اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي النائب عمار: ما يُجرِّئ اعتداءات العدو أصوات في الداخل جعلت نفسها أدوات له 

خاص العهد

أهل الضاحية من قلب الاستهداف.. إرادتنا كما مقاومتنا لا تُكسر
خاص العهد

أهل الضاحية من قلب الاستهداف.. إرادتنا كما مقاومتنا لا تُكسر

عدوان صهيوني يستهدف مبنى سكنيًّا في وضح النهار والضاحية تجيب بالصلابة والتمسك بالمقاومة
113

في اعتداءٍ جديد يكرّس نهج التصعيد الصهيوني ضدّ المناطق الآمنة، شنّ العدوّ "الإسرائيلي" عصر اليوم الأحد 23/11/2025 غارة جوية عنيفة استهدفت شقتين سكنيتين في مبنى يقع على شارع العريض في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. الغارة التي وقعت قرابة الساعة الثالثة إلا ربعًا تسببت بدمار واسع في الطابقين الثالث والرابع من المبنى، وامتدّ أثرها إلى عدد من المحال التجارية المجاورة، وسط مشاهد هلع بين السكان والمارة.

وهرعت فرق الإسعاف والدفاع المدني فورًا إلى المكان، حيث عملت على إجلاء الجرحى وإبعاد المواطنين عن محيط المبنى المستهدف، بعدما ناشدت الأجهزة الأمنية السكان الابتعاد لإتاحة المجال أمام عمليات الإسعاف والبحث.

وكانت المنطقة مكتظة بالسكان والمارة لحظة وقوع الغارة في ما المشاهد الأولية تُظهر وجود عدد من الجرحى الذين جرى نقلهم عبر سيارات الإسعاف إلى المستشفيات القريبة، في ما أعلنت وزارة الصحة عن ارتقاء شهيد ووقوع 21 جريحًا في حصيلة أولية.

ونقل بعض شهود العيان مشاهداتهم المباشرة وفي تصريح لموقعنا قال أحدهم "كنت متواجدًا قرب المبنى لحظة وقوع الغارة، وشاهدت عددًا من الجرحى يُسعَفون مباشرة على الطريق. الانفجار كان قويًا جدًا، وكان الشارع مكتظًا بالناس في هذا الوقت، ما زاد من حجم الإصابات".

وقد وصلت فرق من شرطة بلدية حارة حريك لتسهيل حركة سيارات الإسعاف ومنع المواطنين من الاقتراب من المنطقة المستهدفة، خصوصًا أنّ خطر الانهيارات الجزئية في المبنى قائم بعد الضربة المباشرة للطابقين العلويين.

ويأتي هذا الاعتداء في إطار ما وصفه مراقبون بأنه تصعيد خطير يضاف إلى سلسلة من الاعتداءات الصهيونية على جنوب لبنان والبقاع خلال الأيام الماضية، في انتهاك صارخ لوقف إطلاق النار الساري منذ نحو عام.

ويأتي هذا الاعتداء ليؤكد مجددًا أن العدوّ الصهيوني يتعمّد استهداف أهالٍ آمنين ومدنيين في قلب الضاحية الجنوبية، في اعتداء سافر وفي وضح النهار على منطقة مكتظة بالسكان. فمنطقة حارة حريك تُعد من أكثر الأحياء حيوية، وفي هذا التوقيت تحديدًا تكون الحركة في الشارع العام في ذروتها، ما يضاعف من خطورة الجريمة.

 وللتذكير، فإن آخر استهداف مباشر للضاحية الجنوبية كان قبل أشهر، في ليلة عيد الأضحى، حين نفّذ العدوّ غارة على حيّ سكني أسفرت حينها عن شهداء وجرحى. واليوم، يعيد الاحتلال الكرة مستهدفًا مبنى سكنيًا مدنيًا بالكامل، في تصعيد يعكس استخفافه بكلّ القوانين والأعراف، وإصراره على نقل دائرة العدوان من الجنوب والبقاع إلى قلب العاصمة، حيث يعيش آلاف المدنيين الآمنين.

