اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

مقالات مختارة

علي عمار: هذه قصتنا مع البابا
مقالات مختارة

علي عمار: هذه قصتنا مع البابا

69

صحيفة "الجمهورية" - عماد مرمل

مع مغادرة البابا لاوون الرابع عشر الربوع اللبنانية بعد زيارته التاريخية، سيستفيق اللبنانيون من "حلم" المحبّة والسلام والوئام والتعايش، وسيعودون إلى نزاعاتهم وخنادقهم، والأسوأ، أنّ العدوّ "الإسرائيلي" سيستأنف اعتداءاته بعد "تهدئة قسرية" ولو نسبية وهشة، فرضها عليه وجود البابا.

إلى حين اختبار مستوى الزخم الذي يمكن أن يتأتّى من زيارة البابا، وتبيان ما إذا كانت ستترك أي تأثير على الواقع الداخلي، أم أنّ "الشياطين" ستبتلع مفاعيلها، يمكن التوقف عند عدد من العلامات الفارقة التي واكبتها، ومن بينها طريقة مقاربة حزب الله لها.

لقد استطاع "الحزب" أن يكون جزءًا حيويًا من مشهدية التفاعل مع البابا، بدءًا من الرسالة التي وجّهها إليه، شارحًا فيها فهمه لطبيعة النموذج اللبناني وسرديته للنزاع مع الكيان ال"إسرائيلي"، مرورًا بالاستقبال الدافئ من قِبل كشافة المهدي في الضاحية الجنوبية، حيث علت هتافات الترحيب بالزائر الاستثنائي، ورفرف العلم اللبناني وعلم الفاتيكان فوق جسر أُعيدت صياغة وظيفته ليكون أبعد من مجرد وصلة جغرافية، وصولًا إلى مشاركة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد على رأس وفد من نواب الكتلة، في اللقاء الذي عُقد مع البابا في قصر بعبدا، بينما غاب عنه على سبيل المثال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.

وبمعزل عمّا إذا كانت دواعي البروتوكول أم الدوافع السياسية هي وراء عدم دعوة جعجع، الّا أنّ الصورة التي ارتسمت في القصر الجمهوري كانت غنية بالرمزيات والدلالات: غاب جعجع وحضر رعد في عزّ الحصار والضغط على "حزب الله"!

ويمكن الاستنتاج أنّ "الحزب" الذي يتعرّض منذ سنوات إلى حملات لشيطنة صورته وحصرها في قوالب جامدة، نجح في إعادة تظهيرها على نحو مغاير وفق معاييره ومفاهيمه، بعيدًا من التنميط المعلّب، ملتقطًا فرصة وجود البابا في لبنان لتقديم نفسه على حقيقتها و"استئناف" الأحكام السياسية المسبقة الصادرة في حقه.

وإذا كان البعض قد اعتبر أنّ مشاركة "كشافة المهدي" في استقبال البابا عند مروره في الضاحية من عجائب البابا لاوون، فإنّ "الحزب" لا يوافق على هذه المقاربة والمبالغة، بل هو يضع سلوك أعضائه وكشافته في سياق التعبير الطبيعي والتلقائي عن منظومة القيم التي يحملها، موحيًا بأنّ مَن تفاجأ باستقباله الحار للبابا، إنما لديه في الأساس سوء فهم له تحت تأثير حملات التحريض والحرب النفسية.

ثم أنّ هناك من يلفت إلى أنّ علاقة حزب الله بالفاتيكان قديمة وإيجابية اصلًا، ولطالما وُجدت خطوط تواصل بين الجانبين عبر السفارة البابوية في لبنان، كان يتمّ تفعيلها كلما اقتضت الحاجة.

وضمن سياق متصل، يؤكّد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" وابن الضاحية النائب علي عمار لـ""الجمهورية"، انّ قصّة تفاعل حزب الله مع زيارة البابا غير معقّدة، ولا تتحمّل الإفراط في التفسيرات والاجتهادات، "إذ إننا حزب يختزن أبعادًا إنسانية وليس طائفيًا ولا متزمتًا ولا منطويًا على نفسه، وإنما متفاعل مع كلّ الطوائف والمكونات في لبنان، وبالتالي نحن لاقينا البابا انطلاقًا من هذه الروحية".

ويشدّد عمار على أنّ مشاركة "الحزب" الفاعلة في استقبال البابا ومواكبة زيارته "تعكسان اقتناعنا وتمسكنا الثابتين بمبدأ العيش المشترك"، مؤكّدًا انّ "هذا المبدأ بالنسبة إلينا ليس مجرد شعار نطلقه بل هو نمط حياة نترجمه على الأرض".

ويشير عمار إلى "انّ زيارة البابا لا تنحصر في الإطار الروحي فقط، بل تحمل في طياتها أبعادًا سياسية، كون الزائر رئيس الفاتيكان، بكلّ ما ترمز إليه هذه الدولة من مبادئ على مستوى العالم". ويضيف: "انطلاقًا من ذلك، فإنّ ما نعانيه في لبنان نتيجة العدوانية "الإسرائيلية" المتمادية يستوجب تدخّلًا من قداسة البابا ربطًا بموقعه المعنوي، للضغط على الكيان "الإسرائيلي" من أجل وقف اعتداءاته". ويعتبر "انّ استقبال كشافة المهدي للبابا في الضاحية أثناء توجّهه إلى القصر الجمهوري، لا يُصنّف في خانة الإعجوبة كما تهيأ للبعض، بل هو تصرّف طبيعي وبديهي، ينسجم مع ثقافة "الحزب" وقيمه".

الكلمات المفتاحية
مشاركة