتيجة واضحة: ضاعت عشر سنوات، وتآكلت القوة الاقتصادية للبلاد، ولم يتراجع العدو فحسب، بل ازداد جرأة. وفي النهاية، فُرضت المزيد من العقوبات والحرب على البلاد".
الاستكبار والازدواجية والمقاومة
هذا، وكتبت صحيفة رسالت: "حضر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليس فقط للتعبير عن موقفه، ولكن لفضح البنى العالمية التي تعزز القمع والتمييز تحت ستار العدالة والسلام.
خطاب مسعود بزشكيان هو إحدى تلك الخطوات الواعية التي تحمل صرخة الحقيقة إلى تجمع القوى. في ذلك الخطاب، صرخت إيران بمقاومتها ضد العدوان وانتهاكات القانون الدولي والمعايير المزدوجة والضغوط الاقتصادية والأمنية، وأظهرت أنها لن تنحني تحت هيمنة أي قوة قمعية.
كان هذا الخطاب مهمًا من عدة جوانب:
1. إظهار أن المقاومة الأخلاقية يمكن أن يكون لها صوت، حتى في المحافل العالمية.
2. رسم وجه التناقض بين ادعاءات حقوق الإنسان الغربية وتطبيقها العملي.
3. التأكيد على أن القمع المستمر لا ينبغي أن يصبح أمرًا طبيعيًا ويجب الرد عليه في كل مرة كجرح نشط.
ولكن في مواجهة هذا الصوت المستكبر، يجب أيضًا انتقاد مزاج القوى الغربية والترويكا الأوروبية - أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا. هذه الدول، التي تدّعي دائمًا حقوق الإنسان والسلام، تقف في الواقع صفًا واحدًا مع حلفاء الولايات المتحدة، وتستخدم آليات مثل سناب باك (إعادة العقوبات) سعيًا لإضعاف أسس مقاومة هذه الدول. وكما قال عراقتشي، فإن تفعيل الدول الأوروبية لسناب باك يفتقر إلى الشرعية القانونية، وهو دليل على دعمها لسياسة الضغط الأمريكية أكثر من التزامها بالقانون الدولي.
هذه المواجهة ليست مجرد نزاع سياسي أو دبلوماسي؛ إنها معركة حضارية: نزاع بين الإيمان والقوة، بين الأخلاق العالمية والاستكبار. إذا كانت الدول الغربية تدّعي أن العدالة وحقوق الإنسان والسلام قيم عالمية، فلماذا تلجأ بسرعة إلى العقوبات والتهديدات والضغوط عندما تتعرض دولة مثل إيران للضغط؟ لماذا لا تسمح ببلورة دبلوماسية حقيقية؟ لماذا تواجه بالمبالغة والتهديدات عندما تقول إيران أو دول مستقلة أخرى: لدينا الحق في امتلاك حقوق نووية في إطار المعاهدات الدولية؟
لا ينبغي لإيران أن تقف في موقف المساءلة في الاجتماعات العالمية فحسب؛ يجب أن تنقل رسالتها إلى العالم بنشاط، وتبني حلفائها، وتغزو وسائل الإعلام العالمية، وتُظهر أن المقاومة لا تتجذر في المبالغة، بل في المنطق القانوني والأخلاقي والتاريخي.
من المناسب النظر في عدة استراتيجيات لتعزيز هذه المقاومة عمليًا:
1. دبلوماسية عامة وإعلامية واسعة النطاق: ترجمة دقيقة للخطابات، وتوزيعها بلغات مختلفة، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي العالمية ووسائل الإعلام الدولية لنقل رسالة إيران إلى جمهور عالمي.
2. التقارب الإقليمي والإسلامي: ليس فقط في البيانات، ولكن أيضًا في المشاريع الدفاعية والطاقة والعلمية والاقتصادية المشتركة مع دول المنطقة الإسلامية، بحيث يتم تشكيل دائرة دعم حقيقية.
3. صنع سياسات محلية قوية وشفافة: إذا رأى الشعب والنخب أن أداء الحكومة شفاف، فسيشعرون بإحساس بالمشاركة، وستتعزز المقاومة الوطنية؛ الفساد والتسويف وانعدام المساءلة سيودي بحياة المقاومة.
4. تعزيز البنية التحتية العلمية والتكنولوجية والسلمية النووية: إظهار أنه على الرغم من الضغوط فإن إيران لن تتراجع عن طريق التقدم، بل إن العقوبات ستصبح ذريعة للنمو المحلي.
في نهاية المطاف، تُعدّ الخطابات والإدانات مهمة، لكنّ الفعالية تُصبح ذات معنى عندما تُترجم إلى برامج وأفعال؛ عندما تتمتع الدولة بمصداقية عملية على أرض الواقع، لا مجرد ادعاءات. حينها، يُدرك الاستكبار العالمي أن القوة والقمع والضغط لا تُفشل أخلاقيًا فحسب، بل تُؤدي أيضًا إلى نتائج عكسية فيما يتعلق بواقع القوة."