إيران
أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، اليوم، أقوى مما كانت عليه في 13 حزيران/يونيو، مشيرًا إلى أن حرب الأيام الـ12 شكّلت نقطة تحوّل مهمّة في تعزيز الثقة بالقدرات الداخلية، وأظهرت قدرة إيران على تحقيق النصر ومواصلة مسيرتها بقوة أكبر.
وخلال كلمته في اجتماع "خارطة طريق السياسة الخارجية لما بعد الحرب"، والذي عُقد في جامعة بو علي سينا في همدان اليوم الخميس (6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025)، أشاد عراقجي بشهداء حرب الأيام الـ12، بمن فيهم العلماء النوويون الذين اغتالهم الكيان الصهيوني، وقال:"اغتيل علماؤنا النوويون في منازلهم إلى جانب عائلاتهم بلا رحمة، ونحن نُخلّد ذكراهم جميعًا".
وأضاف عراقجي أن الحرب كانت مدرسة حقيقية لإيران، كشفت نقاط القوّة والضعف في الوقت ذاته، مؤكدًا أن بلاده خرجت منها أكثر ثقة بقدراتها الذاتية وأكثر وعيًا بقدرات العدو. وأوضح أن حرب الأيام الـ12 كانت معركة تكنولوجية فريدة، إذ خاضتها إيران من دون حدود مشتركة مع العدو، وهو ما لم يكن ممكنًا إلا بفضل التطور التكنولوجي. وتابع: "كانت مقاتلاتهم في الجو وصواريخنا من الأرض، وتجلّت قوتنا في الصناعات الدفاعية والصاروخية التي سخّرت لنا سماء العدو".
وأشار إلى أن صواريخ إيران المحلية الصنع استطاعت تجاوز طبقات الدفاع المتطورة التي يمتلكها العدوّ الصهيوني، بدعم أميركي وأوروبي، وأصابت أهدافها بدقة عالية، مؤكدًا أن تلك الحرب كانت أول اختبار عملي لهذه الصواريخ في معركة حقيقية. وقال عراقجي: "اليوم نحن في وضع أفضل مما كنا عليه في 13 حزيران/يونيو، فقد كانت الحرب اختبارًا واقعيًا لقدراتنا الدفاعية والعلمية".
وأكد أن النظام الدولي ما يزال يخضع لـ"قانون الغاب" ويرى أنَّ سلوك الولايات المتحدة يمثل أبرز تجلياته، مشددًا على ضرورة أن تكون إيران أقوى لمواجهة أيِّ عدوان محتمل. وأشار وزير الخارجية إلى أن الطريق لتحقيق الأمن الوطني والاستقلال يمر عبر الاعتماد على القدرات الذاتية، قائلًا: "كلما عززنا أنفسنا، في المجالات الاقتصادية والعلمية والدفاعية، زاد فخرنا وتأثيرنا في الساحة الدولية".
وأضاف أنَّ العلم هو سر القوّة، موضحًا أنَّ القدرات العلمية للعلماء الإيرانيين كان لها الدور الحاسم في الحفاظ على البلاد، ولا سيما في قطاع الصناعات الدفاعية. وبيّن أن الأسلحة والمعدات الدفاعية المحلية أثبتت فعاليتها العالية في الحرب، في حين لم تؤدِّ المعدات المستوردة الدور نفسه.
وأردف قائلًا: "العدوّ كان يعتقد أن إيران سترفع الراية البيضاء بعد اغتيال قادتها وقصف مراكزها الدفاعية في الأيام الأولى من الحرب"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة حاولت الضغط عبر رسائل تهديدية، حيث غرّد الرئيس الأميركي في اليوم الرابع للحرب داعيًا إلى "استسلام إيران غير المشروط"، قبل أن تعود واشنطن في اليوم الـ12 لتطلب "وقف إطلاق نار غير مشروط". وأضاف عراقجي: "ما أنقذ إيران في تلك الحرب قدراتها العلمية والدفاعية وإرادة أبنائها والتماسك الوطني وحكمة القيادة في إدارة الموقف بسرعة، وتحديد إستراتيجية المقاومة بوضوح".
وفي معرض رده عن أسئلة الطلاب عن آليات الردع الإيراني، شدد وزير الخارجية على ضرورة أن تمتلك البلاد قدرة ردع دائمة تمنع أي جهة من التفكير في مهاجمتها، لافتًا إلى أنَّ الردع لا يقتصر على البعد العسكري فحسب، يشمل أيضًا الردع الاقتصادي والدبلوماسي. وأوضح أنَّ الوحدة الوطنية كانت أكبر مفاجأة للعدو خلال حرب الأيام الـ12، وبرأيه أنَّ تماسك الشعب الإيراني كان أحد أهم عناصر الردع.
وأشار عراقجي إلى أنَّ الردع الاقتصادي يتطلب الصمود في مواجهة الأزمات، في حين يشكّل الردع الدبلوماسي أداةً محورية لتعزيز الموقف الإيراني عالميًا، موضحًا أن أكثر من 120 دولة أدانت هجمات الولايات المتحدة والكيان الصهيوني خلال الحرب، ودعمت الشعب الإيراني. كما لفت إلى أن 121 دولة، من أعضاء حركة عدم الانحياز، أيّدت موقف الصين وروسيا المؤيد لإيران في المحافل الدولية.
وعن العلاقات مع الشرق والغرب، قال عراقجي إن شعار "لا شرقية ولا غربية" لا يعني قطع العلاقات مع أي طرف، بل رفض التبعية لأي جهة، مضيفًا: "نحن لا نعتمد على الشرق أو الغرب، بل نعتمد على الله وعلى شعبنا، ونتعامل مع الجميع وفقًا لما يحقق مصالحنا الوطنية".
وأكَّد أنَّ إيران تحتفظ بشراكات إستراتيجية مع بعض الدول، من بينها الصين وروسيا، ضمن إطار التعاون المتوازن الذي يخدم مصالحها القومية.