عين على العدو
ذكر موقع "والا الإسرائيلي" في مقال للباحث الصهيوني طال الوفيتش، وهو باحث في معهد "مولَد" ومؤلف كتاب "سياسة الأمن" (2021) حول تعامل حكومات "إسرائيل" مع "الإرهاب" (المقاومة) الفلسطيني من "أوسلو" حتّى "الجرف الصامد"، أنه بينما تقف الإخفاقات الأمنية في 7 أكتوبر في مركز النقاش العام، فإن انهيار مؤسسات "الدولة" (الكيان) المدنية يكاد لا يحظى بأي اهتمام. وأكد أنّ تحقيقًا منفصلًا ومعمّقًا مطلوب لفهم كيف انهارت منظومات بمئات المليارات في لحظة الحقيقة، ومن يتحمل المسؤولية عن ذلك.
وأشار إلى أنّ شعار "لجنة تحقيق الآن!" يتردّد في شوارع "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر، وبصورة أشد منذ النهاية غير الرسمية للحرب، وأن المطالبة بلجنة تحقيق رسمية لـ"الدولة" أمر أساسي، لكن مثل هذه اللجنة ستجد ـ وفق تقديره ـ أنّ كثرة الأسئلة ترافقها كثرة الإجابات الممكنة، "والله وحده يعلم كم لدينا من أسئلة حول الإخفاق الأمني في 7/10".
وأضاف الموقع أنّه في حين يُوجَّه كلّ الانتباه العام إلى المحور الأمني، فإن جبهة أخرى تكاد لا تحظى بالاهتمام، باستثناء "مراقب الدولة"، وهي "الجبهة المدنية" التي انهارت واختفت وصمتت في مطلع الحرب وفي أشهرها الأولى. وأكد أن الحاجة إلى فحص معمّق لانهيار آليات "الدولة المدنية" لا تقل أهمية عن فحص الإخفاق الأمني، لأن تبعات هذا الفشل على متانة "المجتمع" "الإسرائيلي" (الكيان) كارثية.
وتابع ""دولة إسرائيل" قبيل الحرب أنفقت سنويًا نحو 400 مليار شيكل (بعد خصم نفقات "الأمن" والديون) على أجهزتها المدنية، لكنّها أخفقت في لحظة الحقيقة، إذ سدّ المواطنون والمنظمات الفراغ في الأشهر الأولى. وتولّت غرف عمليات "أهلية" التزويد بالمعدات العسكرية و"المدنية"، كما تولّى "المجتمع المدني" تنظيم مظلة المساعدة للذين أُجلوا من بيوتهم، وإدارة منظومات ضيافة وإطعام واسعة". وطرح تساؤلًا مركزيًا: كيف يمكن لمنظومة بهذه الكلفة وبهذه الدرجة الظاهرية من الجهوزية أن تنهار فورًا؟ وهل نتحدث عن إخفاق ميزاني أو تنظيمي أم مشكلة أعمق في الثقافة الإدارية؟ معتبرًا ذلك "مجرد رأس جبل الجليد من أسئلة حاسمة".
وأضاف أنّ الفصل بين الجبهة والداخل هو فصل اصطناعي، فـ"في زمن الحرب، كلنا في الجبهة". وأوضح أن إخفاقات الجبهة الداخلية تشكّل تهديدًا لا يقل خطورة عن الإخفاقات العسكرية، وأن تحقيقًا شاملًا للجوانب "الأمنية والمدنية" هو السبيل الوحيد لاستخلاص الدروس.
وأشار إلى أنّ "الجمهور" (المستوطنين) يجب أن يطالب بتحقيق يفحص أداء وزارة المواصلات خلال محاولة آلاف جنود الاحتياط الوصول إلى وحداتهم، وأداء وزارة التعليم في التعامل مع صدمة الطلاب والمعلمين، وأنه لماذا ظهرت صعوبات في تحويل المساعدة الاقتصادية لجنود الاحتياط وأصحاب المصالح التجارية مقابل الوعود الحكومية، ومن المسؤول عن "عشرات ملايين الشواكل التي اختفت فجأة بين الخطط؟".
كيف انهارت واختفت مؤسسات "الدولة المدنية"؟
ودعا الوفيتش إلى المطالبة بإقامة لجنة تبحث بعمق في كيفية انهيار مؤسسات "الدولة المدنية"، مؤكدًا أن الاكتفاء بشعارات مثل "استخلاص الدروس" و"التحسين المتواصل" بات غير مقبول. وسجّل أن سنتين مرّتا منذ 7 أكتوبر من دون أن تُجري الوزارات الحكومية تحقيقات علنية لإخفاقاتها، ومن دون إقالة أي مسؤول بسبب عدم الجاهزية للطوارئ، "وكأن أحدًا لا يطالبهم بذلك". وختم بضرورة إجراء تحقيق عميق وشامل وغير متهاوِن لكل منظومات "الدولة"، ونشر نتائجه أمام الجمهور لمعرفة أين وقع الإخفاق ومن أخفق، وكيف يمكن ـ ربما ـ منع تكراره في المستقبل.