موقع العهد الإخباري استطلع آراء عدد من الأهالي الذين هرعوا إلى المكان فور وقوع الغارة، وكانت شهاداتهم تعكس حجم الصدمة، لكنّها في الوقت نفسه تعكس تمسّكًا واضحًا بخيار المقاومة. أبو علي، أحد سكان المبنى المحاذي، قال لـ"العهد": "رأينا النار تخرج من الطابق الثالث. هذا استهداف مباشر لمدنيين آمنين. لم يعد لدى العدوّ أي ادعاء يمكن أن يبرر ضرباته. نحن هنا منذ عشرات السنين، ولن نغادر مهما فعلوا".

من جهتها، تقول أم عباس التي قدمت إلى مكان سكن نجلها: "كلما زاد العدوّ في عدوانه، زادت قناعتنا أننا على الطريق الصحيح. نحن مع المقاومة، ليس بالشعارات فقط، بل بالفعل والصبر والثبات، ضاحية السيد حسن لن تُسقط بالترهيب ولا بالترغيب".

أما حسن وهو شاب كان في متجره لحظة وقوع الغارة، فروى لموقعنا عن تلك اللحظات: "المتجر اهتزّ  بالكامل. خرجت إلى الشارع ووجدت الناس تصرخ والدمار في كلّ مكان. ومع ذلك، الناس هنا واقفون على أقدامهم. لا أحد يفكر بالرحيل. كلنا يد واحدة بجانب المقاومة لأنها الوحيدة التي تحمينا".

الحاج عبد الكريم، وهو من سكان المنطقة منذ الثمانينيات، قال "نحن أبناء هذه الأرض. الضاحية إرادة فلو استهدفونا مئة مرة… سنعيد البناء مئة مرة. هذه سياسة فاشلة لن تحقق للعدو شيئًا. أهل الضاحية لا ينكسرون".

في ما قالت فاطمة وهي تقف أمام متجرها مكان العدوان: "هذه المنطقة تضم أطفالًا ونساءً وكبار سن. ماذا يريد العدو؟ يريد ضرب صمود الناس. لكنّه لا يعرف طبيعة أهل الضاحية، نحن هنا لن نترك بيوتنا، ولن نتراجع عن خيار المقاومة".

ليلى أيضًا، من سكان المنطقة أشارت في حديثها لموقعنا إلى أن المشهد يعيد للأذهان أيام الحرب "لكن الفرق اليوم أن الناس أكثر ثباتًا وأكثر وعيًا. لم يعد هناك خوف كما كان في السابق. كلنا نعرف أن الاستهداف هو بهدف الضغط على المقاومة، لكن النتيجة لن تكون إلا مزيدًا من الالتفاف حولها".

وتجمع شهادات الأهالي على حقيقة واحدة: أن العدوّ يعمد إلى استهداف مناطق سكنية آمنة في خرق واضح لوقف إطلاق النار، وأن هذا الاستهداف لن يحقق له أي مكاسب، بل سيعزز التلاحم الشعبي.

ورغم الأضرار التي سبّبها العدوان، يؤكد سكان المنطقة أن العدوان لن ينجح في تفكيك البيئة الحاضنة للمقاومة. فكلّ  شهادة جمعت بين الغضب من استهداف المدنيين وبين التأكيد على البقاء.

وفي المحصلة، لم تزد الغارة الصهيونية على حارة حريك سكان الضاحية الجنوبية إلا ثباتًا على الثبات، وإصرارًا أشد على التمسك بخيار المقاومة. فالاستهداف المباشر للبيوت والآمنين لم ينجح ولن ينجح في زرع الخوف أو إحداث شرخ في بيئة اعتادت مواجهة العدوان بالصلابة ذاتها التي رسّختها سنوات المواجهة واختصرت اليوم الموقف بقولها: "إذا كان العدوّ يراهن على تعب الناس، فهو واهم. نحن هنا… باقون ومع المقاومة حتّى قيام الساعة".

هكذا يردّ أهل الضاحية من قلب الجراح: بالصلابة، بالوعي، وبمزيد من الالتفاف حول خيارهم الوطني. وفي مواجهة عدوان لا يتوقف، ليأكدوا أن الضاحية الجنوبية هي الرقم الأصعب، وأن إرادتها كما مقاومتها لا تُكسر.

الكلمات المفتاحية
مشاركة