إيران
اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الاثنين 10 تشرين الثاني 2025 بقضايا محلية وعالمية، أهمّها قضية الجفاف الكبير الحاصل في الجمهورية الاسلامية نتيجة انعدام المتساقطات هذه السنة.
كما اهتمت أيضًا برصد تحدّي إيران للعقوبات النفطية الأميركية، وفشل هذه العقوبات في تحقيق الضغط الأقصى.
هكذا فشل ترامب
بداية مع صحيفة "وطن أمروز" التي جاء فيها "بلغت استراتيجية الضغط الأقصى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران ذروتها خلال ولايته الثانية مع تركيز غير مسبوق على قطاع النفط. كان الهدف الرئيسي من هذه السياسة هو شل الاقتصاد الإيراني عن طريق قطع عائدات النفط تمامًا لإجبار الجمهورية الإسلامية على قبول مطالب أمريكا. ومع ذلك، فإن الأدلة والبيانات الإحصائية للأشهر الأخيرة تُظهر بوضوح أن هذه الحملة، على الرغم من التهديدات والعقوبات التي لا حصر لها، لم تحقق أهدافها، بل تحولت أيضًا إلى فشل استراتيجي كامل لواشنطن".
بحسب الصحيفة، أيّ خلل في تدفّق هذه الإيرادات قد يُزعزع ميزان المدفوعات الهش ويُعرِّض الاقتصاد لأزمة تقلبات أسعار الصرف وعدم الاستقرار. ويُعتبر هذا الاعتماد بمثابة نقطة ضعف الاقتصاد الإيراني في مواجهة عقوبات النفط المُستهدفة. إدراكًا منه لهذا الاعتماد، بنى ترامب استراتيجيته على خطوتين رئيسيتين؛ الأولى هي خفض صادرات النفط الإيرانية قدر الإمكان. وكان يهدف من خلال هذا الإجراء إلى خفض إمدادات العملة النفطية في السوق بشكل كبير. كانت الخطوة الثانية هي إحداث صدمات عملة في الاقتصاد الإيراني نتيجةً لعجز النقد الأجنبي الناتج عن انخفاض صادرات النفط.
وأشارت الصحيفة الى أن البيانات الإحصائية المتاحة توفّر دليلاً لا يمكن إنكاره على فشل استراتيجية ترامب. ففي ولايته الثانية، وعلى الرغم من فرض أكثر من 500 عقوبة جديدة، انخفضت صادرات النفط الإيرانية بمقدار 90 ألف برميل فقط يوميًا في عام 2025. وهذا الرقم ضئيل للغاية وغير فعال مقارنة بالفترة الأولى من الضغط الأقصى (ولاية ترامب الأولى)، والتي أسفرت عن انخفاض قدره 2.5 مليون برميل في صادرات النفط الإيرانية. وهذا الاختلاف الصارخ وحده يتحدث كثيرًا عن فشل ترامب في مهمته.
وفق الصحيفة، زادت صادرات النفط الإيرانية إلى الصين، وهي الدعامة الأساسية لهذه التجارة، بشكل كبير.
[...] يكمن السر الرئيسي لهزيمة ترامب في حرب النفط ضد إيران في بكين. بصفتها أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، لعبت الصين دور اللاعب الاستراتيجي لإيران. ووفقًا للتقارير الدولية، فقد صدرت إيران في الأشهر الأخيرة ما يصل إلى 1.9 مليون برميل من النفط إلى الصين يوميًا. لقد أدى هذا المستوى من التصدير إلى إبطال مفعول العقوبات الأمريكية.
الصحيفة تلفت الى أن هذا يدل على أنه في عالم اليوم متعدد الأقطاب، لا يمكن لقوة واحدة مثل الولايات المتحدة أن تعزل دولة اقتصاديًا بمفردها، خاصة عندما يرى اللاعبون الرئيسيون مثل الصين أن مصالحهم تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة.
وتخلص الى أن هزيمة ترامب في حرب النفط ضد إيران هي أكثر من مجرد فشل سياسي؛ وهذا مؤشر على تحول في توازن القوى العالمي وظهور نظام جديد حيث لم تعد الاستراتيجيات الأحادية تعمل كما كانت في السابق.
الإفراط في استهلاك الماء
بدورها، كتبت صحيفة "رسالت": "تغير المناخ، والاستهلاك المائي، والجفاف، وأزمة المياه كلمات مألوفة لنا، نحن الذين نعيش في منطقة الجفاف في العالم، على الرغم من أن العديد من البلدان واجهت في العقود الأخيرة أزمة نقص المياه. وقد أدى تغير المناخ، والنمو السكاني، والحاجة المتزايدة للمياه من قبل المصانع والصناعة الزراعية إلى زيادة شدة ونطاق هذه الأزمة، إلا أن الوضع في بلدنا، وخاصة العاصمة، مثير للقلق للغاية، لأن الأمل في هطول أمطار الخريف قد تلاشى تقريبًا، وتكشف التقارير الواردة من خرائط مراقبة الأرصاد الجوية عن حقيقة مريرة مفادها أنه لا يمكن أن يكون هناك أمل في هطول أمطار فعالة في طهران حتى نهاية تشرين الثاني- نوفمبر على الأقل!".
