اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الحاج حسن ردًّا على رجي: أقل ما يمكن هو ألّا يتبنّى السردية "الإسرائيلية"!

نقاط على الحروف

دبلوماسية
نقاط على الحروف

دبلوماسية "مكشوفة الظهر".. هكذا يورط رجي الحكومة!

67

تفتح تصريحات وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، الأخيرة لقناة الجزيرة، الباب أمام سلسلة من الإشكاليات العميقة التي تتجاوز "الموقف الشخصي" المعبّر عن سياسة حزب القوات المنتمي له، لتصل إلى صلب السيادة اللبنانية والقدرة على إدارة الصراع مع العدوّ، خصوصًا في الوقت الذي يُسوّق فيه لمشاركة مدني في لجنة الميكانيزم بوصفها خطوة باتجاه لجم العدو عن اعتداءاته، فيما تتصاعد الانتهاكات الصهيونية لاتفاق وقف إطلاق النار.

لكن المفارقة أنّ خطاب الوزير القواتي لم يذهب في اتجاه تعزيز الموقف اللبناني في مواجهة العدوان، بل جاء، كما العادة، أقرب إلى منح غطاء سياسي ودبلوماسي للسردية "الإسرائيلية"، الأمر الذي يطرح سؤالًا إشكاليًا أساسيًا: هل يعمل لصالح سيادة بلده أم لتطبيق أجندة خارجية معروفة الأهداف والتوجهات؟

عندما يزعم وزير الخارجية أن سلاح المقاومة "أثبت عدم فعاليته"، فإنّه يتجاوز حقيقة أن هذا السلاح هو الذي حرر الجنوب عام 2000، وصمد في وجه الاجتياحات المتكررة، وفرض معادلات ردع منعت العدو من تنفيذ أطماعه. في واقع الحال، إن إنكار هذه الحقائق لا يُعدّ "قراءة سياسية"، بل تبنّيًا مباشرًا لخطاب العدو الذي يسعى منذ عقود إلى نزع الشرعية الشعبية والدستورية عن المقاومة.

وحين يقول رجي، إنّ سلاح المقاومة هو الذي "استجلب الاحتلال"، فهو يعيد إنتاج سردية "إسرائيلية" كلاسيكية تعتبر أن وجود المقاومة هو سبب الحرب، وليس نتيجة احتلال دام عقودًا. وهذا الخطاب، حين يصدر عن رأس الدبلوماسية اللبنانية، لا يضعف فقط الموقف الرسمي، بل يقدّم للعدو مادة دعائية يستخدمها لتبرير اعتداءاته.

المفارقة الكبرى المستهجنة تظهر حين يكرر الوزير المذكور كلام السفير الأميركي بأن تعيين مدني في لجنة الميكانيزم لن ينقذ لبنان. فإذا كان الوزير نفسه يعتبر أنّ الخطوة غير مجدية، فلماذا تم الإقدام عليها أصلًا؟ هل الميكانيزم وسيلة لحماية لبنان، أم آلية لتجريده من عناصر قوته؟ هل نحن أمام تخبط حكومي يقدّم تنازلات تقنية على أمل وهمي بتخفيف العدوان؟

إنّ الجمع بين "ميكانيزم" غير فعّال وتهديدات "إسرائيلية" متصاعدة يكشف خللًا جوهريًا يكمن في أن القرار السياسي يُصنع خارج المؤسسات الدستورية، وتُنفّذ الحكومة ما يُطلب منها دون إستراتيجية وطنية واضحة.

في الحقيقة، وبدلًا من السرديات الباطلة التي يعمل على سردها رجي، كان من المفترض أن تنصبّ جهوده على مطالبة الأمم المتحدة بجدول زمني واضح لانسحاب العدو من النقاط المحتلة، وكشف مصير الأسرى اللبنانيين، وتوثيق خروق العدو لـ1701.

لكن ما حصل هو العكس، فبينما قدّم للعالم جداول زمنية لبحث وضع سلاح المقاومة في 2025-2026، يرفض العدو نفسه تقديم أي ضمانة بوقف العدوان أو الالتزام بالقرار 1701. ما يعني أنها دبلوماسية "مكشوفة الظهر".

كذلك، لا يمكن تجاهل أن خطاب الوزير رجي يتطابق حرفيًا مع أدبيات حزب القوات اللبنانية، بالمطالبة الفورية بتنفيذ القرار 1559، ومهاجمة إيران، ووصف المقاومة بـ "الميليشيا". وهذا يضع منصب وزير الخارجية في موقع الانحياز لفئة داخلية تاريخها معروف، بدل أن يكون لسان حال الدولة بكاملها، خصوصًا في لحظة تمسّ جوهر السيادة.

وهذا ما يقود إلى القول، إن النبرة التي اعتمدها وزير القوات لا تعكس "دبلوماسية دولة تحت العدوان"، بل أقرب إلى "دبلوماسية تبرير" تُحضّر لمعادلة سياسية جديدة يكون فيها نزع عناصر القوة الداخلية شرطًا لأي تسوية مفروضة من الخارج.

وفي ظل هذه المواقف، تتعاظم الأسئلة: هل الميكانيزم غطاء لتقييد لبنان أم خطوة لحمايته؟، من يرسم السياسة الخارجية فعليًا؟ الحكومة أم السفارات؟، كيف يمكن مواجهة العدوان بلسان دبلوماسي يشكّك بأدوات الدفاع الوطني؟

إنّ تصريحات الوزير رجي، في هذا السياق، لا تضيف إلى لبنان قدرة دفاعية ولا حصانة سياسية، بل تكشف هشاشة الموقف الرسمي وتناقض روايته، وتُظهر أنّ الدولة، في لحظة تهديد وجودي، تفرّط بما تبقّى لها من عناصر قوة، دون مقابل.

الكلمات المفتاحية
مشاركة