عين على العدو
أكدت صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" أن نصف مستوطني المطلة عادوا حتى الآن إلى منازلهم، وقد مرّت سنة كاملة منذ وقف إطلاق النار في الشمال، في الاتفاق الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، مشيرة إلى أنه بعد أربعة أشهر، أمرت الحكومة المستوطنين بالعودة، لكن 48% فقط منهم اختاروا الرجوع حتى اليوم.
ورأت الصحيفة أن الصعوبات والمخاوف ظاهرة بوضوح، فالمستوطنة تحوّلت خلال عامين إلى بلدة أشباح فارغة، فقد تضرر 450 منزلًا، أي 70% من المباني، جرّاء صواريخ حزب الله. وأكثر من 2200 قذيفة وصاروخ وقذيفة هاون أُطلقت على "المطلة" خلال المعركة، ما منحها لقب المستوطنة التي تلقت أكبر قدر من النيران.
ورأت الصحيفة أن "أكثر ما يلفت النظر في المطلة حاليًا هو أعمال البناء، الترميم، الرصف، وإعادة التأهيل، والتي قد تشي بالكثير من التفاؤل الذي يوازن التشاؤم الذي ينبعث من المعطى الأول"، وفق تعبيرها.
وقالت الصحيفة إن "السؤال الكبير في المطلة الآن: هل ينظرون إلى نصف الكأس الممتلئ لدى المتفائلين الذين يرمّمون، أم إلى النصف الفارغ لدى نصف "السكان" (المستوطنين) الذين لم يعودوا؟ إنها مستعمرة يبلغ عدد سكانها ألفي نسمة، ألف عادوا وألف بقوا في أماكن أخرى".
وشددت الصحيفة على أنه "من المهم التذكير بأن المتفائلين أنفسهم، وعلى رأسهم رئيس المجلس خلال العقد الأخير دافيد أزولاي، شكّكوا قبل أشهر في الدعوة إلى العودة". وأوضحت أن "أزولاي، الذي لم يغادر "المطلة" طوال فترة المعركة ودافع عن حقوق "سكانها" (مستوطنيها)، قدّم في شباط/فبراير 2025 التماسًا إلى المحكمة العليا، معتبرًا أنّ قرار الحكومة بفرض العودة الفورية غير معقول وأن المطلة ليست صالحة للسكن بعد. لكن المحكمة رفضت الالتماس وألزمت المستوطنين بالعودة أسوة ببقية مستوطنات الشمال. ويعترف أزولاي هذا الأسبوع بأنه غضب من القرار، لكنه قبله ومنذ ذلك الوقت يبثّ التفاؤل والطاقة".
ويقول أزولاي إن المدرسة المحلية في "المطلة" لم تُفتح بسبب نقص الطلاب، ولم يعد مئات طلاب كلية "تل حاي" الذين كانوا يسكنون سابقًا في "المطلة"، فهم يفضّلون أماكن أكثر أمانًا، وكثير من المصالح التجارية لا تزال مغلقة.
ويتابع أزولاي: "في الأيام الأخيرة تناولت نشرات الأخبار مسألة احتمال تجدد النار في لبنان، لكن في "المطلة" نفسها يتحدث الجميع عن موضوع آخر: العائلات "المتديّنة" التي وصلت مؤخرًا. كل من تحدثت معهم أراد الحديث عن ثلاثين عائلة "متديّنة" وصلت خلال الأشهر الماضية، مع عدد كبير من الأطفال. ليست نواة توراتية رسمية، لكن كثيرين يخشون أن تكون "نواة توراتية متنكرة"" حسب تعبيره. وقال عدد من المستوطنين بقلق: "نحن نعيش في بلدة زراعية علمانية. هم جاؤوا ظاهريًا لتعزيزنا واستأجروا منازل، لكن الأمر يثير الشك. لم نطلب تعزيزًا، ونحن قلقون على طابع المكان وهويته".
ونقلت الصحيفة أيضًا عن مرِيم هود، صاحبة فندق "بيت شالوم"، قولها: "لم يكن لدينا خيار، أصبحنا نازحين لسنة ونصف، عدنا في نهاية آذار/مارس ورأينا دمارًا كبيرًا. أصاب المنزل صاروخ وأحدث أضرارًا كبيرة داخله وخارجه. وفي الشهر الأخير افتتحنا الفندق مجددًا. لدينا خمسة أجنحة وثماني غرف. وبسبب غياب النوافذ لفترة طويلة امتلأ المكان بالجرذان والفئران والقطط. وعندما عدنا رمينا كل شيء".
وتضيف هود: "أدير هذا الفندق منذ أكثر من 30 عامًا. نحن نعتمد على السياحة الداخلية. وزير السياحة لم أره ولم أسمع عنه. لم أرَ أيضًا أي حملة تشجع السياحة في الجليل. المشكلة إقليمية، ومن الصعب جدًا تطوير السياحة في الجليل. ما نحتاجه هو الهدوء الأمني؛ الهدوء هو ما يجلب الزوار".
وتابعت الصحيفة أنه خلال الحرب تلقى فندق "ألاسكا" صواريخ عدة ودُمّرت منه أجنحة كاملة. وهو يخضع الآن لترميم شامل، ووضعه غريب بشكل خاص، إذ أجري فيه عام 2022 ترميم كبير بتكلفة 15 مليون شيكل، وقبل اكتماله اندلعت الحرب. ويقول يوسي سويسا، صاحب الفندق: "منذ اللحظة التي سمحوا لنا بالدخول بدأنا الترميم مجددًا. أزلنا طابقًا كاملًا، وفككنا الفندق حتى مستوى الهيكل. هذا أمر دراماتيكي ومليء بالتحديات. نحن الآن في خضم ترميم بتكلفة 25 مليون شيكل".