إيران
            اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الثلاثاء (04 تشرين الثاني/نوفمبر 2025)، بخطاب آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي الذي أكد فيه أن الاختلاف بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة الأميركية هو اختلاف جوهري وليس تكتيكيًا. كما بحثت في توازن الردع القائم بين الجمهورية الإسلامية والكيان الصهيوني بعد الحرب الأخيرة وسبل تحسين الوضع الاقتصادي المحلي.
القوّة شرط البقاء
كتبت صحيفة رسالت: "أوضحت التصريحات الأخيرة لقائد الثورة الإسلامية، خلال لقاءٍ مع الطلاب، مجددًا خريطة طريق الجمهورية الإسلامية، وهي خريطةٌ رُسمت بناءً على فهمٍ واقعيٍّ للعالم وإدراكٍ للقدرات الداخلية للبلاد. وذكّر سماحته بأن اختلاف إيران مع الولايات المتحدة ليس تكتيكيًا أو شخصيًا، بل اختلاف جوهري: إيران تريد البقاء حرةً ومستقلة، ونظام الهيمنة مُعادٍ في جوهره لاستقلال الشعوب في عالمٍ لا يزال يُعادى فيه الاستبداد تحت ستار القانون والنظام، لا يمكن للدول ضمان بقائها وكرامتها إلا بالاعتماد على قوتها الداخلية.
استخدم قائد الثورة مفهوم القوّة بمعناه الشامل؛ القوّة العلمية والإدارية والعسكرية والروحية، والتي تُشكل مجتمعةً الاقتدار الوطني، أي دولةٍ ضعيفةٌ في أيٍّ من هذه الجوانب ستتعرض عاجلًا أم آجلًا للضغط والفرض. القوّة بهذا المعنى ليست أداةً للهيمنة، بل درعٌ للكرامة؛ إنها حاجزٌ ضدّ النفوذ الأجنبي وضمانٌ للنمو الداخلي. ومما لا شك في أنه في مرحلة الانتقال من الوضع الراهن إلى مستقبل أكثر أمنًا يجب تعزيز أركان هذه القوّة بشكل متماسك وهادف.
في ما يلي، يمكن تحديد اثنتي عشرة إستراتيجية رئيسة وعملية، استنادًا إلى منطق تصريحات قائد الثورة الأخيرة:
1. تعزيز ذاكرة الأمة التاريخية: ليعلم جيل الشباب أن استقلال اليوم هو نتاج مقاومة الأمس، وأن أي تنازل متهور هو تكرار لتجربة التبعية المريرة.
2. إحياء زخم البلاد العلمي من خلال ربط الجامعات والصناعة والسياسة ربطًا حقيقيًا؛ ليس بالشعارات، بل بتوفير منصة للبحث الموجه نحو حل المشكلات.
3. إصلاح الهيكل الإداري وتحسين الكفاءة: من خلال الشفافية والمساءلة والتخلص من المديرين غير النشطين أو الخجولين.
4. تعزيز الردع الذكي: ليعلم العدوّ أنه لا تهديد من دون ثمن؛ فالردع من أجل السلام، لا من أجل الحرب.
5. الاستثمار في جيل الشباب المؤمن والفعال وتزويده بمنصة للمشاركة في صنع القرارات المهمّة.
6. إحياء الروحانية في سياق التقدم حتّى لا ينفصل العلم والسلطة عن الأخلاق، وحتّى لا يؤدي مسار التنمية إلى فقدان الهوية.
7. الاستقلال في السياسة الخارجية بمنظور واقعي؛ والتفاعل مع جميع الدول باستثناء تلك أولئك الذين يعدون أعداءً واضحين للأمة الإيرانية.
8. تعزيز المؤسسات الشعبية والطلابية والثقافية كونها الأذرع الناعمة للتقدم وحلقة الوصل بين الشعب والحكومة.
9. الشفافية والعدالة الاقتصادية لإعادة بناء الثقة الاجتماعية؛ فلا يمكن لأي إصلاح أن يكون مستدامًا من دون مكافحة حقيقية للفساد
10. ترسيخ خطاب اقتصاد المقاومة حتّى تتمتع البلاد بالاستقرار والقدرة على مواصلة مسيرتها في مواجهة الصدمات والعقوبات العالمية.
11. الحوار المستمر في مفهوم المقاومة والاعتماد على الذات حتّى يقتنع المجتمع من الداخل بأن التقدم يعتمد على إرادته الذاتية، لا على إرادة الآخرين.
12. المراقبة الدائمة والإصلاح المستمر للمؤسسات حتّى تمر القرارات الرئيسة عبر مسار التجربة والتقويم والواقع، ولا تصبح شعارات.
هذه المحاور الاثني عشر، إذا طُبقت عمليًا كفيلة بإعادة البلاد من هامش رد الفعل إلى سياق الفعل. وإيران في وضع يُصبح فيه أي ضعف داخلي مادةً للضغط الخارجي، وأي تماسك داخلي يشكل عائقًا أمام جشع الأجانب".
