اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي لا كلام مباشرًا.. ودور جديد للـ"ميكانيزم"

مقالات مختارة

طعن في
مقالات مختارة

طعن في "تعميمَي نصّار" لكتاب العدل: انتهاك للقانون وتجاوز للصلاحيات

31

رؤى قاسم - صحيفة الأخبار

تقدم عدد من المحامين بطعن أمام مجلس شورى الدولة لطلب وقف تنفيذ التعميمين 1355 و1438 الصادرين عن وزير العدل، عادل نصّار، إلى كتّاب العدل، «نظراً لخطورة المخالفات التي وردت فيهما». فيما تقدّم عدد من كتّاب العدل بطعن منفصل، وقد يُحال الملفّ إلى مجلس القضايا في شورى الدولة نظراً لطابعه العام.

وأوضح مصدر قانوني لـ«الأخبار» أنّ التعميمين تضمّنا مجموعة واسعة من المخالفات القانونية أثّرت مباشرة على عمل المحامين وعلى تنظيم مهنة كاتب العدل، لافتاً إلى أن وزير العدل اعترف بشكل غير مباشر، بعدم قانونية التعميمين، بعدما طلب في جلسة مجلس الوزراء في 23 تشرين الأول، إدراج بند على جدول الأعمال يقضي بتعديل أحكام قانون كتاب العدل «لإقرار التعميمين تمهيداً لإحالتهما إلى مجلس النواب». وهو ما يشكّل «اعترافاً واضحاً بأنّ التعميمين غير موجودين أصلاً في النصوص القانونية، وأنّ نفاذهما يتطلّب تعديلاً تشريعياً وليس مجرّد إصدار تعميم إداري».

وعقب جلسة للجنة الإدارة والعدل، في الرابع من الشهر الفائت، أي بعد إصدار التعميم التوضيحي رقم 1438، أعلن رئيس اللجنة النائب جورج عدوان أنّ اللجنة اتفقت مع الوزير على إصدار تعميم توضيحي ثالث «يحلّ الإشكالات»، ما يعني ضمناً أنّ السلطات المعنية نفسها تعترف بوجود مخالفات جوهرية، إلى حدّ محاولة الاتفاق على «عدم تقديم الطعون»، في خطوة تُعدّ تدخّلاً في عمل القضاء وتجاوزاً لمبدأ فصل السلطات، إذ لا يحقّ لأي سلطة تشريعية أن تمنع متضرّراً من مراجعة القضاء المختص.

وعن سبب تقدّم المحامين بالطعن، يوضح المصدر أن إحدى المخالفات الأساسية في التعميمين مرتبطة بقانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2015، وتحديداً المادة الخامسة التي تمنح المحامين استثناءً واضحاً في كيفية تطبيق الموجبات الواردة فيها. إذ إن التعميمين تجاهلا هذا الاستثناء وفرضا موجبات جديدة على المحامين من خارج القانون، وهو ما دفعهم إلى التحرك انطلاقاً من موقعهم المهني وحرصهم على احترام النصوص التشريعية.

كما فرض التعميمان على كتّاب العدل موجبات غير منصوص عليها في القانون، مثل التثبّت من مصادر الأموال، والتحقّق من وجود السماسرة وأرقامهم الضريبية، وهي مسائل لا يمكن أن تُفرض بقرار إداري، لأن الوزير لا يمتلك صلاحية استحداث موجبات جديدة على مهن منظّمة بقانون. ويحوّل هذا الأمر كاتب العدل من موظّف عام مختصّ بالتوثيق إلى سلطة تحقيق أو سلطة قضائية. إذ يُفترض به تقدير ما إذا كان دخل أي شخص «منطقياً» أو «غير منطقي»، وإبلاغ هيئة التحقيق الخاصة عند الشك بوجود أموال غير مشروعة، رغم أنّ ذلك ليس من صلاحياته إطلاقاً.

