اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ارتفاع شكاوى الفلسطينيين من "الإرهاب اليهودي" في الضفة

مقالات

كيف تعاملت أوروبا وروسيا والصين مع مجازر غزة؟
مقالات

كيف تعاملت أوروبا وروسيا والصين مع مجازر غزة؟

67

بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، غرقت غزة في أتون حرب صهيونية شرسة استخدم فيها الكيان أبشع أدوات المجازر والتجويع. وكما كان متوقعاً، أظهر الموقف الأميركي - بجناحيه الجمهوري والديمقراطي- دعماً غير مشروط للكيان الصهيوني. 

ولولا تصاعد الاحتجاجات الشعبية في الشارع الأميركي والعالمي، لما شعرت واشنطن بأي تهديد على هيمنتها في "الشرق الوسط"، وهو ما انعكس لاحقاً في "اتفاق الـ72 ساعة" أو ما يعرف بـ "اتفاق ترامب". 

في مقابل الموقف الأميركي الحاد، برزت مواقف ثلاث قوى دولية هي: الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، حملت مواقفها تباينات واضحة، عكست توازنات دقيقة ما بين المبادئ الحقوقية والتوازنات السياسية. 

الاتحاد الأوروبي: بين ضغط الشارع ومأزق الانقسام 

واجهت الحكومات الأوروبية ضغوطاً شعبية متزايدة بعد تصاعد المظاهرات الداعمة لغزة، التي نادت بوقف دعم الكيان. واحتاجت بعض الدول لأكثر من عام ونصف لتبدأ بتغيير مواقفها كما فعلت دول مثل بلجيكا وإسبانيا وأيرلندا بمنع بيع السلاح للكيان. وبالمقابل لم تتخذ بريطانيا وإيطاليا الخطوة ذاتها رغم المعارضة الشعبية. 

فيما جاء قرار ألمانيا متأخراً ومحدوداً. الموقف الرسمي لم يذهب إلى أبعد من وقف بيع السلاح ولن يستطيع فتهمة العداء للسامية تقف وراء الباب.

تقدم الموقف الأوروبي عن الموقف الأميركي، فالدول الأوروبية ما تزال تدعو إلى "حل الدولتين"، وهذا ما فعله الفرنسيون بالتوافق مع السعودية على طرح الدعوة خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر الماضي. لاقت الدعوة اجماعاً دولياً، ولكن في الوقت نفسه اعترفت دول بحق الكيان بالتواجد على أرض فلسطين، وهو أمر مثير للجدل! 

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2023، صرح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، لويس ميغيل بوينو، وهو إسباني، بأن: "غزة جزء من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن أن يكون هناك وجود أمني إسرائيلي طويل الأمد فيها".

 وفيما تغيرت المواقف بمنع تسليح الكيان في العديد من الدول الأوروبية، فشلت جميعها باتخاذ موقف موحد ضد الانتهاكات الصهيونية لحقوق الإنسان في غزة، مما كشف عن مأزق سياسي وأخلاقي بنيوي داخل أوروبا، حيث تتداخل المبادئ الحقوقية مع التحالفات الإستراتيجية مع الكيان المقيدة للإدارات السياسية في معظم الدول الأوروبية. 

روسيا: الحياد المتزن في ظل صراع أكبر

تبنت موسكو خطاباً متزناً إلى حد ما، ولم توجه إدانة للصهاينة، ولكنها في الوقت نفسه لم تدن عملية "طوفان الأقصى"، وطالبت بالعودة إلى "حل الدولتين" وأكدت مراراً على ضرورة العودة إلى مفاوضات "السلام" وفق قرارات الشرعية الدولية، وشددت على أهمية إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، لكن موسكو لم تكن قادرة على الدفع بخطوات عملية تجاه تحقيق هذا الهدف. 

في تشرين الأول/اكتوبر 2023 ، صرح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، "بأن روسيا تجري اتصالات مع إسرائيل وفلسطين ودول عربية وتدعو إلى وقف إطلاق النار". 

وفي الوقت الذي دعا فيه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى إعادة توطين سكان غزة في دول عربية وغيرها، وصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، التصريحات بأنها "شعبوية وسخيفة وصادمة" وحذرت من "تفاقم التوتر في منطقة تعاني من حرب طاحنة". وتجنّبت روسيا القيام بأي خطوات قد تفسر تصعيداً، لأنها تخوض أساساً حرباً أميركية- أوروبية في أوكرانيا.

