عربي ودولي
دخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة أسبوعه السادس، محققًا رقماً قياسيًا كأطول إغلاق في تاريخ البلاد، مع تداعيات مباشرة على الاقتصاد الوطني وسلامة الرحلات الجوية. وقد انعكست الأزمة بشكل واضح على قطاع الطيران، حيث أعلن وزير النقل الأميركي شون دافي، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تضطر إلى إغلاق المجال الجوي الأميركي بالكامل، إذا رأت أن استمرار الإغلاق يجعل السفر غير آمن. وقال دافي لشبكة "سي إن بي سي": "إذا رأينا أن الأمر غير آمن… سنغلق المجال الجوي بأكمله، ولن نسمح للناس بالسفر"، مشيرًا إلى أن "هناك خطرًا أكبر" يهدد المسافرين مع استمرار الأزمة.
ويأتي هذا الإعلان بعد أن أظهرت مصادر ملاحية أميركية، أن أكثر من 3.2 ملايين مسافر تأثروا بإلغاء أو تأخير الرحلات منذ بدء الإغلاق، نتيجة نقص مراقبي الحركة الجوية الذين يواصلون العمل لساعات إضافية دون رواتب. وأجبر الإغلاق الحكومي نحو 13 ألف مراقب حركة جوية و50 ألف موظف من إدارة أمن النقل على العمل دون أجر، ما أدى إلى اضطرابات كبيرة في مختلف المطارات الأميركية.
وفي أحدث التداعيات، أعلنت إدارة الطيران الأميركي، الاثنين، وقف الحركة الجوية في مطار هيوستن الدولي بولاية تكساس، كما سجلت تأخيرات كبيرة في مطارات فينيكس ودالاس وغيرها بسبب نقص الطواقم. وذكرت مصادر ملاحية، أن 84% من الرحلات تأخرت خلال الساعات الماضية، مع توقع استمرار الإلغاءات والتأخيرات إذا لم يتم إنهاء الإغلاق بشكل عاجل.
وأبرزت الصحف المحلية، بما فيها تكساس تريبيون، معاناة الركاب في المطارات حيث ينتظرون لساعات طويلة بسبب نقص الموظفين والمراقبين الجويين، في ظل مخاوف من أن يؤدي الضغط على هؤلاء العاملين دون أجر أو راحة كافية إلى انهيار النظام الملاحي الأميركي.
على المستوى الاقتصادي، أكدت وزيرة العمل الأميركية لوري تشافيز ديريمر أن الإغلاق يكلف الاقتصاد نحو 15 مليار دولار أسبوعيًا من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرة إلى أن الموظفين الفدراليين يعملون بلا نوم ولا رواتب للحفاظ على سلامة الأميركيين، فيما يؤدي التأخير في الرواتب إلى أزمة مالية شخصية لمئات الآلاف من العمال الذين يعتمدون على دخلهم اليومي لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
ويستمر الجدل السياسي في الولايات المتحدة، إذ يرفض الديمقراطيون في الكونغرس تمرير الميزانية المقترحة من قبل إدارة ترامب، في حين يواصل الرئيس تهديده بفرض ضغوط على المعسكر الليبرالي، متوعدًا بإجراءات إضافية تشمل تسريح موظفي القطاع العام إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سريع. وقال ترامب فجر الأحد، إنه مستعد للجلوس مع الديمقراطيين لإصلاح نظام الرعاية الصحية، ولكن بعد إنهاء الإغلاق الحكومي، مؤكّدًا أنه لن يقبل بـ "ابتزاز" من جانب الديمقراطيين دون تحديد موعد زمني لإنهاء الأزمة.
وتشير المقارنات التاريخية إلى أن الولايات المتحدة شهدت أطول فترة إغلاق سابقًا خلال ولاية ترامب الأولى بين عامي 2018 و2019، والتي استمرت خمسة أسابيع وكلفت الاقتصاد نحو 11 مليار دولار، لم يتم استرداد نحو 3 مليارات منها، ما يعكس حجم الخسائر المحتملة إذا استمر الإغلاق الحالي بالوتيرة نفسها.
ومع تفاقم الأزمة، يتوقع خبراء الطيران والاقتصاد أن يؤدي أي قرار بإغلاق المجال الجوي الأميركي إلى موجة اضطرابات واسعة، تشمل توقف الحركة الجوية، وتأجيل الرحلات الدولية والمحلية، وزيادة الضغط على الموظفين، ما يضاعف الكلفة الاقتصادية ويزيد من حدة المعاناة اليومية لملايين الأميركيين، خصوصًا أولئك الذين يعتمدون على القطاع العام والخدمات الحكومية.
هذا، وتظل الأنظار متجهة إلى الكونغرس والإدارة الأميركية لمعرفة ما إذا كان هناك انفراجة سريعة لإنهاء الإغلاق، أو استمرار الأزمة التي تهدد البنية التحتية الحيوية للبلاد وسلامة الملايين من الركاب.