هذا الإجراء يعرّض المحامي أيضاً لمخاطر مباشرة، فإذا وقف أمام كاتب العدل بصفته وكيلاً عن أحد الأطراف وصرّح عن قيمة عقد، مثلاً: بيع شقّة بـ150 ألف دولار، ثم تبيّن لاحقاً أنّ الموكّل قدّم معلومات غير صحيحة، فقد يُحاسَب المحامي تكافلاً وتضامناً معه، لأنه صرّح باسمه، ما يشكّل خطراً كبيراً على مهنة المحاماة وعلى سير العلاقة بين المحامين وكتّاب العدل.

وتناول التعميم كذلك موضوع تأسيس الشركات، وهو ما يمسّ المحامين بصورة مباشرة، باعتبار أن إنشاء شركات الأموال في لبنان، مثل الشركات المحدودة المسؤولية أو المساهمة، لا يتمّ قانوناً من دون محامٍ. وبالتالي، حين يمنع التعميم أي شخص وارد اسمه على «لوائح العقوبات» من تأسيس شركة، فإنه بذلك يعطّل عملياً دور المحامي. والأخطر أنّ هذا المنع غير منصوص عليه في أي قانون، بل يستوجب تشريعاً صادراً عن مجلس النواب، وليس تعميماً صادراً عن وزير.

أمّا بالنسبة إلى لوائح العقوبات، فأوضح المصدر أن التعميم الأول رقم 1355 تحدّث عن العقوبات «المحلّية والدولية». ثم جاء التعميم التوضيحي الثاني ليحدّد أنّ المقصود هو «لائحة الإرهاب المحلية ولائحة مجلس الأمن»، لكنه أضاف عبارة «وإعلامات هيئة التحقيق الخاصة»، ما يفتح الباب عملياً لإدخال أي أسماء ضمن هذا الإطار الفضفاض.

وأشار المصدر الى أن أي «لائحة عقوبات»، حتى لو كانت محلية، لا تُنشأ بقرار أو مرسوم إداري، ولا يمكن التعامل معها كما تُعامَل «مذكرة البحث والتحرّي» التي تكون محددة لـ30 يوماً. وبالتالي لا يجوز إنشاء أو اعتماد لائحة من هذا النوع من دون نصّ قانوني صادر عن السلطة التشريعية، وإلّا نكون قد أصدرنا، بشكل غير قانوني، «مذكرة بحث وتحرٍّ» بمدّة زمنية مفتوحة. أما لوائح مجلس الأمن، فهي بدورها تحتاج إلى آلية إدماج قانونية داخل النظام اللبناني كي تكون نافذة، ولا يمكن تطبيقها تلقائياً.

في هذا السياق، يلفت المصدر إلى أنه ليس صحيحاً أن السلطات اللبنانية تطبّق فقط اللوائح المحلية، بل إن «الواقع يُظهر أنها تطبّق عملياً لوائح العقوبات الأميركية (OFAC) فور صدورها، إذ تبادر المصارف إلى إرسال إشعارات بتجميد الأموال خلال أيام قليلة». وتوسّع هذا التطبيق مؤخراً ليطال الدوائر العقارية حيث تتم حجز الأملاك للأسماء الصادرة على لائحة العقوبات الأميركية. وهذا يشكّل «تطبيقاً لقرارات أجنبية من دون أي رقابة قضائية لبنانية، وهو أمر مخالف للقانون».

أمام هذه السلسلة المتراكمة من المخالفات، يشكّل الطعن المقدّم أمام مجلس شورى الدولة اختباراً جدياً لمدى احترام مبدأ المشروعية والفصل بين السلطات، ولقدرة القضاء الإداري على إعادة الانتظام القانوني إلى مساره الطبيعي، بعدما تبيّن أن التعميمين الصادرين عن وزير العدل قد تخطّيا حدود الصلاحيات والإجراءات والأصول الدستورية التي يفترض أن تضبط عمل المؤسسات العامة في لبنان.

الكلمات المفتاحية
مشاركة