مقالات مختارة
صحيفة "البناء" - ناصر قنديل
– قال النائب سامي الجميل من مجلس النواب إن “الصفحة الجديدة التي تفتح في لبنان فرصة، وبناءً على كل التطوّرات نعلن اليوم تقديم اقتراح تعديل دستوري لإدخال الحياد إلى مقدّمة الدستور اللبناني”، متمنياً “على الجميع تبني هذا الاقتراح ومساعدتنا على إقراره”. وأوضح أن “هذا الحياد سيقوّي وحدتنا الداخلية لأن أحداً لن يعود قادراً على الانتماء لمحاور وفرض دخول لبنان في تحالفات عسكرية أو غيرها والحياد لا يعني انسحاب لبنان من الساحة الدولية”. ولفت إلى أن “الحياد لا يعني انسحاب لبنان من الساحات الدولية، ولا يعني عدم اتخاذ مواقف في قضايا الحق في العالم ولكن يعني أن لبنان لا يدخل بأي صراع عسكري إلى جانب أي أحد”.
– بعد ساعات غرّد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلاً “قبل أن نناشد الحياد ونعدل الدستور، مهلاً أيها السادة فهل “إسرائيل” ستخرج من الأراضي المحتلة؟ وهل من المفيد الخروج من المحيط العربي والتخلّي عن مبدأ الأرض مقابل السلام؟ أما تعديل الدستور فقد يدخلنا بدوامة نقاش داخلي نحن بغنى عنها”. وكلام جنبلاط يمكن أن نضيف إليه ونبني عليه، سؤالاً لكل المستعجلين على التفاوض المتسائلين عن نوعه ومستواه، هل ستخرج “إسرائيل” من الأراضي المحتلة والقضية تتوقف على القبول بالتفاوض، وهل العقبة أمام الانسحاب الإسرائيلي الذي يقول الجميع إنه هدف جامع هو أن لبنان لم يعلن الحياد أو لم يذهب إلى التفاوض؟
– خطاب جنبلاط للطبقة السياسية التي يمثل واحداً من أبرز أركانها يقول إن لبنان دخل مرحلة إقليمية جديدة لا يزال الكثيرون يتعاملون معها بعقليّة الماضي، مستخفّين بحجم المخاطر، متوهمين أن القضية تختصر بسعي إسرائيلي مدعوم أميركياً لإضعاف حزب الله، وأن الحديث عن مطامع إسرائيليّة بلبنان ليس إلا حديثاً أيديولوجياً ينتمي إلى لغة الماضي، من دون الالتفات إلى أن المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة تجاوز مرحلة تصفية الحساب مع الخصوم والأعداء وهو الآن في مرحلة عنوانها لا قيمة للأصدقاء والحلفاء أمام تحقيق الأهداف، والأهداف هي السيطرة المباشرة على المدى الحيويّ الاستراتيجيّ لأمن كيان الاحتلال في جغرافيا الجوار، وها هي سورية حيث سقط النظام المناوئ وتمّ تدمير القوة العسكرية لسورية، وحيث النظام الجديد لا يمانع في التفاوض والتوصل إلى اتفاقات وتقديم الضمانات، تنتهك سيادة بلده تحت أعينه جواً وبراً وبحراً، وها هي تركيا عضو الناتو ومصر الملتزمة باتفاقات كامب ديفيد والسعوديّة الحليف الاستراتيجي، لا يُقام لهم أيّ حساب أمام انفلات آلة التوحش والتغول الإسرائيلية برعاية وحماية أميركيتين، ومَن لا يفهم معنى كلام توماس برّاك وأبعاده لا يقرأ
– سؤال جنبلاط مفتاحيّ يجب أن يُطرح على كل الذين يعيشون في أوهامهم وأحلامهم، حول زمن أميركي يحملهم إلى نوستالجيا زمن قديم، وهو السؤال الذي عجز الرئيس السابق أمين الجميل والد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، عن الجواب عليه قبل أكثر من أربعين سنة، هل ستخرج “إسرائيل” من الأراضي المحتلة، هذا هو السؤال قبل أي طرح أو عرض، والجواب قبل أربعين سنة وبعد أربعين سنة، “إسرائيل” لن تخرج إلا مرغمة، ولن ترغمها أميركا على الخروج، كما قال الرئيس أمين الجميل في كتابه، وهي تقبض ثمن خروجها عدة مرات ولكنها لا تخرج، كما قال الرئيس أمين الجميل في كتابه، وإذا كان لبنان عاجزاً عن امتلاك أدوات إرغام “إسرائيل” على الخروج فالواجب يقتضي من السياسيين على الأقل أن لا يدخلوا البلد في متاهات وأوهام وسراب، مثل الحياد والتفاوض وتعديل الدستور، وأن لا يفتحوا أبواباً يعرفون كيف تُفتح، ولكنهم لا يعرفون بالتأكيد كيف تُغلق، ولبنان أشدّ ما يحتاج اليوم إلى عقل بارد يؤجل القضايا الساخنة، ويقبل إدارة الأزمات دون ادعاء القدرة على حلها، لأن مشاريع الحلول التي تبنى على أوهام تنتهي كما انتهى عهد الرئيس أمين الجميل بحروب مركبة إقليمية وأهلية بين الطوائف وداخل الطا
– وليد جنبلاط من بين قلائل يدركون في زمن الأزمات أهميّة التفكير بعقل بارد.