عين على العدو

رأى الكاتب السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيحتفل اليوم في زيارته لـ"إسرائيل" باتفاق إطلاق النار بعد عامين من حرب دامية انتهت بالتعادل السلبي"، على حدّ تعبيره، مضيفًا أن "ترامب لم يُجدّد شيئًا. فمنذ عام 1948، تدخّل القادة الأميركيون مرارًا لوقف طموحات "إسرائيل" العسكرية وفرضوا عليها اتفاقات لوقف النار. هذا ما فعلوه مع دافيد بن غوريون، وهذا ما يفعلونه اليوم مع بنيامين نتنياهو".
وفق ألون بن، القاعدة بسيطة وواضحة: الولايات المتحدة لا تُبدي اهتمامًا كبيرًا عندما تُلحق "إسرائيل" الأذى بالفلسطينيين، لكنّها لا تسمح لها بتعريض المصالح الإقليمية أو العالمية الأميركية للخطر، ولا بفرض سياساتها الخاصة في الشرق الأوسط. وما إن تلاحظ واشنطن أنّ حليفتها الصغيرة تجاوزت الحجم المخصّص لها، حتّى تقول لها "كفى"، فيضطر قادة "إسرائيل" إلى التراجع عن وعودهم بالبطولة وإنجازاتهم العسكرية المزعومة.
الكاتب ذكّر بأنه في الأسبوع الأخير من عام 1948، اجتاح الجيش "الإسرائيلي" شبه جزيرة سيناء بهدف تطويق ما تبقّى من القوات المصرية في الأراضي الفلسطينية، وعندها وصلت إلى السفير الأميركي في "تل أبيب"، جيمس ماكدونالد، برقية عاجلة من البيت الأبيض تطالب الإسرائيليين بوقف تقدمهم والانسحاب من الأراضي المصرية، غادر حفلًا كان يحضره لدى وزير المالية إليعزر كابلان، وأسرع إلى طبريا لإجراء محادثة عاجلة مع دافيد بن غوريون. الأخير فهم الرسالة فورًا، وأصدر أوامره للجيش بالتراجع.
وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عن "إسرائيل" من خطر الإبادة، لكنّها لا تسمح لها بتقرير من يحكم الشرق الأوسط. وبالروح نفسها، فرض ترامب على نتنياهو الاعتراف بحكم أحمد الشرع - الجولاني، ووقف هجماته على منشآته ورجاله.
بحسب ألون بن، الآن جاء دور غزّة. المجزرة والدمار اللذان أحدثتهما "إسرائيل" في القطاع لم يثيرا اهتمام دونالد ترامب كثيرًا، إلى أن هاجم نتنياهو قطر. في تلك اللحظة تغيّر الاتّجاه، فالمساس بدولة اشترت له الطائرة الرئاسية وتستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط تجاوز حدود حرية الحركة التي تمنحها واشنطن لـ"إسرائيل". ومنذ تلك اللحظة بدأ العدّ التنازلي نحو وقف إطلاق النار الذي فُرض على نتنياهو. ترامب لم يُعر أي اهتمام لادعاءات رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بأنه "غيّر وجه الشرق الأوسط".
وتوقّع ألون بن أن يتضمّن مشهد ترامب ونتنياهو في الكواليس موضوع وقف المساعدات العسكرية الأميركية لـ"إسرائيل"، لافتًا إلى أن نتنياهو يدرك أن المنحة الأميركية باتت تُعتبر اليوم عبئًا سامًّا في الساحة السياسية في واشنطن لدى الديمقراطيين، وبشكل متزايد أيضًا بين الجمهوريين، وأوضح أن التحدّي الحقيقي سيكون تقليص حجم المساعدات تدريجيًا دون فقدانها بالكامل، وحتمًا ليس قبل الانتخابات.