نقاط على الحروف
صحافية لبنانية
لعلّ من إفرازات عملية "طوفان الأقصى"، وما تبعها من إبادة "إسرائيلية" جماعية في قطاع غزّة، تبلور الدور الأساسي لقناتي "العربية" و"الحدث" السعوديتين في أن تشكلا الواجهة الدفاعية والتبريرية للاحتلال "الإسرائيلي".
شكلت كلّ من القناتين طيلة العامين المنصرمين منصتي دفاع عن الاحتلال ومصدري تبرير لجرائمه الدموية في القطاع. اليوم تنتقل كلّ منهما إلى لبنان، لتحاولا العبث بأمنه وبث الدعاية "الإسرائيلية" القائمة على إثارة البلبلة والتهويل بالحرب. طيلة الأشهر الماضية، إبان وبعيد الحرب العدوانية "الإسرائيلية" على الأراضي اللبنانية، انتهجت المنصتان المسار عينه في أن تضحيا مجرد بوقين للعدو، تردّدان ببغائيًا خلفه ما يدأب على نشره من افتراءات وتزوير وقلب الحقائق، إلى جانب الهجوم على المقاومة وتشويه صورتها وسيرتها. ارتفعت اللهجة أكثر فأكثر بعيد اقرار الحكومة اللبنانية خطة ما يسمّى بـ"حصر السلاح على كافة الأراضي اللبنانية"، وشكلتا منصتين تبرران فيهما الجرائم "الإسرائيلية" خاصة في الجنوب والبقاع، إلى جانب تعمدهما نشر معلومات وأخبار مفبركة هدفها زعزعة الاستقرار وتحقيق الأهداف "الإسرائيلية"، وليس آخرها فبركة خبر منسوب إلى المبعوث الأميركي توم برّاك يهدّد فيه بشن الاحتلال "حربًا واسعة" على لبنان.
إذًا، ساندت كلّ من "العربية"، و"الحدث" السعوديتان الاحتلال "الإسرائيلي" وأسهمتا في تكريس الضغط "الإسرائيلي" الممارس على لبنان، في قضية سلاح المقاومة، وشكلتا بالتالي الذراعين العربيتين للعدو "الإسرائيلي".
عدوان أيلول 2024:
كلنا يتذكر العدوان "الإسرائيلي" المباغت على لبنان، في 23 أيلول من العام الماضي، مع شن "إسرائيل" سلسلة غارات جوية معادية أودت بحياة عدد كبير من اللبنانيين. وقتها برّرت "العربية" هذا العدوان. إذ ضمن تقرير لها معنون: "هجوم 23 سبتمبر الأكبر في تاريخ المواجهات مع حزب الله"، ادّعت الشبكة السعودية بأن الاحتلال قام بضرب مواقع عسكرية للمقاومة، وأن ما حصل في ذاك اليوم، لا يعدو كونه "تمهيدًا لسلسلة أهداف "إسرائيلية" أخرى في الداخل اللبناني". إلى جانب التهويل الدائم بأن لبنان سيلقى مصير غزّة في الدمار وأعداد الشهداء، من خلال تكرار عرض صور من القطاع تظهر حجم الدمار والخسائر المادية والبشرية.
ملف السلاح والمهلة الزمنية:
تصاعدت لهجة القناتين أكثر فأكثر بعيد ازدياد الضغوط الداخلية والأميركية على لبنان لنزع سلاح المقاومة. واستمرت تزامنًا حملات الشيطنة وتشويه الصورة، وبث الفتن واللعب على التناقضات اللبنانية. القناتان حرضتا طيلة الأشهر الماضية على المقاومة والجيش معًا، ودعتا مرارًا إلى مواجهة تمنتا ان تحصل بينهما. بعدها بدأتا تصعّدان من حملاتهما الإعلامية، وتستندان إلى الضغوط "الإسرائيلية" لتشكلا رافعتين لهما، مقابل التحريض المستمر على المقاومة. نتذكر هنا، تقريرًا لشبكة "الحدث" بث في شهر آب الماضي، تحت عنوان: "حزب الله يهدّد بالفوضى في لبنان"، يدعي أن حزب الله قرر التصعيد في الشارع في حال نزع سلاحه، مقابل التسويق لما يسمّى بـ"الورقة الأميركية"، وأيضًا بأنها "ستعيد إعادة إعمار الجنوب". بعدها تبدّت أكثر الضغوط الأميركية عبر المبعوثين المرسلين إلى بيروت، ليشكلوا بدورهم أبواقًا للاحتلال. وقتها بدأ الإعلام السعودي تحديدًا ينشر المهل المعطاة للبنان لنزع السلاح تحت تهديد الحرب "الإسرائيلية" الواسعة على الأراضي اللبنانية. مهل أميركية "إسرائيلية" سوّقت لها القناتان بشكل فاضح. يمكننا هنا، التوقف عند أحد تقارير شبكة "العربية"، المعنون: "خطر وشيك: لبنان بين الإنذار الأميركي والانفجار الإسرائيلي"، تسوق فيه لتهديدات واشنطن للبنان، والتي انتقلت من الديبلوماسية إلى "الرسائل بالنار". التقرير يروّج لإملاءات الإدارة الأميركية بخصوص الاقتصاد اللبناني وخطة التعافي ونزع سلاح المقاومة.
التسويق للقدرات "الإسرائيلية":
من أبرز ما مارسته هاتان القناتان، التسويق للقدرات العسكرية "الإسرائيلية" والتهديد بها في حال لم تنفذ الشروط "الإسرائيلية" وعلى رأسها نزع سلاح المقاومة. ففي تقرير إخباري عرض أخيرًا على شاشة "العربية"، تحت عنوان: "نقطة اللاعودة. . حرب مدمرة تهدّد لبنان"، نقلت فيه التهديدات "الإسرائيلية" برد "مدّمر" في حال قررت المقاومة الرد على اغتيال القائد الجهادي هيثم الطباطبائي ورفاقه، وبنية الاحتلال استهداف مناطق كانت مستبعدة سابقًا. إلى جانب تكرار السردية "الإسرائيلية" بأن المقاومة هي المسؤولة عن "استجلاب الحرب" إلى لبنان، كما ورد في أحد تقاريرها المعنونة: ""إسرائيل" تنذر لبنان: حزب الله قد يجرّ المنطقة إلى حرب شاملة"، كرّرت فيه الرواية "الإسرائيلية" التي تحمّل المقاومة مسؤولية اندلاع أي حرب لأنها لم تسلم سلاحها. كما لا يمكن نسيان احتفاء هذه المنصات السعودية بالاستهدافات "الإسرائيلية"، كما حصل مع شبكة "الحدث" التي عرضت لأعداد الشهداء ولكيفية تعرّض المقاومة لضغوط داخلية وخارجية، واحتفاءها بما يرتكبه العدوّ على الأراضي اللبنانية، استنادًا طبعًا لصحافة العدوّ وما تبثه من مضامين.