لبنان

تخليدًا للدماء الزاكية، وفي الذكرى السنوية الأولى لارتقاء شهداء بلدة مزرعة مشرف، أحيا حزب الله الاحتفال التكريمي في النادي الحسيني للبلدة، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين جشي، إلى جانب عوائل الشهداء، وعلماء دين، وفعاليات، وشخصيات، وحشود من البلدة والقرى المجاورة.
استهل الاحتفال بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم، ثم ألقى النائب جشي كلمةً أكد من خلالها أن العدو الصهيوني، رغم كل ما استخدمه من تقنياتٍ متطورة وحربٍ إلكترونية وذكاءٍ اصطناعي خلال المواجهة الأخيرة، فشل في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية، مشدّدًا على أن المقاومة حققت انتصارها بإفشال أهداف العدو وإسقاط مشروعه.
وقال النائب جشي: "هناك أمر شُغِل عليه كثيرًا منذ معركة أولي البأس إلى اليوم، وهو كيّ الوعي، يعني اكذب حتى يصدقك الناس، من قبيل كلام أن المقاومة هُزمت والمقاومة لا حول لها ولا قوة وليس بيدكم شيء ولا بيدكم حيلة فلتسلموا السلاح. نعم، نحن لا ننكر أن العدو الصهيوني نجح في الحرب عبر التقنيات والحرب الإلكترونية والذكاء الاصطناعي واستطاع أن يقتل سماحة الأمين العام وسماحة الأمين العام الهاشمي والكثير من القادة والكثير من الشهداء، هو نجح على المستوى التقني، استطاع الخرق تقنيًا وأن يصل إلى الأهداف التي يريدها أول عشرة أيام وهذا معروف، لكن رغم هذا القتل والدمار والوحشية التي مارسها العدو، هل استطاع العدو أن يحقق ما يريد؟".
وأضاف: "عادةً في أي حرب، في أي معركة بين فريقين، لكل فريق هدف من المواجهة، فالذي يحقق الهدف هو الذي ينتصر، والذي لا يحقق الهدف يخسر. إذًا من خسر ومن ربح؟ لتقريب الفكرة، مثلاً في فيتنام، في المواجهة مع الأميركيين، الفيتناميون قدموا بحدود ثلاثة ملايين إلى أربعة ملايين شخص، والأميركي قدم سبعين ألفًا حسب الإحصاءات، الفيتناميون أرادوا أن يتحرروا من الأميركي، والأميركي اضطر إلى الخروج بعد سنوات من فيتنام، وخسر سبعين ألفًا وخرج. هنا الفيتناميون بالتأكيد خسروا ولكنهم حققوا الهدف الذي يريدونه. مثال آخر الجزائر، الاستعمار الفرنسي أكثر من مئة سنة بقي في الجزائر، دائمًا كان هناك مواجهات مع الفرنسيين، مواجهة الجزائر الأخيرة مع الفرنسيين في حرب الاستقلال، عندما كان الجزائريون يسعون للاستقلال، كلفت ثورتهم مليون شهيد، الفرنسي خسر حوالى 30 ألفًا، إلا أن الجزائر نالت الاستقلال، والفرنسي خسر الجنود وخرج من الجزائر، فمن الذي حقق الهدف؟ إذًا الذي يحقق الهدف من المواجهة هو المنتصر، أما من لا يحقق الهدف فهو الطرف الخاسر".
وتابع جشي قائلاً: "العدو الإسرائيلي دخل إلى لبنان في العام 1982 من أجل الاحتلال وإنشاء مستوطنات، ولكي يفرض شروطًا أمنية على لبنان. خسر الكثير من الجنود "الإسرائيليين"، وقدّمنا شهداء، فما الذي حققه "الإسرائيلي" بعد 18 سنة أي عام 2000؟ تحمّل كل الخسائر وخرج مهزومًا، بينما المقاومة تحمّلت الخسائر ولكنها حققت الهدف وهو التحرير. فلذلك، العدو "الإسرائيلي" عندما شنّ الحرب في الثالث والعشرين من أيلول كانت لديه أهداف محددة، أربعة أهداف معلنة، وكان عندهم أهداف أبعد ولكنهم لا يعلنونها كي لا ينفضح أمر هزيمتهم. وكانت الأهداف الأربعة هي القضاء على المقاومة، وإعادة المستوطنين بالقوة، وإقامة حزام أمني، وبناء شرق أوسط جديد".
وتابع جشي "لكن رغم كل ما حصل ورغم كل التدمير ورغم كل القتل، من الذي جاء وطلب وقف إطلاق النار؟ أتى طبعًا الأميركي و"الإسرائيلي". طيب، إذا كان "الإسرائيلي" هو من ربح المعركة، لماذا يطلب وقف إطلاق نار؟ وإذا كان "الإسرائيلي" هو من ربح فلماذا يوافق على وقف إطلاق النار؟ الأمر الثاني، إذا كان قد انتصر على المقاومة، لماذا لم يُكمل إلى بيروت؟ ولماذا لم يُقم شرق أوسط جديدًا؟ ولماذا لم يقضِ على المقاومة؟ وإذا كان العدو "الإسرائيلي" قد انتصر، لماذا يُرسل الوفود لطلب نزع سلاح المقاومة؟ إذا كانوا انتصروا، لماذا لم يأخذوا السلاح منذ البداية؟ وبعد كل ذلك، وبكل وقاحة، يطلبون منا نزع السلاح الذي يهدد أمن "إسرائيل"، فإذا كان معنا سلاح يهدد أمن "إسرائيل"، لماذا تركتموه بأيدينا إذا كنتم قد انتصرتم؟".
وأردف النائب جشي: "أما نحن، فما كان هدفنا من الحرب؟ أتذكرون عندما قال شهيدنا الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله إنّ هذه المواجهة في حرب الإسناد ليست من أجل تحرير فلسطين، إنما من أجل إفشال أهداف العدو، لأن هدف العدو كان إسقاط حماس ثم إسقاطنا، فإذا كان العدو لم يستطع أن يحقق أهدافه، ونحن حققنا أهدافنا، فمن انتصر؟ إذا كانوا يظنون أنهم بقتل القادة وبقتل المجاهدين وبقتل بعض الشهداء أنهم انتصروا، فقد قتلوا الشيخ راغب حرب عندما كانت إمكانات المقاومة متواضعة، والسيد عباس الموسوي، والكثير من المقاومين والشهداء، ولم يستطيعوا أن ينتصروا. وأكثر من ذلك، قتلوا الأمين العام الشهيد السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين، والكثير من القادة، ودمّروا، وتوحّشوا، وفعلوا كل شيء، فهل استطاعوا أن يحتلّوا، أو أن يعلنوا أنهم احتلوا بلدة واحدة على مدى ستة وستين يومًا؟".
وختم جشي مؤكّدًا أن "المعيار الحقيقي للنصر هو تحقيق الهدف لا حجم الخسائر"، مشددًا على أن "المقاومة، رغم التضحيات الجسيمة، انتصرت لأنها أفشلت كل أهداف العدو وأثبتت أنها لا تُهزم".