اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي شهران على "اتفاق" وقف النار في غزة والخروقات "الإسرائيلية" لم تنته

خاص العهد

الصراف لـ
خاص العهد

الصراف لـ"العهد": لا يحق للجنة "الميكانيزم" النقاش إلا في وقف الأعمال العدائية

​​​​​​​"تفاوض تحت النار": أين المصلحة اللبنانية؟
80

دكتوراه في علوم الإعلام والاتصال 

قيل للبنان إنّ "إسرائيل" لن توقف اعتداءاتها قبل انقضاء مهلة الستين يومًا المعروفة بـ"الهدنة". انقضت المهلة واستمرّت "إسرائيل" باعتداءاتها اليومية حتى تاريخه. ثمّ قيل للبنان عليك أن تتخذ خطوة عملية بنزع السلاح قبل أن يتوقف العدوان "الإسرائيلي"، فكلّفت الحكومة في جلسة 5 آب 2025 الجيش وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، ولم يتغيّر شيء. ثمّ قيل للبنان عليك إقرار ورقة المبعوث الأميركي توم براك الأميركية- "الإسرائيلية"، فتنازل أيضًا وأقرتها الحكومة اللبنانية في جلسة 7 آب، أقرتها بغياب المكوّن الشيعي، وعلى وقع اعتداءات "إسرائيلية" طالت الجنوب والبقاع، قبل أن يتم تجميدها في جلسة 5 أيلول.

وبعد الكثير والكثير من التنازلات التي ربما لا يتسع الوقت لتعدادها، لم تتوقف الاعتداءات "الإسرائيلية" بل على العكس تشتد. يوم الأربعاء الماضي في الثالث من كانون الأول استفاق اللبنانيون على خبر عاجل: "بيان هام سيصدر عن رئاسة الجمهورية بعد قليل". سرت التحليلات والتأويلات كالنار في الهشيم، وما هي إلا دقائق حتى أعلن عن ذلك الخبر المتمثّل بـ"إشراك مفاوض مدني في لجنة "الميكانيزم""، ما يُعدّ سقطة وتنازلًا مجانيًا كما عبّر الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير. تنازل يُضاف إلى سجلّ التنازلات السابقة، والنتيجة للأسف معروفة سلفًا، مع عدو كلما تنازل الآخر أمامه كلما علا واستكبر وطلب المزيد.

وعليه، ذهبت السلطة السياسية في مقاربتها للعدوان "الإسرائيلي" على لبنان إلى الحد الأقصى من التنازلات. ماذا بعد؟ ما الذي تملكه الدولة اللبنانية بعد حتى تُفاوض عليه؟. وبمعزل عن الشكل لهذا التنازل المجاني، تبدو "الطامة الكبرى" في المضمون، حيث هرول لبنان الرسمي على عجل وفي اليوم نفسه من الإعلان، إلى اجتماع في الناقورة بمباركة وحضور المندوبة الأميركية مورغان أورتاغوس التي حرّضت وفق إعلام العدو على قصف المدنيين خلال تشييع سيد شهداء الأمة الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله، هرول لبنان دون ترتيب بيته الداخلي، وصياغة أهدافه بشكل واضح. وقد ذهب إلى اجتماع الناقورة "تجاوبًا مع مساعي واشنطن.."، فيما لم يتغيّر شيء، لم تتجاوب الأخيرة مع مطالب لبنان الداعية لوقف العدوان، بل تفرد غطاءها للوحشية "الإسرائيلية"، فكان اليوم التالي لبنانيًا (الخميس) مليئًا بالغارات والإنذارات في رسالة واضحة مفادها: "نفاوضكم تحت النار، اقبلوا شروطنا وإلا.."، وهنا بيت القصيد. ألم يكن الأجدى بلبنان أن يضع وقف العدوان شرطًا أساسيًا قبل النقاش في أي أمر؟ ألم يكن الأجدى بلبنان التركيز على وحدة الموقف اللبناني بدءًا من الاسم "المدني" الذي سيُشارك مرورًا بالأجندة وصولًا إلى الأهداف؟ ألا يُسبّب التفاوض تحت النار خللًا كبيرًا في ميزان القوى لصالح كيان العدو الذي يواصل فرض شروطه كيفما يشاء؟.

