ترجمات
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرًا مطوّلًا تناولت فيه التحولات الاجتماعية والسياسية داخل قطاع غزة منذ وقف إطلاق النار، معتبرة أن حركة حماس استعادت حضورًا واسعًا في الشارع، وأن هذا الارتفاع في الشعبية بات عقبة أساسية أمام خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهادفة إلى ترسيخ "السلام" عبر نزع سلاح الحركة وإقصائها عن أي دور مستقبلي في إدارة القطاع.
وبحسب الصحيفة، فإن سكان غزة لمسوا تغيرًا ملموسًا في الوضع الأمني الداخلي بعد انسحاب الاحتلال وعودة مقاتلي حماس إلى مراكزهم الاعتيادية. وتقول الصحيفة "إن عناصر الحركة بدأوا تسيير دوريات أمنية في الشوارع لمنع الجرائم وملاحقة العصابات، إضافة إلى ملاحقة "الخصوم والمنتقدين""، وفق تعبيرها.
وتشير "وول ستريت جورنال" إلى أن المعلومات الواردة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تظهر أن أكثر من 80% من المساعدات الإنسانية كانت تُنهَب قبل الهدنة، لكن هذه النسبة انخفضت إلى نحو 5% فقط خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما عزته الأمم المتحدة إلى انتشار قوات شرطة حماس وتفكيكها شبكات النهب.
وترى الصحيفة أن هذا التحسن الأمني ترافق مع ارتفاع ملحوظ في الدعم الشعبي للمقاومة المسلحة. وتستشهد باستطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، أظهر أن 51% من سكان غزة عبّروا عن مواقف إيجابية تجاه أداء حماس خلال الحرب، وهي نسبة تمثل قفزة مقارنة بـ43% في أيار الماضي و39% قبل عام.
أما في السياسة، فقد أظهر الاستطلاع نفسه أن 41% من الغزيين قالوا إنهم سيدعمون حماس في أي انتخابات مقبلة، وهي أعلى نسبة منذ كانون الأول/ديسمبر 2023. وتنقل الصحيفة عن مدير المركز خليل الشقاقي قوله إن الحرب أثبتت للغزيين وللرأي العام الأوسع أن "إسرائيل" فشلت في القضاء على الحركة، وأن حماس لن تختفي من المشهد، بل بات التعايش معها واقعًا مفروضًا.
وركز تقرير "وول ستريت جورنال" على أن هذا الارتفاع في شعبية حماس يضع عراقيل جدية أمام خطة ترامب للمرحلة الثانية من ترتيبات الهدوء، والتي تدعو إلى نزع سلاح حماس مقابل انسحاب كامل لقوات الاحتلال من غزة، ثم استبدالها بقوة أمنية دولية تتولى ضبط القطاع.
غير أن المؤشرات الشعبية في غزة تسير بعكس ما تريده واشنطن، إذ إن 52% من المستطلعين عارضوا إدخال قوة دولية مكلّفة بنزع سلاح الحركة. ويقول الشقاقي للصحيفة إن هناك أعدادًا كبيرة تريد بقاء السلاح، حتى من بين من لا يتفقون مع حماس سياسيًا، مرجحًا أنه خوف نابع من تجارب الاحتلال السابقة ومن غياب أي ضمانات حقيقية لأمن السكان.
وتلفت الصحيفة إلى أن جزءًا كبيرًا من سكان غزة يرى أن نزع السلاح قد يقود إلى فراغ أمني خطير، وإلى انكشاف القطاع أمام اعتداءات جديدة. كما أن هناك، وفق التقرير، خوفًا من "الهدف النهائي لإسرائيل" في الحرب الحالية، وهو ما جعل شريحة من الغزيين تفضّل بقاء سلاح حماس بوصفه الضمانة الأخيرة في مواجهة الاحتلال.
وينقل التقرير عن الشقاقي أن الغزيين يخشون أن يؤدي أي تفكيك للهيئات الشرطية والأمنية التابعة لحماس إلى اضطراب واسع، خصوصًا مع هشاشة الأوضاع الإنسانية والاجتماعية.
وبحسب الصحيفة، فإن تنامي التأييد لحماس، وتحسّن قدرتها على ضبط الأمن، واستمرار الاقتناع الشعبي بفعالية المقاومة، كلها عوامل تجعل خطة واشنطن لنزع سلاح الحركة "أبعد منالًا مما كان متوقعًا".
وترى "وول ستريت جورنال" أن واشنطن باتت أمام معادلة جديدة في غزة: حركة خرجت من الحرب أكثر حضوراً مما كانت عليه قبلها، وسكان باتوا يرون في سلاح المقاومة عنصر حماية، لا عبئًا، في ظل غياب الثقة بالوعود "الإسرائيلية" والأميركية.