إيران
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد 21 كانون الأول/ ديسمبر 2025 بالتحليلات المرتبطة برؤية الغرب والعالم للجمهورية الإسلامية في إيران وبالخصوص في المرحلة التي أعقبت حرب الـ12 يومًا والترقب الغربي الدائم لوضعها الأمني والعسكري، كما اهتمت بموضوعات أخرى عالمية وإقليمية من قبيل تهديدات أميركا لفنزويلا وأمن الخليج المشترك.
الآراء الحديثة الصادرة عن مراكز الأبحاث الغربية حول إيران
بداية، كتبت صحيفة وطن أمروز: "خلال الأسبوع الماضي، تناولت العديد من مراكز الأبحاث الغربية، من كارنيغي وتشاتام هاوس إلى بروكينغز وراند والمجلس الأطلسي، قضية إيران من زوايا مختلفة. بدءًا من معادلة لبنان، مرورًا بتقييم حرب محدودة بين إيران والكيان الصهيوني والولايات المتحدة، وتداعياتها على الردع، وغيرها.
وتابعت الصحيفة "يُظهر تلخيص هذه الدراسات أن الغرب يتحرك في اتّجاهين متوازيين: من جهة، يسعى لاحتواء النفوذ الإيراني الإقليمي عبر الضغط على حلفائها، لا سيما في لبنان، ومن جهة أخرى، يُقيّم مدى ضعف إيران بعد فترة من التوّتر والحرب المحدودة".
وتابعت "في تقرير كارنيغي الأخير، يدور النقاش حول تغير في التركيبة الإقليمية وبالتركيز على لبنان، يتساءل هذا المركز البحثي عما إذا كان بإمكان تركيا أن تلعب دورًا في الفراغ السياسي والاجتماعي الذي يعيشه السنة اللبنانيون، وهو دور يُذكّر بنموذج النفوذ الإيراني من حيث التأثير وبناء الشبكات".
وبحسب تقرير كارنيغي، تسعى أنقرة، بالاعتماد على شبكاتها السياسية والاجتماعية ودعمها لبعض الجهات المقربة من جماعة الإخوان المسلمين، إلى إعادة تعريف موقعها في لبنان؛ وهو تطوّر قد يؤثر على موازين القوى التقليدية، بما فيها القوى المقربة من إيران، ويزيد من تعقيد التنافس على النفوذ. وتخشى مراكز الأبحاث الغربية من أن تصبح تركيا إيران الجديدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
[...] مع ذلك، يتناول مركز تشاتام هاوس لبنان من منظور مختلف. ففي تحليله، يُوصف سلاح حزب الله بأنه ليس شأنًا لبنانيًا بحتًا، بل ملف مرتبط بقرار طهران.
وبحسب الصحيفة "يستند منطق التقرير إلى أن القدرة العسكرية لحزب الله تُعدّ عنصرًا أساسيًا في بنية إيران الأمنية وردعها الإقليمي، لذا فإن أي مشروع لنزع سلاح حزب الله أو تغيير دوره جذريًا لن ينجح دون تغيير حسابات إيران، بل إن معهد تشاتام هاوس يذهب أبعد من ذلك، فيشير ضمنيًا إلى أنه إذا كان الغرب يسعى إلى اتفاق أوسع، فعليه أن ينظر في العلاقة بين قضايا إيران، بما فيها الملف النووي، ونفوذها الإقليمي".
ويبدو أن تشاتام هاوس ينصح الجانب الأميركي بأن يكون نزع سلاح حزب الله أحد الشروط الأساسية لأي مفاوضات محتملة مع إيران. هذا الشرط يفتح يد "إسرائيل" لمزيد من العدوان والمغامرة في المنطقة.
[...] يحذر المجلس الأطلسي الولايات المتحدة في هذا السياق من أن سردية (انتهى الأمر) أو (لم تعد إيران قضية ملحّة) قد تكون خطيرة،ويشير مركز الأبحاث إلى أنه حتّى لو أظهرت وثائق رسمية، مثل إستراتيجية الأمن القومي الأميركي أو المناخ السياسي في واشنطن، عدم اكتراثها بإيران، فإن الواقع على الأرض يُظهر أن إيران لا تزال تمتلك ملفات نشطة وقدرات مؤثرة، وأن إزالة الرقابة أو زيادة الغموض في بعض المجالات قد يكون محفوفًا بالمخاطر بالنسبة للغرب.
ويخلص المجلس الأطلسي إلى أن خيارات الولايات المتحدة تتأرجح بين التخلي عن القضية، أو تسليمها ل"إسرائيل"، أو تفويض ملف إيران، أو محاولة التوصل إلى اتفاق جديد، وكلّ هذه الخيارات الثلاثة لها عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي".
سوء تقدير ترامب في أميركا اللاتينية.
بدورها، كتبت صحيفة رسالت: "في الأيام الأخيرة، تصاعدت حدة الخطاب التهديدي للحكومة الأميركية تجاه الحكومة الفنزويلية، وأضاف قرار فرض حصار بحري واسع النطاق في مياه الكاريبي أبعادًا جديدة لهذه المواجهة.
وبحسب الصحيفة فإن السياسات العدائية لإدارة دونالد ترامب ضدّ نيكولاس مادورو، وإن بدت مبررة ظاهريًا بمكافحة تهريب المخدرات ودعم الديمقراطية، إلا أنها في الواقع متجذرة في مصالح واشنطن الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية المعقّدة والعميقة.
