اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي خلاف كاتس وزمير يتفاقم ونتنياهو يدخل على الخطّ

مقالات مختارة

كيف لك أن تفعل بنا ذلك!
مقالات مختارة

كيف لك أن تفعل بنا ذلك!

55

صحيفة "الأخبار" - إبراهيم الأمين

يا سيد، هل من كلمة أخيرة؟

أَلسْتَ من عاتبت رفيقك، الذكي اللمّاح، وقائد الاستخبارات «مرتضى»، لأنه وافق على البقاء في مُنشأة المريجة، بعد قصف مُنشأة «السيد»... وبقيت مذهولاً من ذلك؟

أَلَسْتَ من طلب شطب خرائط الأمكنة من جداول الأعمال، حتى ولو كان ذلك مُتعِباً للجميع، وليس فيه جزم بمنع العدو من الاقتراب؟

أَلَسْتَ من فرض على محيطه الشخصي، والحزبي، والعملي، تغيير قواعد الحياة اليومية، ما فرض جدول أعمال مُنهِكاً، فقط لكي لا تعطي العدو الفرصة؟

أَلَسْتَ من أحسن السير بين الحقول والألغام، ونجوت مرات كثيرة، وأنت المُلاحَق مُنذ عامين بصورة لصيقة، وأنت المُطارَد مُنذ عقد على الأقل في كل نواحي الأرض، وأنت العارِف بخبث العدو ودهائه؟

أَلَسْتَ من كان يعرف أن المعركة قاسية ولا رحمة فيها، وأن الخطأ يجلب الموت، وكنت تعاني الأمرَّيْن من حصول ذلك؟

أَلَسْتَ من قال للشيخ نعيم إنه يمكن للعدو قصفنا الآن، ونحن في الاجتماع، وليس عندنا جزم بأنه بات أعمى لا يرانا، وكنت تلحّ بالمزيد من الإجراءات حول الأمين العام؟

أَلَسْتَ من طاردك العدو سبعين يوماً كاملة، يسمع صوتك، ويلحق بك من بيت إلى بيت، وأنت تصيبه بالذعر كلّما نجوت، ثم تعطيه درساً في معركة أولي البأس؟

أَلَسْتَ من تلقّى، قبل أقل من شهر، تحذيراً مباشراً، بالاسم الثلاثي، من أنّك الهدف المركزي الأول للعدو في لبنان وخارجه؟

أَلَسْتَ من اختار الأمكنة الجديدة لحركتك، واجتماعاتك، وألغيت الكثير من العناوين منعاً للخطأ؟

أَلَسْتَ من واجه اختبارات تفوق قدرة دول، وعملت في ساحات بعيدة، تقطع الصحارى لأيام، ولا ينجح الأعداء في الوصول إليك؟

ألمْ تراوغ أكبر استخبارات العالم في مطارات وعواصم، وتركتها لا تلحظ لك أثراً في المدن الكبيرة... واختفيت عن الرادارات وأجهزة الاستخبارات الكبيرة؟

أَلَسْتَ من كنت تعطي الدروس لمقاومين من العرب الأَقحاح في كيفية التخفّي، وبناء الدفاع السلبي، وعدم التهاون مع قدرات العدو وإمكاناته، البشرية والتقنية، وكنت الناصح اللجوج؟

أَلَسْتَ أنت من تحايل على وصية السيد الكبير، وابتدعت مداخل ومخارج للكلام، وحوّلت المشورة للحلفاء إلى توصية مُلزِمة، فأصبت من دون إحراج القائد الحبيب؟

أَلَسْت أنت من قال إن السهو ممنوع مع هذا العدو، وكيف كنت تفكّر بعد عمليات اغتيال لأساتذة ورفاق درب؟

أَلَسْتَ من كان يقيس المسافة بين صخرة وصخرة، باحثاً بين الهضاب والأحراج عن زاوية تقيك حتى من ضوء القمر؟

أَلَسْتَ أنت من بقي في الخيام، خلال حرب تموز عام 2006، تُقاتِل وتُقاتِل، وتضرب وتنتقل من مكان إلى آخر، تحمل بين يديك غُرفة العمليات، وتُصيب من العدو مَقتلاً، وتبقى بعيداً عن الأعين والآذان...؟

أَلَسْتَ أنت كلّ ذلك وأكثر... فكيف لك أن تذهب إلى هذه الشقّة؟!

ما الذي جعلك تُقدِم على خطوة كهذه، وأنت من يعرف بالتفاصيل أن الأجهزة الأمنية العربية والعالمية تعمل ليلَ نهارَ على جمع كُل شيء عنك؟

تلك البناية، ومن ضمنها الشقّة، التي عملت فيها لسنوات، كانت معروفة بالكامل للعدو، وعندما تجنّب ضربها في الحرب السابقة، فهو فعل ذلك، لأنها كانت خارج برنامج أولوياته، ولأنه كان مُدرِكاً بالدليل أنها باتت مُعطّلة...

كيف لك أن تذهب بقدميك إلى حيث تقول التجارب إن العدو يُراهن كُلّ الوقت على هفوة بسيطة تُتيح له النفاذ إلى حيث يُريد؟ وكيف لك أن تفعل ذلك، وأنت العارف بأن بقاءك على قيد الحياة هو «تكليفك» كما كُنت تعرف، حتى ولو كنت تتوقّع الاستشهاد في وقت قريب؟

يحار المرء في فهم بعض الأمور. فكيف مع رجال مثل «أبو علي»، رجل لم يكن مُتعَباً من الحرب، ولم يكن مُدبِراً هارباً من المُواجهة، ولم يكن خارج دائرة الفعل والعمل... ولذلك، تصبح الأسئلة، لائحة عتاب يطول.

لم يعد هناك مجال للبحث في قصص لا مكان فيها للعقل. ولم تعد هناك جدوى من السؤال عن أمور ليس فيها منطق ثابت!

ولأنّ الدرس كان قاسياً، وقاسياً جداً، وجب على من بيده الأمر، أن يُمسِك بالكتاب وأن يُمزّق كُل الصفحات المُتّصلة بما مضى، وأن يُعيد ترتيب المكان، ليس هرباً ولا خوفاً من القتل، ولا ضعفاً أمام عدو مارق لا ينفع معه شيء سوى الإزالة.

بات لِزاماً على كُل من بيده الأمر أن يعرف أن للعقل قدرة على التحمل، وأن المعركة باتت مُختلفة مع عدو، غيّر كثيراً من آليات تفكيره، وبدّل أدوات عمله، ورفع من مُستوى الخُبث والدهاء، ليصل إلى أعلى ما يُناسبه من سفك للدماء.

والدرس الأهم لكُل فرد يتصرف أنه معنيّ بهذه المعركة الكبيرة، هو العودة إلى الأصول، وإلى البحث مرة جديدة، في الانتقال إلى مرحلة المبادرة، ولنا حجّة في العبارة – المِفتاح: إن هبتَ شيئاً، فقع فيه!

الكلمات المفتاحية
مشاركة