مقالات مختارة
نزار نمر - صحيفة الأخبار
في تقرير أثار جدلًا واسعًا، روّجت "لوريان لو جور" لرواية تخدم الاحتلال عبر نفي تجاوز الجدار "الإسرائيلي" للحدود اللبنانية، قبل أن يثبت بيان "اليونيفيل" العكس. استخدمت الصحيفة صور علي شعيب وكورتني بونّو من دون إذن وطمست أسماءهما، ما دفع المصوّرة كورتني بونّو للتلويح بالتحرّك القانوني ضدّ ما اعتبرته استهدافًا وإساءة لعملهما الميداني
""لوريان لو جور" تخدم الاحتلال وتستهدف الصحافيّين" هذا ليس تجنّيًا على صحيفة "لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية والإنكليزية، التي يُفترض أنّها "عريقة". في الأيّام الماضية، قامت بأفعال تصبّ فعليًّا في خدمة الكيان الصهيوني واحتلاله أراضيَ لبنانية، من حيث تدري أو لا تدري. وبناءً على ما نشرته، يمكن ترجيح أنّها تدري، وهو ما أدّى إلى تعليقات مستنكرة على صفحاتها على منصّات التواصل الاجتماعي.
السفسطة وسيلة تحقّق من صحّة الخبر!
يوم الخميس 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، نشرت الصحيفة بنسختها الفرنسية مقطعًا على صفحاتها الافتراضية، زعمت فيه أنّ الأخبار عن قيام "جيش" الاحتلال ببناء جدار فاصل في داخل الحدود اللبنانية، وتحديدًا في بلدة يارون، عارية من الصحّة.
ومن أجل إثبات روايتها، ادّعت أنّها استندت إلى صوَر الأقمار الصناعية وطابقتها مع الصوَر المنشورة سابقًا للجدار، إضافة إلى تواصلها مع "مصدر في اليونيفيل". ولرفع العتب، مرّرت جملة في نهاية "تقريرها" مفادها أنّه رغم كون الجدار في "الأراضي "الإسرائيلية"" (كما وصفتها)، إلّا أنّه لا يزال مخالفًا للقرار 1701. وصباح اليوم التالي، نشرت النسخة الإنكليزية مقطعًا مماثلًا.
أُرفقت المنشورات بتعليق مفاده أنّ "صوَرًا كثيرة نُشرت في 10 تشرين الثاني، تُظهر جدارًا أقامه الجيش "الإسرائيلي" على طول الخطّ الأزرق في جنوب لبنان، مثيرةً ضجّة كبيرة. وادّعى بعض وسائل الإعلام ومستخدمي الانترنت أنّ هذا الجدار يقع في عمق الأراضي اللبنانية. لكنّ التحليل الذي أجرته L’Orient Today يُظهر أنّ هذا الادّعاء غير صحيح". وأضيف هاشتاغ #FactCheck (التحقّق من صحّة الخبر).
للمفارقة، أتى بيان اليونيفيل في وقت لاحق من اليوم ذاته، أي الجمعة، كاشفًا أنّه "في تشرين الأوّل، قام حفظة السلام في اليونيفيل بمسح جغرافي لجدار خرساني على شكل T أقامه جيش الدفاع "الإسرائيلي" جنوب غرب بلدة يارون.
وأكّد المسح أنّ الجدار تجاوز الخطّ الأزرق، ما جعل أكثر من 4,000 متر مربّع من الأراضي اللبنانية غير متاحة للشعب اللبناني". وأورد البيان كذلك أنّ "حفظة السلام لاحظوا أعمال بناء إضافية لجدار على شكل T في المنطقة.
وأكّد المسح أنّ جزءًا من الجدار جنوب شرق يارون تجاوز أيضًا الخطّ الأزرق"، مضيفًا أنّ "الجدار الجديد بين عيترون ومارون الراس يقع جنوب الخطّ الأزرق"، وهو ما استغلّته على الأرجح "لوريون" في روايتها التي تدافع فيها عن العدوّ.
سرقة موادّ صحافيّين
هكذا، كان "التحقّق من صحّة الخبر" الذي تدّعيه الصحيفة، يحتاج بدوره إلى تحقّق من صحّته. لكنّ تكذيبها الصحافيّين، لم يكن أشنع ما ارتكبته: ضمن الصوَر التي نشرتها، صوَر التقطتها المصوّرة الصحافية كورتني بونّو وأخرى لمراسل "المنار" علي شعيب، وكلاهما يغطّيان ارتكابات العدوّ في الجنوب اللبناني ميدانيًّا بشكل يومي.
