اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الشيخ رزق: أميركا العدو الأكبر ومنطق البعض يخدم العدو "الإسرائيلي"

مقالات

المرحلة الثانية ووضع غزّة
مقالات

المرحلة الثانية ووضع غزّة "تحت الانتداب الأميركي"

118

تتفاوت المفاهيم بين المعسكرات المختلفة مثل مفهوم الإرهاب الذي يحلو لمعسكر الاستعمار وصف المقاومة به، ومفهوم الاستقرار والذي لا يعني لدى الاستعمار إلا تكريس الأوضاع الاستعمارية وبناء المؤسسات التي تكفل بقاء الوضع لاستعماري، وعلى رأسها القوّة المسلحة التي تفرض هذا الأمر الواقع.

ومع الخديعة الكبرى التي تسوق لأميركا باعتبارها وسيطًا وصانعًا للسلام، تم الحديث عن قوة دولية تحت مسمى قوة الاستقرار الدولية (International Stabilization Force) باعتبارها بندًا في خطة ترامب للسلام المزعوم، بينما هي فكرة تم الحديث عنها منذ بدايات حرب الإبادة والحديث عن "اليوم التالي" في غزّة، وتمت صياغتها تفصيليا في خطة توني بلير التي كلفه بها جاريد كوشنير لمراعاة جميع المطالب الصهيونية، وتكريس وشرعنة السيطرة الأميركية على غزّة، بالإضافة إلى أنها استدعاء لسياسات استعمارية شهيرة مثل سياسة الانتداب والوصاية، مما يمثل عودة صريحة إلى زمن الاستعمار المعلن.

وتتطلب مناقشة هذا الملف ذكرًا لبعض الملاحظات حول فلسفة هذه القوّة وأهدافها الخبيثة بدليل الغموض المحيط بها، وكيف يمكن أن تشكّل عاملًا للتصعيد ونذيرًا لتوسع دائرة الحرب على خلاف المخطّط لها لأن تكون عاملًا لتصفية المقاومة وفرض الاستسلام، وذلك عبر هذه النقاط:

1 - الوجه الاستعماري لهذه القوّة الدولية:

 يعلن مخطّطو هذه القوّة أنها قوة أمنية متعددة الجنسيات ستُنشأ بالتعاون مع شركاء عرب ودوليين للمساعدة في توفير الأمن، وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة، والإشراف على نزع السلاح وإعادة تطوير قطاع غزّة، بهدف إيجاد حل أمني داخلي طويل الأمد، وتسهيل انسحاب "إسرائيل" التدريجي من القطاع.

وبالتالي، فإن هذه القوّة تفترض أن غزّة قطاع معزول عن القضية الفلسطينية التي تمتلك حقوقًا تاريخية وقانونية وأن مجتمعها ضعيف ولا يستطيع حكم نفسه ولا تشكيل مؤسساته وبالتالي تتم معاملته وفقًا للسياسات الاستعمارية الصريحة التي دشنتها عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى مثل نظام الانتداب الذي ينص على تمكين دولة كبرى من مساعدة البلدان الضعيفة المتأخرة على النهوض وتدريبها على الحكم، حتّى تصبح قادرة على أن تستقل وتحكم نفسها بنفسها.

وكذلك على غرار نظام الوصاية الدولية الذي ابتكرته الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تحت غطاء الأمم المتحدة ليحل مكان نظام الانتداب والذي تدار به المناطق والاقاليم بغرض ظاهري يتعلق بالنهوض والتقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتطورها نحو الحكم الذاتي وتقرير المصير.

وبالتالي، فإننا امام سياسة استعمارية صريحة ومعلنة عنوانها وضع غزّة تحت الانتداب الأميركي أو الوصاية الدولية بمجلس للوصاية ترأسه أميركا وبغطاء أممي.

2 - القوّة الدولية كجناح عسكري لمجلس السلام "غيتا":

تتمحور مناقشات المرحلة الثانية من خطة ترامب حول مجلس السلام والإدارة الانتقالية والقوّة الدولية. ورغم طرح رويترز ومراكز الدراسات الإستراتيجية الدولية عدة سيناريوهات لليوم التالي وللمرحلة الثانية، إلا أن هناك اتفاقًا تعززه التصريحات الأميركية والأوروبية بأن الجوهر التنفيذي هو خطة "الهيئة الدولية الانتقالية لقطاع غزّة" وهو ما تم كشفه في وثيقة سربتها صحيفة "هارتس" الصهيونية تحت عنوان "الهيكل المؤسسي للسلطة الانتقالية الدولية في غزّة (غيتا)".

