فلسطين
أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان أن المقاومة في لبنان شكّلت ركيزة أساسية في إسناد قطاع غزّة منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، مشددًا على أن اغتيال قادتها، وفي مقدّمهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لم ينجح في كسرها أو إضعاف دورها، بل عزّز خيار المواجهة والاستمرار.
وفي مقابلة تلفزيونية، قال حمدان، إن المقاومة في لبنان دخلت على خط الإسناد "في اليوم التالي مباشرة لطوفان الأقصى"، واستمرت في هذا الدور رغم اتساع العدوان "الإسرائيلي" على الأراضي اللبنانية، مؤكدًا أن هذا الإسناد كان واضحًا ومؤثرًا وأسهم في توسيع دائرة الاشتباك مع العدو.
وأشار إلى أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه في لبنان، كما فشل في غزّة، رغم اعتماده سياسة الاغتيالات واستهداف القيادات، معتبرًا أن اغتيال السيد حسن نصر الله "لم يحقق للعدو ما كان يريده"، إذ بقيت المقاومة متماسكة وقائمة، وواصلت أداءها العسكري والسياسي.
وأوضح حمدان أن لسيد شهداء الأمة؛ سماحة السيد حسن نصر الله بصمة تتجاوز لبنان إلى مجمل مسار المقاومة في المنطقة، لافتًا إلى أن قراره الاشتباك مع العدوّ حمل ثلاث رسائل أساسية: أن الشعب الفلسطيني ليس وحيدًا في الميدان، وأن المعركة مع الاحتلال لا تحتمل التردّد، وأن المقاومة مستعدة لدفع أثمان كبيرة، بما في ذلك ارتقاء قادتها شهداء.
وأكد أن ارتقاء القيادات لا يُضعف قوى المقاومة، بل يضاعف مسؤولياتها، ويزيد من إصرارها على مواصلة الطريق حتّى تحقيق الأهداف، مشددًا على أن "دماء القادة الشهداء تحولت إلى عامل قوة واستمرارية".
ووضع حمدان الدور اللبناني في إطار وحدة الساحات، مبيّنا أن ما جرى منذ طوفان الأقصى أثبت أن هذه الوحدة لم تعد شعارًا سياسيًا، بل واقعًا ميدانيًا قابلًا للتطور والتوسع. وقال إن الاحتلال يدرك خطورة هذه الوحدة، ولذلك سعى إلى توسيع عدوانه على لبنان، لكنّه اصطدم بقدرة المقاومة على الصمود والرد، ما عزّز القناعة بأن الكيان الصهيوني عاجز عن إدارة حرب طويلة أو حسم المواجهة على أكثر من جبهة.
وحذّر حمدان من أن الضغوط المتزايدة على سلاح المقاومة في لبنان ليست مسألة لبنانية داخلية، بل جزء من مشروع أميركي-صهيوني أوسع يستهدف نزع سلاح قوى المقاومة في المنطقة، بهدف ضمان التفوق "الإسرائيلي" وفتح الطريق أمام ما يُعرف بـ"إسرائيل الكبرى".
وأكد أن تجربة لبنان أثبتت أن سلاح المقاومة هو عنصر حماية وسيادة، وليس عبئًا، مشيرًا إلى أن الاحتلال فشل في إخضاع لبنان أو فرض شروطه عليه بفضل هذا السلاح.
وأشار حمدان إلى أن العدوان على لبنان يحمل رسائل تتجاوز حدوده، ويهدف إلى كسر إرادة محور المقاومة بأكمله، لكنّه اعتبر أن النتائج جاءت معاكسة، إذ تعزز التنسيق بين ساحات المقاومة، وازداد الاقتناع بأن المواجهة مع الاحتلال واحدة، وإن اختلفت أدواتها وساحاتها.
وختم حمدان بالتأكيد على أن لبنان سيبقى ساحة أساسية في معادلة الصراع مع العدو، وأن المقاومة اللبنانية أثبتت قدرتها على الصمود وحماية خياراتها، معتبرًا أن ما جرى منذ طوفان الأقصى رسّخ معادلة جديدة عنوانها أن أي عدوان على غزّة أو فلسطين لن يبقى محصورًا في ساحة واحدة.
