خاص العهد
عام من الأداء "القواتي".. بين النكايات السياسية والعتمة الشاملة
سقوط شعار "نحنا فينا".. "القوات" أدخلت لبنان في العتمة الشاملة
بعد مرور سنة كاملة على عمل الحكومة، سقط عمليًا شعار حزب "القوات" "نحنا فينا"، ليتبيّن أنّه لم يكن أكثر من جعجعة سياسية استُخدمت لاستقطاب الناخبين وجرّ ضعفاء النفوس إلى صناديق الاقتراع. ومع مرور الأيام، تتكشّف حقيقة سياسة حزب "القوات" بوصفها سياسة نكدية قائمة على النكايات، تخدم المصالح الحزبية الضيقة، وعلى رأسها مشروع سياسي يقوده شخص تلوّث تاريخه بدماء الأبرياء، ويهدف إلى تهميش الشركاء في الوطن، واعتماد نهج فتنوي وفئوي وانعزالي، مع السعي إلى التفرد بالقرارات الوطنية، ولا سيما من خلال تولّي حقائب وزارية مفصلية ينعكس أي تقصير فيها على مجمل اللبنانيين بمختلف أطيافهم ومكوّناتهم وطوائفهم.
في هذا السياق، يبرز أداء وزير الخارجية "القواتي" يوسف رجّي، الذي اتّسم بالتعنّت والتغريد خارج سرب الدستور والقوانين والأعراف الدبلوماسية والمعاهدات والاتفاقات الدولية، وصولًا إلى تعاطيه السلبي مع سفير دولة صديقة للبنان. كما جاءت تصريحاته الأخيرة لقناة "الجزيرة"، إلى جانب مجمل سلوكياته، لتعكس تماهيًا واضحًا مع السردية "الإسرائيلية"، وانسجامًا ودّيًا بين الطرفين، قوامه العداء لفئة لبنانية، أو ربما لطائفة بأكملها.
أما في ملف الطاقة، فما زالت تداعيات جرّ لبنان إلى العتمة الشاملة تثير الكثير من علامات الاستفهام. وفي هذا الإطار، يوضح النائب سيزار أبي خليل، في حديث لموقع "العهد" الإخباري، أنّ الأخطر من العتمة نفسها هو أنّ اللجان النيابية أمضت وقتًا طويلًا تشرح لوزير الطاقة والمياه جو صدّي، المحسوب على حزب "القوات"، أنّ المسار المتّبع في ملف الكهرباء سيؤدي حتمًا إلى العتمة الكاملة. ويشير أبي خليل إلى أنّ الوزراء المعنيين يتباهون بعدم دفع أي ليرة لتأمين الفيول، في وقتٍ لا يزال إنتاج الكهرباء، حتّى إشعار آخر، مرتبطًا بتأمين هذه المادّة.
ويشرح أبي خليل ــ الذي تولى سابقًا وزارة الطاقة والمياه ــ أنّ الاكتفاء بإنتاج أربع ساعات من الكهرباء يوميًا، في حين أنّ القدرة الإنتاجية تصل إلى 14 ساعة، يترتّب عليه أمران خطيران: الأول أنّ المواطن يبقى محكومًا بالشطر المدعوم من الاستهلاك، ما يراكم خسائر إضافية على مؤسسة كهرباء لبنان، خاصة في ظل غياب الدعم الحكومي. فكلّ دورة جباية تؤدي إلى خسائر متكرّرة. أما الأمر الثاني، فيتمثل في أنّ الوزارة ورثت عند تسلّمها نحو 700 مليون دولار، تركها الوزير السابق وليد فيّاض. لكن مع تراجع الجباية، وتراجع شراء الفيول، وتراجع الإنتاج، دخل القطاع في حلقة مفرغة انتهت بإطفاء الكهرباء بالكامل. ويؤكد أبي خليل أنّهم كـ"تيار"، رغم الافتراءات التي طالتهم، اختاروا دق ناقوس الخطر انطلاقًا من حرصهم على مصلحة لبنان واللبنانيين، لكن المسار الخاطئ استمر، فوصل البلد إلى العتمة، فيما بقي المعنيون (القوات) "غير قابلين للتعلّم أو الفهم".
