خاص العهد
في خضم التطورات المتسارعة التي عصفت بلبنان خلال معركة الإسناد لغزة وصولًا لمعركة أولي البأس، اختار المخرج الإيراني محسن إسلام زاده أن يسجّل بالكاميرا وقائع الحرب والدم، وأن يُصوّر الأسئلة التي لم تُطرح بعد: هل كانت هذه الحرب تستحق؟ وما ثمن الدخول فيها؟
هكذا وُلد الوثائقي " في ظل أم كامل"، الذي حمل في طياته تجربة بحث ميداني عميق، استغرق 30 يومًا من التصوير المكثف في مختلف المناطق اللبنانية، ليكون العمل بمثابة شهادة حية من الداخل، موثّقة بالصوت والصورة، ومحاطة بالرأي والتحليل، لا بل بالوجدان.
بعد "تفجير البيجرات".. إلى لبنان فورًا
في تصريح لموقع "العهد" الإخباري، قال المخرج محسن إسلام زاده: "جرى تصوير وثائقي "في ظل أم كامل" قبل عام وعشرة أيام من اليوم، وتحديدًا بعد حادثة تفجير البيجرات مباشرة. شعرتُ حينها أن لبنان مقبل على تطورات كبيرة، خاصة مع تصاعد القصف الجوي الصهيوني وازدياد التهديدات بالهجوم البري، التي تزامنت مع استشهاد القائد الجهادي الكبير إبراهيم عقيل".
وأوضح: "قررت السفر فورًا إلى لبنان، وبدأت التصوير في ظلّ هذا المناخ المتفجر. كان الهدف من الفيلم محاولة الإجابة عن سؤال كبير شغلني: هل كانت هذه الحرب -حرب الإسناد- تستحق الدخول فيها؟ رغم الخسائر في الأرواح والممتلكات والنفقات الهائلة التي تكبدها لبنان؟".
من الجنوب إلى طرابلس.. بحثًا عن الحقيقة
لم يكن العمل الوثائقي محصورًا بجغرافيا واحدة، بل توسع ليشمل مشاهد ميدانية وآراء متعددة من مختلف المناطق والطوائف والانتماءات السياسية.
يروي إسلام زاده: "ذهبت إلى الجنوب، ثم إلى الشمال، أجريت مقابلات في طرابلس مع شخصيات متنوعة، مسيحيين وسنة، وفاعليات سياسية وإعلامية. تواصلت مع المحامية بشرى الخليل، السيد إيهاب نافع، الإعلاميتين سحر غدار وغدي فرنسيس، ومسؤول حركة فتح في شمال لبنان، وغيرهم من أصوات تمثل أطيافًا متباينة".
ويضيف: "حتى الذين هاجروا من الجنوب إلى الشمال تحدثوا أمام عدسة الكاميرا، وعبّروا عن مواقفهم. كنتُ أبحث عن أجوبة صادقة، تمثّل الشعب اللبناني كما هو، بمؤيديه ومعارضيه، الملتزمين بخيار المقاومة والمنتقدين له. وأعتقد أنني استطعت أن أقدّم وثائقيًا متوازنًا يحترم التعدد في الرأي".
الشهادة من ساحة الارتقاء
ويتابع المخرج الإيراني قائلاً: "في لحظة مفصلية، كنت من أوائل من وصلوا إلى مكان استشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وهناك أرسلت تقريرًا مباشرًا إلى التلفزيون الإيراني في طهران"، مشيرًا إلى أن الوثائقي تأثر بتسلسل الأحداث المتسارع، من استشهاد القادة، إلى الهجوم البري، وما تبعه من دمار واسع.
ثلاث لغات و85 دقيقة من التوثيق
حول تفاصيل العمل الفني والتقني، أشار إسلام زاده إلى أن "مدة الوثائقي 85 دقيقة، وشارك في عمليات المونتاج والموسيقى التصويرية فريق محترف من إيران. وقد أُنتجت ثلاث نسخ من العمل باللغات الفارسية والعربية والإنكليزية، وكان العرض الأول له في بيروت، ثم في طهران، ومنها إلى الظهران وعدد من الدول".
ويختم إسلام زاده حديثه مع موقعنا بالقول: "آمل أن يصل هذا العمل إلى أوسع شريحة من الجمهور لأن ما وثقناه ليس مجرد حدث، بل مرحلة فاصلة من التاريخ اللبناني والمقاوم، سُجّلت كما رآها الناس على الأرض بعيدًا عن الدعاية وبأدوات الحقيقة".