كذلك أكد حمدان أن عملية طوفان الأقصى شكّلت محطة مفصلية كشفت عجز الكيان الصهيوني عن حماية نفسه، وأسقطت أوهام تفوقه وقدرته على فرض هيمنته في المنطقة، مثمّنًا في الوقت نفسه الإسناد الذي يقدمه الشعب اليمني دعمًا لغزّة والمقاومة الفلسطينية.
وثمن حمدان: " موقف اليمن الذي كان وسيظل عنوان دعم للأمة في قضاياها، وفي قضيتها المركزية فلسطين"، مشيدًا بالجهود الكبيرة والتضحيات التي بذلها اليمنيون دعمًا للمقاومة، رغم بعد المسافة الجغرافية والضغوط والاعتداءات التي تعرضوا لها.
وأوضح أن "المشروع الصهيوني في المنطقة، وإن كان يستهدف فلسطين مباشرة، إلا أنه يستهدف الأمة بأكملها وأن طوفان الأقصى كشف هذه الحقيقة بوضوح، وأظهر هشاشة الكيان الصهيوني وحاجته الدائمة إلى دعم خارجي، ولا سيما أميركي، للبقاء".
وفي ما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة، شدد حمدان على أن الانتقال إلى المرحلة الثانية لا يمكن أن يتم قبل استكمال التزامات المرحلة الأولى، مؤكدًا أن العدوّ الصهيوني يواصل الخروقات والاعتداءات، ولا يلتزم بتعهداته، سواء على صعيد وقف النار أو الانسحاب أو إدخال المساعدات.
وأوضح أن المرحلة الأولى شملت أربعة عناوين أساسية، أبرزها وقف الحرب، وتبادل الأسرى، وإدخال المساعدات، والانسحاب إلى الخط المتفق عليه، مشيرًا إلى أن الاحتلال ما زال يخرق هذه البنود، ولا سيما في ما يتعلق بالاعتداءات الميدانية وتعطيل الإغاثة الإنسانية.
وأكد أن حماس ترى أن المرحلة الثانية يجب أن تتضمن ضمانات أكثر وضوحًا، والتزامات أكثر تفصيلًا، وجداول زمنية محدّدة للتنفيذ"، لافتًا إلى أن العدوّ لا يرغب فعليًا بالانتقال إليها؛ لأنها تعنب انسحابًا كاملًا من قطاع غزّة وبقاء المقاومة على الأرض.
وشدد حمدان على أن موقف المقاومة والفصائل الفلسطينية واضح في رفض أي وصاية خارجية على قطاع غزّة، أو أي تدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي، مؤكدًا أن فكرة نزع سلاح المقاومة مرفوضة رفضًا قاطعًا.
وقال: إن "سلاح المقاومة سبب وجوده هو الاحتلال، وإنه سيبقى ما دام الاحتلال قائمًا، مشيرًا إلى وجود "إجماع وطني فلسطيني على هذا الموقف، جرى التأكيد عليه خلال لقاءات الفصائل الفلسطينية وإبلاغه للوسطاء".
وحذّر من أن طرح نزع السلاح لا يقتصر على فلسطين، بل يندرج في إطار مشروع أميركي أوسع يسعى إلى نزع سلاح قوى ودول المنطقة، بهدف ضمان التفوق العسكري الصهيوني وفتح الطريق أمام ما يسمّى "إسرائيل" الكبرى".
وفي ما يخص الوضع الإنساني في قطاع غزّة، أكد حمدان أن" استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات يشكّل مؤشرًا واضحًا على نية العدوّ العودة إلى العدوان وأن استخدام الحصار والتجويع أداةَ ضغط يمثل جريمة حرب وفق القانون الدولي".
وأوضح أن منع الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني، بل يزيد من حالة العداء تجاه الكيان الصهيوني، ويعزز التفاف الشعب حول المقاومة، مشيرًا إلى أن محاولات الاحتلال استغلال الملف الإنساني لتحقيق أهداف سياسية أو أمنية فشلت.
وأكد حمدان أن عامين من الحرب والعدوان لم ينجحا في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين بقوا صامدين في أرضهم ومتمسكين بمقاومتهم رغم حجم الدمار والخسائر البشرية.
ولفت إلى أن الاحتلال فشل في تحقيق حسم عسكري، وأنه بات كيانًا هشًا يعتمد على الدعم الخارجي، في حين أثبتت المقاومة قدرتها على الاستمرار، وأن طوفان الأقصى فتح، باب التحرير ومرحلة جديدة من الاشتباك مع الاحتلال.