وفي هذا السياق، يُسجّل وزير الدفاع الأسبق يعقوب الصراف العديد من الملاحظات حول التفاوض الحاصل، ويختصرها بالآتي:

أولًا: إنَّ وجود مدني في اللجنة يُعَدّ اعترافًا بأنّ العسكري مُقصِّر، والحقيقة ليست كذلك أبدًا، لأن العسكري يقوم بواجبه على أحسن حال، كما أنّ انتقاء اسم المدني خضع للقيل والقال، إذ يكفي أن تطلبه أميركا ليثير بعض الشك، ما يطرح السؤال التالي: لمصلحة من انتقاء الاسم؟. ليس لدى الصراف ملاحظة على السفير السابق سيمون كرم، ولكن المشكلة، برأيه، تكمن في أن الفريق الآخر يعتبر أنّهم أتوا بشخص يميل لكفة من اختاره، ولا يجوز أن يكون هناك ممثل للبنان في أي مفاوضات ويكون تابعًا وملتزمًا بخط قد لا يمثل كل لبنان. أنا على سبيل المثال ــ يقول الصراف ــ لا يمكن اختياري لأن لدي موقفًا معينًا ما يثير الشك لدى الفريق الثاني، فمن غير المعقول أن أشك بشخص أنا أرسلته الى لجنة وهذا ما يحصل اليوم، وهذا شيء غير جميل في حق الجيش وصورته فالجيش قدّم عملًا لم يقدّمه أحد، واستطاع بنجاح، أن يُنجينا من كارثة.

ثانيًا: ثمّة ملاحظة على مبدأ التفاوض حول المواضيع، برأي الصراف، الأميركي و"الإسرائيلي" يريدان توسيع النطاق والإطار التفاوضي، فيما مصلحة لبنان في الأساس في لجنة "الميكانيزم" هي إرساء الأمن وانسحاب جيش العدو وعودة الأهالي الى القرى الحدودية وإطلاق سراح الأسرى. وفق قناعاته، لجنة "الميكانيزم" ليست مخوّلة أن تناقش مواضيع تتخطى الإطار المتفق عليه في وقف الأعمال العدائية. كما يُشير إلى أنّ العدو لم يعد يقصف فقط جنوب الليطاني بل شماله أيضًا، ومؤخرًا إقليم التفاح أي شمال الليطاني. أما في ما يتعلّق بأجندة التفاوض فهي مفروضة أصلًا، ولا يحق الكلام إلا في وقف الأعمال العدائية . ولا يحق الحديث عن شمال الليطاني أو الخوض بجدول أعمال. الأجندة يجب أن تكون بعنوان واحد هو وقف الأعمال العدائية ولا شيء سواه جغرافيًا وزمنيًا وسياسيًا.

ثالثًا: شفافية "الميكانيزم"، وفي هذا السياق، يقول الصراف: "عشنا منذ عام 2006 حتى اليوم على وقع تقارير تذهب مباشرة من "اليونيفيل" إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ولا ندري ماذا يُكتب فيها. انتظرنا عام وأكثر ليقدّم الجيش اللبناني تقريرًا الى الشعب اللبناني عن عمله العظيم. الشعب من حقه أن يعرف ماذا يحصل. مضى عام على وجودنا في لجنة "الميكانيزم". الأميركي والفرنسي و"الإسرائيلي" يعرفون ما يحصل إلا اللبناني ممنوع عليه أن يعرف". وهنا يأمل الصراف أنه بعدما بات هناك مدني في لجنة "الميكانيزم"، أن يحذو هذا المدني حذو الجيش الذي أخبر الشعب اللبناني بعمله والخطوات التي قام بها ونتائج المهمة التي أسندت إليه، برأيه، على المدني المفاوض أن يُطلع الشعب على ما فعله. وفي هذا السياق، يُشدّد الصراف على أنّ مصلحة لبنان تقتضي باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه المفاوضات أيًا كانت، لمعرفة ما سيتحدّث المفاوض عنه. وهنا لا يُخفي الصراف أن العبرة تكمن في أن نرى نتيجة حقيقية من التفاوض لمصلحة لبنان.

وفي ختام مقاربته، يُشدّد الصراف على أنّ العدو "الإسرائيلي" لم يكن ليُفكّر يومًا سوى بالتفاوض تحت النار، والبرهان أنّ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لغزة أعطت "الحصرية الأمنية" لـ"إسرائيل" في غزة لعام كامل، وفي مشروع وقف إطلاق النار الغزاوي يحق لـ"إسرائيل" أن تغتال مقاومين على مدار العام. أما في مشروع الاتفاق في لبنان فلم يكن مكتوبًا هذا الأمر، ولكنه يحصل على أرض الواقع.

وعليه، لا مصلحة لبنانية في "تفاوض تحت النار"، وكل ما يُشاع في الإعلام عن حرب موسّعة لولا هذه الخطوة ليس دقيقًا، فمنذ عام ونحن نسمع التهويل ذاته والوعيد نفسه، فيما لم تنته الحرب في لبنان أصلًا حيث يعيش اللبنانيون حربًا يومية تستهدف الأبرياء. وقد بيّن الاجتماع الأول من التفاوض أن "إسرائيل" لديها جدول أعمال ومطامع تريد تحقيقها من هذا الاجتماع، غير آبهة بأي مطلب لبناني، والحديث عن تخصيص حيّز واسع للشق الاقتصادي وطرح إمكانية التعاون الاقتصادي بين لبنان وكيان العدو في الجنوب يؤكّد هذا المؤكّد. "إسرائيل" تُفاوض لتنتزع ما تريده من لبنان لا لتوقف العدوان عليه.

الكلمات المفتاحية
مشاركة