وقالت إنّ "نمط الاستهلاك وإصلاحه وتعديله بما يتناسب مع متطلبات العصر في جميع المجالات قضاياٌ تكرر ذكرها في تصريحات قائد الثورة الإسلامية. ومع ذلك، فإنّ تغيير وإصلاح نمط استهلاك المياه يتطلبان تصميمًا وطنيًا شاملًا على جميع المستويات. ويُعدّ التخطيط الدقيق والعقلاني، مع مراعاة الوضع الحالي والمستقبلي لاحتياطيات المياه، إلى جانب تقييم احتياجات المياه في جميع القطاعات وتحديد أولويات التنمية، الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. ويندرج تطبيق هذا البرنامج في مجال واحد فقط، هو وبناء الثقافة العامة في مجال المياه. وبناء القدرات، بالاعتماد على التعاليم العلمية والحديثة، إلى جانب مؤشرات ثقافية واضحة، يضمن الفعالية المستدامة لهذا المجال. وتستند جميع هذه القضايا إلى التثقيف، سواءً على مستوى القائمين على إدارة المياه أو على مستوى المجتمع".
لذلك، تتابع الصحيفة، وبالنظر إلى نمط استهلاك المياه الحالي فإن التقنين غير مفيد في هذا الوقت والمكان ولن يحقق الإنتاجية المرجوة ويعتبر مجرد حل مؤقت. [...] إن هذا يعني أن الحل الأكثر أهمية لمواجهة الإفراط في استهلاك الماء الحالي هو بناء القدرات وبناء الثقافة من أجل إصلاح وتغيير نمط الاستهلاك والتعليم الشامل القائم على المكانة العالية للمياه، سواء من منظور ثقافي أو تنموي في إيران".
العودة إلى التصادم بين الكرملين والبيت الأبيض
أما صحيفة "مردم سالاري" فجاء فيها: "يُحذّر خبراء من أن تجربة ترامب النووية لن تُفاقم التوترات الدولية فحسب، بل قد تُدمّر أيضًا إرث وقف التجارب النووية دام ثلاثة عقود، وتُعرّض الأمن العالمي للخطر من خلال تدشين عصرٍ جديدٍ من التنافس النووي".
وفق الصحيفة، في الأسابيع الأخيرة، عادت مسألة عودة التجارب النووية إلى صدارة الأخبار العالمية، مما أثار قلقًا على الصعيدين الدولي والإقليمي بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إمكانية استئناف التجارب النووية.
عُلّقت التجارب النووية الأمريكية منذ عام 1992، ومنذ ذلك الحين، اعتمدت الولايات المتحدة فقط على المحاكاة الحاسوبية لاختبار فعالية ترسانتها النووية. مع ذلك، تحدث ترامب، في إشارة إلى أنشطة دول أخرى، عن إمكانية إجراء تجارب واسعة النطاق مماثلة لتلك التي أُجريت خلال الحرب الباردة؛ وهي خطوة قد تُقوّض، في حال تنفيذها، التزامات أمريكا الدولية بمنع الانتشار النووي وتُطلق سباق تسلح جديد في العالم.
تصريحات ترامب، تضيف الصحيفة، أثارت ردود فعل فورية من روسيا والصين. صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن موسكو لن تستأنف التجارب النووية إلا إذا استأنفتها الولايات المتحدة، وحثّ مسؤولي بلاده على تقييم نوايا واشنطن وإعداد السيناريوهات المحتملة. كما رفضت الصين تصريحات ترامب، وحثّت الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها الدولية بنزع السلاح ومنع الانتشار النووي بدلاً من إثارة سباق تسلح. كما أكدت باكستان أنها لن تكون أول دولة تستأنف التجارب النووية.
وقالت "حتى لو استأنف ترامب التجارب، يتوقع الخبراء أن عملية التحضير والتنفيذ ستستغرق سنوات، وتتضمن تكاليف باهظة ومعدات متطورة ومهندسين خبراء. ويمكن للكونغرس أيضاً عرقلة البرنامج من خلال اتخاذ إجراءات قانونية. مع ذلك، يُصرّ بعض مؤيدي ترامب، ومنهم نائب الرئيس جيه. دي. فانس وبوب بيترز، على أن إتاحة خيار إجراء التجارب النووية للرئيس أمرٌ أساسي".
الصحيفة ختمت "تشير هذه الأحداث إلى أن منافسة نووية جديدة تتشكل بين الولايات المتحدة وروسيا، وعلى نطاق أوسع مع الصين وقوى نووية أخرى".