ففي النظرة التقليدية لصناع السياسة الأميركيين، لطالما اعتُبرت منطقة أميركا اللاتينية، وخاصة الكاريبي وأميركا الوسطى، الساحل الخلفي الإستراتيجي للولايات المتحدة؛ وأي قوة محلية أو إقليمية تتحدى النظام الذي ترغب فيه واشنطن تُعتبر تهديدًا مباشرًا للهيمنة السياسية والأمنية الأميركية. وفنزويلا، بموقعها الجغرافي الحساس واحتياطياتها الهائلة من الطاقة، تقع الآن في قلب هذا التحدي.
[...] تعتزم واشنطن قطع الصلة بين التيارات الاشتراكية في المنطقة من خلال الإطاحة بالحكومة الحالية في كاراكاس. إن استمرار نظام مادورو - الذي ظل رمزًا للمقاومة ضدّ الضغوط الأميركية حتّى يومنا هذا - يُلهم الحركات اليسارية الموجودة في دول مثل كوبا ونيكاراغوا وحتّى السلفادور.
ووفق الصحيفة "قد سعت فنزويلا، من خلال مشاريع مثل بتروكاريبي، إلى إنشاء نموذج اقتصادي مستقل عن الدولار والمؤسسات المالية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة. من وجهة نظر واشنطن، فإن بقاء مثل هذا النظام في كاراكاس سيشكّل نموذجًا خطيرًا للدول التي تسعى إلى تأميم مواردها والتحرر من الرأسمالية الغربية، لذلك، فإن هدف الولايات المتحدة ليس مادورو فحسب، بل الجبهة الاشتراكية والمناهضة للإمبريالية بأكملها في أميركا اللاتينية".
[...] ويتمثل الهدف الثاني للولايات المتحدة في السيطرة على الموارد الاقتصادية لفنزويلا. ففي نظر واشنطن، يُعتبر تغيير النظام ناجحًا عندما تُشكّل حكومة تابعة وموالية في كاراكاس لتمهيد الطريق لعودة الشركات الغربية إلى صناعة النفط. والهدف الحقيقي هو استعادة نفوذ الشركات الأميركية في قطاع الطاقة، وليس مجرد استعادة الديمقراطية.
من وجهة نظر البيت الأبيض، لا تُعدّ فنزويلا مجرد دولة مُثيرة للمشاكل، بل كنزًا دفينًا من النفط والمعادن، ينبغي، في نظر ترامب وحاشيته، أن يخدم المصالح الغربية مجددًا".
دعوة إيرانية لصياغة خطة أمنية مشتركة في الخليج
كما كتبت صحيفة إيران: "بالنظر إلى مسار العلاقات الإيرانية السعودية والعلاقات الإقليمية، فإننا نقترب تدريجيًا من الذكرى السنوية الثالثة لاستئناف العلاقات بين البلدين،وقد بدأت هذه العلاقات في 10 آذار/ مارس 2023، وبعد نحو ستة أشهر، دخل الجانبان مرحلة التنفيذ بإعادة فتح السفارات وتعيين سفراء".
وتابعت الصحيفة "خلال هذين العامين، شهدنا العديد من التطورات والأحداث. إلا أنه في الأشهر الأخيرة، جرت تبادلات هامة بين طهران والرياض، حيث سافر عدد من الوزراء الإيرانيين، بمن فيهم وزراء العدل والرياضة والتراث الثقافي والسياحة، إلى المملكة العربية السعودية، وحضروا اجتماعات إقليمية ودولية، والتقوا بنظرائهم السعوديين وتحدثوا معهم".
في المقابل، قام مسؤولون سعوديون، من بينهم نائب وزير الخارجية ونائب وزير الخارجية، بزيارة إلى إيران. ولا تزال هناك زيارات مقررة على جدول أعمال الجانبين حتّى نهاية العام. وبشكل عام، تشهد هذه العلاقات تطوّرًا من خلال الزيارات المتبادلة، وفي الوقت نفسه، وفي إطار هذه الزيارات، يستمر تبادل الرسائل والمحادثات والمشاورات السياسية بين إيران والمملكة العربية السعودية بشكل متواصل في إطار أنشطة وزارة الخارجية.
[...] ولطالما أكدت إيران أن الأمن المستدام لا يتحقق إلا من خلال التعاون بين جميع دول المنطقة، دون استثناء أي طرف. وفي هذا الإطار، يمكن لدول الخليج الثماني العمل معًا لإنشاء منظومة أمنية شاملة لا تقتصر على الجوانب العسكرية فحسب، بل تشمل أيضًا التنمية الاقتصادية والتجارة والثقافة، وغيرها من عناصر القوّة الناعمة.
هذه الرؤية الشاملة والمتكاملة، التي تنعكس أيضًا في خطاب بعض دول المنطقة ومجلس التعاون الخليجي اليوم، تُشدد على أهمية الحوار مع إيران باعتبارها أحد الفاعلين الرئيسيين في المنطقة.
وختمت الصحيفة "لعل من المناسب لدول المنطقة، بما فيها إيران وغيرها من الفاعلين المحليين في الخليج، إعداد مسودة مشتركة وتلخيصها، مستفيدةً من المبادرات المطروحة حتّى الآن، وطرحها للنقاش. ومن خلال مواصلة الحوار المستمر والشامل، يمكننا تمهيد الطريق لتشكيل منظومة أمنية جماعية مستدامة في منطقة الخليج".