لماذا لا تندلع الحرب؟
كتبت صحيفة وطن أمروز: " بعد مرور 4 أشهر و20 يومًا على عدوان النظام الصهيوني الإجرامي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقصف المدن الإيرانية المختلفة، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 1000 شخص، تتضح أبعاد جديدة للرد الإيراني القوي على "إسرائيل" ثمّ على الولايات المتحدة كلّ يوم، ونتيجة لذلك فإن احتمال هجوم "إسرائيلي" جديد تتحول إلى شكوك. ولهذا السبب، أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، والتي زادت من جاهزيتها ويقظتها لأي شكل من أشكال المواجهة مع العدوّ الصهيوني طوال الأيام والليالي التي أعقبت الحرب.
تتابع الصحيفة: يُصوّر النظام الصهيوني نفسه دائمًا قوة عسكرية في غرب آسيا، بينما هو في الواقع كيان تابع تمامًا للولايات المتحدة. هذا الاعتماد ليس ماليًا فحسب، الأهم من ذلك، في الأسلحة والتكنولوجيا والعمليات؛ بحيث من دون الدعم الأميركي المستمر يُصبح الجيش الصهيوني شبه مشلول ولا يملك القدرة على الدفاع أو الهجوم. ويؤكد مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، وهو مركز أبحاث أميركي، هذا الاعتماد ببيانات مختلفة في تقرير شامل. وفقًا لتقريره كانت "إسرائيل" أكبر متلقٍ للمساعدات الخارجية الأميركية منذ تأسيسها في العام 1948، وتلقت أكثر من 300 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية، ومعظمها عسكرية، بحلول العام 2025. ويؤكد التقرير أنه من العام 2023 إلى العام 2025، وهو العام الذي يتزامن مع حرب غزّة، أرسلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 21.7 مليار دولار مساعدات عسكرية مباشرة إلى "إسرائيل"، بما في ذلك 8.1 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي، و5 مليارات دولار لأنظمة الدفاع الصاروخي، و4.4 مليار دولار لتعويض الاحتياطيات الأميركية التي تستهلكها "إسرائيل".
أكدت الصحيفة أن النظام الصهيوني والولايات المتحدة يخشيان حربا طويلة الأمد؛ لأن احتياطياتهما محدودة وإنتاجهما بطيء. في حرب الـ 12 يومًا، عندما استنفدت صواريخ الدفاع "الإسرائيلية" والأميركية ووصل اختراق وتدمير الصواريخ الإيرانية إلى حجم كبير، اضطرّوا إلى المطالبة بوقف إطلاق النار ووقف الحرب ضدّ إيران. بعد مراجعة كلّ هذه الحالات، نصل إلى اقتراح واحد؛ إن استقلال إيران في المجال العسكري، في حال اندلاع حرب طويلة الأمد واختلال التوازن، يصب في مصلحة طهران بشكل كامل".
اقتراحات للحفاظ على استقرار العملة
كتبت صحيفة إيران: " تُلقي عواقب تقلبات أسعار العملات بظلالها القاتمة على معيشة الناس وأعمالهم. وعلى الرغم من أن الحكومة نجحت في منع تفاقم أزمة العملة بعد الحرب، إلا أن السؤال الرئيس يبقى: كيف سيستمر هذا الاستقرار النسبي؟ مع بقاء حوالي أربعة أشهر ونصف على نهاية العام [الفارسي] واحتمال زيادة الطلب، تتّجه الأنظار إلى صانعي السياسات لكسر الحلقة المفرغة لنمو أسعار العملات. لقد شهدت الأشهر القليلة الماضية ارتفاعًا ملحوظًا في سعر الصرف. واجه السوق حالا من الركود الشديد، وتوقع الجميع نتائج قياسية جديدة. في النهاية، استطاعت الحكومة، باستخدام أدوات مثل خفض سعر الصرف إلى النصف والسعي لاستعادة عملة التصدير والتدخل المُستهدف في سوق الأسهم، احتواء الأزمة إلى حد ما، وتحقيق استقرار نسبي في سوق العملات. مع ذلك، أصبحت هذه الإجراءات من الماضي، وتتّجه الأنظار الآن إلى المستقبل، وقدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار سعر الصرف في الأشهر المقبلة، خاصة مع اقتراب نهاية العام.
تتابع الصحيفة: يبدو أن الاستقرار الحالي لسوق الصرف الأجنبي يعتمد على عوامل مؤقتة، مثل زيادة عائدات النفط والتحكم في الطلب، أكثر من اعتماده على برنامج جذري. مع حلول موسم جديد وتزايد ضغوط الطلب، فإن الاختبار الحقيقي لصانعي سياسات سوق الصرف الأجنبي قد بدأ للتو. إن الإجابة عن سؤال هل يمكننا الخروج من الحلقة المفرغة لتقلبات العملة؟ تعتمد على قدرة البنك المركزي على تقديم حلول هيكلية، وليس حلولًا مؤقتة فحسب".