عكس الموقف الروسي مزيجاً من الحذر الدبلوماسي والدعم المركزي في الحفاظ على استراتيجية موسكو والتوازن ما بين المبادئ الدولية والمصالح الجيوسياسية. وتجلى الموقف الروسي تجاه القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، فروسيا تعد من أبرز القوى التي تحاول الحفاظ على حضورها الفاعل في "الشرق الأوسط" والقضية الفلسطينية. 

كما عكس الخطاب الروسي انتقاداً حاداً لأميركا بسبب عرقلة مشاريع وقف إطلاق النار في غزة، ودعا إلى تحقيقات دولية في المجازر التي اقترفها الكيان، في وقت تجنّبت فيه التصعيد مع الكيان، إذ تربطها به علاقات اقتصادية وأمنية وخاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقة. 

أبقت روسيا العلاقات مفتوحة مع جميع الأطراف الفلسطينية بما فيها حماس، ولم تصنفها كمنظمة إرهابية، لكنها اكتفت بالدعم السياسي، دون تقديم الدعم الاقتصادي او العسكري المباشر للفلسطينيين. ولكن في الواقع معظم السلاح الذي كان يأتي دعماً من الدول المحيطة وخاصة قبل سقوط دمشق في كانون الأول/ ديسمبر 2024، هو في الأساس سلاح روسي. 

يفسر الدور الروسي بأنه استثمار للقضية الفلسطينية في تعزيز خطابها المناهض للغرب ومحاولة لتقديم روسيا نفسه كبديل أخلاقي للسياسات الأميركية في "الشرق الأوسط"، والأمر طبيعي، فقد لعب الاتحاد السوفياتي هذا الدور ما قبل انهياره، وأوجد توازناً هاماً في المنطقة العربية وتقتضي المصلحة عودة هذا التوازن.

الصين خطاب التضامن والمصالح الحذرة

من خلال محاولة لعب دور يعكس استراتيجية "الحياد النشط" دون الانخراط في صراعات مباشرة، جمعت الصين حماس وفتح على طاولة التفاوض في بكين خلال شهري نيسان/ ابريل وتموز/ يوليو في العام 2024، في خطوة تعكس الحراك الإيجابي من أجل مصالحة الطرفين، وبلغ عدد المجتمعين 14 فصيلاً، والذي انعكس اتفاقاً على ثماني نقاط أساسية ليبنى عليها توقيع اتفاق إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية.
 
وعبّرت الصين خلال مواقفها المتكررة عن دعمها للفلسطينيين فدعت لوقف فوري لإطلاق النار، وجاء في ورقة أصدرتها الخارجية الصينية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 ضرورة: "وقف شامل لإطلاق النار، وإنهاء القتال، وتوفير حماية فعالة للمدنيين. 

وأكدت في كانون الأول/ ديسمبر 2024 أن: "الأولوية القصوى هي لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين"، مشددة على دعمها لعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، ولكنها تجنبت إدانة الكيان بشكل مباشر، فللصين علاقات تجارية مع الكيان العبري، في حين أدانت صراحة الموقف الأميركي، ودعمت موقف محكمة العدل الدولية في إدانة الجرائم الصهيونية بحق أهل غزة وطالبت بإنهاء الظلم ضد الشعب الفلسطيني.
 
ثلاث روايات ولا عدالة لفلسطين

يتضح مما سبق، محاولات الصين وروسيا للعب سياسة مختلفة عن السياسات الأوروبية والأميركية، وفي كل مناسبة تؤكد هاتان الدولتان على الانحياز الأميركي الكامل للكيان ووقوفه مع المجازر التي ارتكبت، وما تزال ترتكب حقيقة في غزة، واستغلت المواقف في الأمم المتحدة من أجل تعزيز المواقف كما حدث في 20 شباط/ فبراير 2024، عندما تقدمت الجزائر بمقترح لوقف إطلاق النار استخدمت فيه الولايات المتحدة حق النقض، فأثار ذلك حالة من الاستنكار العالمي ضدها. 

وفي المحصلة، تبقى مواقف القوى الثلاث حتى اليوم هامشية وغير فاعلة، فيما تستمر المأساة الفلسطينية، ولن يبقى الفلسطينيون ينتظرون من العالم مواقف لا تتجاوز البيانات والتصريحات، وإلا فالعدالة ستبقى حلماً مؤجلاً.

الكلمات المفتاحية
مشاركة