يوسم الصحافيّان كلّ صوَرهما باسميهما حفظًا للملكية الفكرية، غير أنّ "لوريون" قامت بتغطيتهما. علمًا أنّ إحدى صوَر بونّو واضحة بما لا يدع مجالًا للشكّ، وتُظهر موقعًا مختلفًا تمامًا عن ذاك الذي ادّعت الصحيفة التحقّق بشأنه. فالصورة من يارون حيث الجدار داخل الأراضي اللبنانية، بينما مقطع الصحيفة أظهر الجدار جنوب عيترون الذي تطرّق إليه كذلك بيان اليونيفيل.
كذّبت الأخبار عن بناء "جيش" الاحتلال جدارًا فاصلًا في يارون
لم تقف بونّو مكتوفة الأيدي، فنشرت مباشرةً على صفحاتها الافتراضية مطالبةً الصحيفة بالاعتذار منها ومن شعيب أو التعويض. لكن جلّ ما قامت به الصحيفة كان حذف منشورها عن صفحتها الناطقة بالإنكليزية وعلى تطبيق "إنستغرام" فقط.
ولدى محاولة المصوّرة الصحافية التواصل مع رئيس تحرير "لوريون" أنطوني سمراني، لم يتجاوب معها، ووصل الأمر إلى حدّ حجبه لها على صفحاته الافتراضية.
بونّو: سأتحرّك قانونيًّا
ومن ضمن ما كتبته بونّو في أحد منشوراتها أنّ الصحيفة "استخدمت عملي من دون إذني، طامسةً اسمي ومحاولةً تقديم المادّة على أنّها معلومات خاطئة. نحن الذين نعمل على الحدود نتعرض لهجمات المسيّرات ونيران القنّاصة". وأضافت: "قُتل عدد من زملائي هنا في لبنان أثناء عملهم على الحدود، وأصيب عدد أكبر في هجمات موجّهة وقصف وقنص.
أنا نفسي تعرّضت لإطلاق النار 7 مرّات، وتلقّيت تهديدات بالقتل من الجيش ال"إسرائيلي". ناهيك بالأثر النفسي الذي يتركه على الصحافيّين التعرّض لمشاهد الموت والدمار الشامل ومشاهدة المذابح وقطع الرؤوس ورؤية الناس يتمزّقون إربًا أمام أعيننا. مع ذلك، نواصل عملنا، وقيام وسيلة إعلامية بسرقة عملنا أمر غير أخلاقي وغير قانوني".
في حديثنا معها، تلفت المصوّرة الصحافية إلى أنّ "ما فعلته الصحيفة معي ومع الزميل علي شعيب يُعدّ مخالفة قانونية" وستقوم بالتحرّك قانونيًّا، علمًا أنّ المادّة الثانية من قانون حماية الملكية الأدبية والفنية اللبناني الرقم 99/75 نصّت على أنّ من ضمن الموادّ المشمولة بالحماية القانونية "الأعمال السمعية والبصرية والصوَر الفوتوغرافية".
وتقول بونّو إنّ "لوريون" تستهدف الصحافيّين الذين يخاطرون بحيواتهم من أجل توثيق ما يحصل في الجنوب اللبناني، وتُحجب في الأخير الموادّ عن الجمهور كأنّ شيئًا لم يكن، مذكّرةً بأنّ شعيب نجا من الغارة الصهيونية التي استهدفت مكان إقامة الصحافيّين في حاصبيّا العام الماضي.
يُذكر أنّ بونّو دائمًا ما واجهت المصاعب بسبب فضحها جرائم الاحتلال الصهيوني، كان أحدها في تمّوز (يوليو) الماضي عندما قرصها موظّف في السراي الحكومي لمنعها من سؤال المبعوث الأميركي السيّئ السمعة طوم برّاك عن الاعتداءات جنوبًا، إلى جانب التهديد الجسدي الذي واجهته وتواجهه يوميًّا إلى جانب الصحافيّين الآخرين بمن فيهم شعيب.
"حرّية وديموقراطية"... على الطريقة الأميركية
في المحصّلة، تكون "لوريون" قد نصّبت نفسها مدافعةً عن وجهة النظر الصهيونية، إلى درجة لا يهمّها نشر أخبار خاطئة، ولا سرقة موادّ، ولا عدم تصويب أخطائها. وصلت إلى حدّ اللجوء إلى تصرّفات دائمًا ما ادّعت أنّها تعارض "الأنظمة الشمولية" بسببها. لا بأس، فيبدو أنّ هذه التصرّفات تتماشى مع "الحرّية والديموقراطية" على الطريقة الأميركية.