ومؤخرًا، لفت تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن الولايات المتحدة تدعم مع دول أخرى أوروبية وعربية منح هذه القوّة (غيتا) غطاء من مجلس الأمن، وذلك عبر مشروع قرار دولي يمنح القوّة "صلاحيات كبيرة داخل غزّة".

وبخصوص ما كشفته الوثيقة، فقد جرى الكشف في الوثيقة المكونة من 21 صفحة عن إنشاء سلطة انتقالية دولية لإدارة قطاع غزّة، وسربت الوثيقة الشعار الدائري الذي يحمل اسم "الهيئة الدولية الانتقالية لقطاع غزّة"، مع رسم لغصني زيتون بالإضافة إلى بحر ومن خلفه شمس، مع طائر باللون الأسود.

وفي ما يتعلق بالقوّة الدولية، فقد نصت الوثيقة على تشكيل القوّة الأمنية الدولية (ISF) بوصفها قوة استقرار دولية متعددة الجنسيات تعمل بتفويض من "غيتا - GITA" لتأمين الحدود والمنافذ ومواقع الإغاثة والإعمار، ومنع عودة الجماعات المسلحة.

ومن المقرر أن تتولى القوّة حماية الحدود والمنافذ البرية والبحرية، ومكافحة "الإرهاب وتهريب السلاح"، وحماية مواقع الإعمار والممرات الإنسانية، ودعم الشرطة الفلسطينية في الأحداث الكبرى دون أن تحل محلها.

وبالتالي نحن أمام جناح عسكري لمجلس حكم غزّة الذي يتخذ من "مجلس السلام" مسمى له، ونحن أمام ما يشبه التحالف الدولي لمحاربة "الإرهاب" على غرار التحالف البحري "حارس الازدهار" الذي شكلته أميركا لمحاربة اليمن، أو التحالف الدولي في حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت، ولكن بتفويض أممي تجنبًا لغضب الرأي العام ومعالجة آثار الانتقادات الدولية وعدم ارتدادها على أميركا إلى جانب "إسرائيل".

ومؤخرًا، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن دبلوماسيين قولهم، إن الولايات المتحدة تضغط من أجل أن تحظى هذه القوّة بتفويض من الأمم المتحدة دون أن تكون قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بشكل كامل، وستعمل بنفس نوع الصلاحيات الممنوحة للقوات الدولية العاملة في هايتي لمحاربة العصابات المسلحة، وهو تكريس للأطروحة الأميركية والصهيونية التي تصف المقاومات بالعصابات المسلحة والإرهابية وهذه المرة بمشاركة عربية وتفويض أممي.

3 - نذر التصعيد

من الواضح أن هناك دولًا حسمت امرها بالمشاركة، وهي الدول المستفيدة والمتعاقدة على تقاسم ارباح احتلال غزّة وانشاء مشروع "ريفييرا غزّة"، وهناك دول متردّدة وتسعى لتطمينات وضمانات بأن لا تكون قواتها في وضع اشتباك مع المقاومة بديلًا عن جيش الاحتلال الصهيوني.

والثابت أن فصائل المقاومة تجاوبت مع مبادرات وقف الحرب بمرونة وقدمت بعض التنازلات التكتيكية حماية للشعب الفلسطيني، ولكنها غير مستعدة لتقديم تنازلات إستراتيجية من نوع تصفية البنية التحتية وتجريد المقاومة من سلاحها وثوابتها، أو وضع غزّة تحت وصاية دولية أو احتلالها أميركيا وتدشين أوضاع تهدر الحقوق التاريخية وتحرف القضية عن مجراها القانوني والتاريخي.

وهنا نحن أمام معركة صفرية ستقود حتمًا لمواجهات وخاصة مع تزامن الإعلان عن التمهيد لضم الضفّة، وهذه المواجهات قد تحدث مع القوات الدولية الغامضة من حيث التشكيل والتسليح والمهام والصلاحيات.

والخلاصة، أننا أمام وضع مريب وأهم عوامل الريبة به هو الحرص على ألا تكون القوّة الدولية تابعة لنمط قوات حفظ السلام الأممية بشكل رسمي بما يشكّل قيدًا على جيش الحرب الصهيوني وجرائمه، مع الحرص على وجود غطاء أممي لشرعنة تصفية المقاومة باسم "الإرهاب"، وهو ما يعني تحول القوّة لقوات رديفة ومساعدة للكيان ولأميركا التي تلوح بالتدخل الصريح عسكريًّا إذا لم تنزع المقاومة سلاحها.

الكلمات المفتاحية
مشاركة