ويضيف أبي خليل أنّه عندما تكون مؤسسة كهرباء لبنان قادرة على تأمين 14 ساعة تغذية، لكنّها تكتفي بأربع ساعات، فإنّ الساعات العشر المتبقية تُغطّى عبر المولدات الخاصة. وباحتساب الفارق بين كلفة إنتاج الكيلوواط من كهرباء لبنان (28 سنتًا) وكلفة المولدات (38 سنتًا وفق التسعيرة الرسمية)، يتبيّن أنّ اللبنانيين يتكبّدون كلفة إضافية تصل إلى نحو مليار ونصف مليار دولار سنويًا، فقط بسبب الاعتماد على المولدات، وليس الكلفة الأساسية للإنتاج. ويؤكد أنّ هذا الواقع يشكّل دليلًا إضافيًا على فشل "القوات" في إدارة هذا الملف، بعدما تسلّمت الوزارة منذ عام وأوصلت الكهرباء إلى الصفر.
ويتابع أبي خليل أنّهم، حين كانوا في الوزارة، ورثوا تعرفة مدعومة بحدود تسعة سنتات، في حين كانت كلفة الإنتاج 28 سنتًا. اليوم، باتت كلفة الإنتاج أقل من ذلك، فيما التعرفة محدّدة بـ28 سنتًا، أي أنّ الظروف كانت مهيّأة لتحقيق تحسّن فعلي، لكن ذلك لم يحصل، ما يؤكد العجز الكامل عن الإنجاز.
من جهة أخرى، يرى أبي خليل أنّ الحل يكمن في تنفيذ الخطط الموضوعة سابقًا، والتي تتطلب تعاونًا جديًا بين وزارتي المالية والطاقة لتأمين التمويل وتنفيذ المشاريع. غير أنّه، بحسب تعبيره، فإنّ "القوات" غير قادرة على ذلك، وهو أمر طبيعي بنظره، إذ إنّ الفشل ليس جديدًا على هذا الحزب. ويذكّر بأنّ "القوات" تولّت في حكومات سابقة أربع وزارات، وفشلت جميعها، وأنّ ضعف الإنتاجية كان واضحًا، حتّى أنّ بعض وزرائها كانوا ينامون خلال الجلسات، لافتًا إلى أنّ تلك سنخية معراب ودير الأحمر وحزب "القوات".
وعن احتمال وجود تواطؤ مقصود يخدم أصحاب ومافيات المولدات، يفضّل أبي خليل عدم إطلاق أحكام مباشرة، تاركًا الأمر للرأي العام اللبناني ليحكم بنفسه، مكتفيًا بالتأكيد أنّ عدم الإنتاجية ليس مستغربًا، بل ينسجم مع النهج الذي يميّز حزب "القوات اللبنانية" وقيادته.
كما يلفت أبي خليل إلى أنّ رئيس حزب "القوات" سمير جعجع لا يملك أي نفوذ فعلي مع أي دولة لتأمين الفيول أو الكهرباء، رغم مرور سنة على مشاركته في الحكومة من دون تحقيق أي نتيجة. أما الدول التي يدّعي جعجع أنّها صديقة، ويروّج لعلاقاته الجيدة معها، فهي في الواقع لا تستقبله أساسًا، بسبب ماضيه الإجرامي. وفي ما يتعلّق بادعائه تمثيل أكبر كتلة مسيحية، يؤكد أبي خليل أنّ الانتخابات هي الحكم، وأنّ تمثيل "التيار الوطني الحر" لم يختفِ من أي منطقة، بل أظهرت استطلاعات الرأي تقدّمه مقارنة بعام 2022، فيما يبقى المقياس الحقيقي للشعبية هو يوم الانتخابات.
هكذا، وبعد عام على الحكم، يتكشّف "الشعار" مرة جديدة، وتسقط الادّعاءات أمام واقع سياسي وإداري يختصره عنوان واحد: فشل في الإدارة، وعتمة في الكهرباء، ونكايات في السياسة، يدفع ثمنها اللبنانيون وحدهم.