اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي غزة … منخفض "بايرون" يُفاقم مأساة سكان الخيام وخروقات "إسرائيلية" متواصلة

خاص العهد

خطر اتفاقية
خاص العهد

خطر اتفاقية "Oracle".. خرق خطير للسيادة الرقمية اللبنانية

79

وقّع وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، مع شركة "Oracle" العالمية التي تربطها علاقات وثيقة بالكيان الصهيوني، مذكرة تفاهم بحضور السفير الأميركي ميشال عيسى لتدريب آلاف الموظفين اللبنانيين في القطاع العام على الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، ما يعني أنها خطوة باتّجاه إدارة معلومات حسّاسة عبر شركة تربطها علاقات استراتيجية مع "إسرائيل"، بحسب ما ذكرت صحيفة الأخبار.

شركة "Oracle"، تعتبر شريكًا إستراتيجيًا للكيان الصهيوني، وتمتلك استثمارات ضخمة في البنية التحتية السحابية في كيان العدوّ أبرزها مركز سحابي تحت الأرض في القدس المحتلة صُمّم كـ "ملجأ" مُحصّن لاستضافة بيانات حساسة للأجهزة الأمنية ومواجهة التهديدات الأمنية. هذه الشركة تمثل تهديدًا مباشرًا للسيادة الرقمية اللبنانية، خصوصًا في ظل الدعم الذي قدمته مؤخرًا للقوات العسكرية "الإسرائيلية" المشاركة في العدوان على غزّة. وهذه التطورات تؤكد مرة أخرى أن القرار الوطني في لبنان بات مرهونًا بمصالح قوى خارجية، وأن التقدم التكنولوجي على حساب أمن الدولة ومقدراتها ليس إلا واجهة لتسليم مفاتيح لبنان إلى أيدٍ لا تعترف بسيادته.

يرى الخبير في الشؤون الأميركية الدكتور علي مراد أنّ الاتفاق الذي وقّعه الوزير شحادة مع شركة "Oracle" الأميركية لا يمكن التعامل معه كخطوة تقنية أو تدريبية فحسب، ولا كهبة مجانية مقدّمة للبنانيين كما حاولت الجهات الرسمية تصويره. فالشركة، كما يوضح مراد، ليست لاعبًا تكنولوجيًا محايدًا، بل تمتلك سجلًا سياسيًا وأمنيًا شديد الارتباط بالعدو "الإسرائيلي"، بدءًا من مؤسسها لاري أليسون أحد أبرز المموّلين للمؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" وصولًا إلى شبكات التعاون الواسعة التي تجمعها بجيش الاحتلال في مجالات الأمن السيبراني والخدمات السحابية التي تُستخدم في إدارة وارتكاب جرائم الحرب.

ويلفت مراد إلى أنّ إدخال شركة كهذه إلى صلب القطاعات اللبنانية منها قطاع البيانات الإدارية، يعني عمليًا كشف خصوصية اللبنانيين أمام جهة مرتبطة عضويًا بالمؤسسة الأمنية "الإسرائيلية"، وهو ما يصفه بأنّه جريمة وطنية مكتملة الأوصاف. فالمسألة، كما يشرح مراد لم تعد محصورة بوزارة التكنولوجيا، بل تأتي في سياقٍ متكامل من الاستباحة الأميركية للدولة اللبنانية، حيث يجري العمل بهدوء ومن دون ضجيج على ابتلاع مفاصل الدولة ومؤسساتها وإداراتها عبر اتفاقات تعاون، بعضها مجاني ظاهريًا، لكنّه يفتح الباب واسعًا أمام السيطرة على البيانات، وتوجيه السياسات، والتحكم بمسارات "الإصلاح" والإدارات العامة.

ويشير مراد إلى أنّ هذا الأمر ينسحب إلى وزارات حيوية أخرى، أبرزها وزارة التربية، حيث يتوسّع النفوذ الأميركي عبر الجامعات والمؤسسات التابعة لها تحت عناوين التدريب والتطوير وإعادة صياغة المناهج. كما يذكّر بالاتفاق الذي وقعته وزيرة التربية مع رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، والذي يفتح الباب أمام تأثير مباشر على قطاع التعليم الرسمي.

الأمر نفسه، بحسب مراد، يتكرّر في وزارة العدل، حيث تتولى شركات ومنظمات أميركية مهام الأرشفة والمكننة داخل المحاكم، بما في ذلك أرشيف محاكم الاستئناف، ما يعدّه مراد خطيئة كبرى تمسّ استقلال القضاء وخصوصية السجلات القضائية. ويشير مراد إلى أنّ هذا النمط من الاتفاقات بات جزءًا من "خطة أميركية شاملة" لفرض حضور مباشر داخل البنية الإدارية اللبنانية تحت غطاء التكنولوجيا والتمويل المجاني.

ويذكّر مراد كذلك بالعقد المثير للجدل بين وزارة الاتّصالات وشركة "Starlink"، الذي فُرض رغم اعتراض لجنة الإعلام والاتّصالات النيابية وتحذيراتها من مخاطره على أمن اللبنانيين وعلى قطاع الاتّصالات المحلي، مؤكدًا أنّ فرض هذا العقد بالقوّة يمثّل نموذجًا آخر من "التدخل الأميركي المباشر عبر بوابة المؤسسات الرسمية".

ويرى أنّ خطورة ما يجري اليوم تتجاوز ما حدث عام 2007 خلال أزمة "داتا الاتّصالات" الشهيرة، يوم كشف موظف في إحدى الشركات معلومات حساسة لصالح العدو. أما اليوم، كما يقول، فالأمر لم يعد يحتاج إلى "عميل"، إذ بات يجري "بالمكشوف"، من خلال قرارات وزارية واتفاقات رسمية، ما يعني عمليًا أنّ مؤسسات الدولة اللبنانية باتت تسلّم بياناتها طوعًا للأميركيين.

وفي قراءته لما يحصل، يؤكد مراد أنّ الولايات المتحدة تعمل منذ سنوات على تنفيذ مشروع كبير يهدف إلى تحويل لبنان إلى قاعدة نفوذ في شرق المتوسط وبلاد الشام، مستشهدًا ببناء ثاني أكبر سفارة أميركية في العالم على الأراضي اللبنانية، وهو مشروع لا يمكن فصله عن خطة السيطرة على القطاعات الحيوية للدولة. فالمطلوب، بحسب مراد، ليس فقط تأمين أمن "إسرائيل" ومنع أي قوة وطنية من عرقلة الهيمنة الأميركية، بل استخدام لبنان نفسه منصة للسيطرة الإقليمية.

ويحذر مراد في ختام حديثه لموقعنا من أنّ استمرار هذا المسار سيقود لبنان نحو حالة استعمار مقونن، حيث تصبح المؤسسات الرسمية أدوات بيد واشنطن، وتغدو السيادة الوطنية مجرّد عنوان فارغ. ويختم مؤكدًا أنّ مواجهة هذا المسار ليست خيارًا، بل واجب وطني ملحّ على كلّ القوى السيادية والوطنية، لمنع الأميركي من ابتلاع لبنان وجرّه إلى مشروع خطير سيدفع اللبنانيون ثمنه وجوديًا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة