عين على العدو
في وقت يتركّز فيه الخطاب السياسي والأمني، في كيان العدو، على ما يُسمّى بالتهديدات الخارجية، يبرز تحذير من داخل المؤسسة العسكرية السابقة يُسلّط الضوء على مفهوم "التهديد الوجودي"، لافتًا إلى أنّ الخطر الحقيقي لا يكمن في المحاور والبرامج النووية بقدر ما يتجسّد في سياسات داخلية متراكمة، وعلى رأسها قانون التهرّب من الخدمة العسكرية وتداعياته الديمغرافية والأمنية بعيدة المدى.
في هذا السياق، قال المستشار الاستراتيجي العميد احتياط تسفيكا حاييموفيتش، وهو القائد السابق لما يُسمى تشكيل الدفاع الجوي، إن "التعبير المخيف "التهديد الوجودي" تردّد خلال العامين الأخيرين في سياق التهديدات الخارجية التي تواجه "دولة إسرائيل" (الكيان). مرّة كان "محور فيلادلفيا"، والذي هو بعيد شرقًا وغربًا عن أن يكون تهديدًا وجوديًا، ولاحقًا التهديد النووي وترسانة الصواريخ بعيدة المدى من إيران".
وفي مقال له، في صحيفة "إسرائيل هيوم الإسرائيلية"، أضاف حاييموفيتش: "لقد وجّهت عقيدة الأمن القومي، منذ أيام دافيد بن غوريون، بوصلتها إلى الأعداء من خارج "الدولة الفتية". أمّا البطاطا الساخنة المتمثّلة باندماج "الحريديم" في "المجتمع الإسرائيلي" وسوق العمل والخدمة العسكرية، فقد انتقلت من جيل إلى جيل ومن حكومة إلى أخرى من دون معالجة حقيقية للمسألة".
وتابع: "كُتب وقيل الكثير، خلال العامين الأخيرين، عن تجنيد الحريديم منذ اندلاع حرب السيوف الحديدية. التوقّع بأن تدفع الحرب والأزمة الأمنية "الحريديم" إلى المثول في مكاتب التجنيد تلاشى. وكذلك تلاشى الأمل بأن تؤدي احتياجات الجيش، في ضوء الخسائر البشرية وحجم الجرحى، إلى تغيير موقف قيادات "المجتمع الحريدي" وإصدار توجيهات بتجنيد الشباب للخدمة العسكرية، حتى أولئك الذين لا يدرسون في المعاهد الدينية".
وتابع حاييموفيتش: "عندما يرى السياسيون الانتخابات نصب أعينهم، تُتخذ دائمًا قرارات قصيرة الأمد تتعامل مع "الآن"، وإن أمكن تؤجِّل الحسم، وتختار عدم اتخاذ قرار. قيادة لا تنظر إلى المستقبل وتضع جانبًا سائر المحاذير لن تتخذ قرارات تضمن مستقبل الأمن القومي"؛ على حد تعبيره.
وأردف: "في كل الحجج والخطب والتفسيرات المقدّمة حتى الآن لتسويغ قانون التهرّب الجديد، يغيب العامل الديمغرافي. ذاك الذي ينظر إلى المستقبل ويتنبّأ بكيف ستبدو "إسرائيل" بعد جيل، وعلى أساسه يُفحَص القانون ببنوده وتفاصيله كلها. من ينظر إلى القانون بمنظار استشرافي سيكتشف أنه إذا استمر "النمو السكاني" (نمو المستوطنين) في "إسرائيل" بالوتيرة نفسها، فإن نسبة "الحريديم" من مجموع "السكان" ستتضاعف خلال 25 عامًا لتبلغ نحو 28% أو أكثر، أي قرابة ثلث السكان. وإذا أضفنا إلى ذلك "عرب إسرائيل" (فلسطينيي الداخل أو عرب 48)، والذين لا يؤدّون الخدمة العسكرية، نصل إلى نتيجة مفادها أن أكثر من نصف "سكان إسرائيل" لن يدخلوا دائرة الخدمة العسكرية".
وختم حاييموفيتش بالقول :"هذا المعطى سيضع موضع شك قدرة الجيش "الإسرائيلي" على الاستمرار بصيغته الحالية، حتى قبل توسيعه ومواءمته لتحديات الحدود والتهديدات المستقبلية. سيؤدي ذلك إلى تقليص قوات الاحتياط وزيادة العبء على شريحة صغيرة من "السكان". وعندما نتحدث عن "تهديد وجودي"، فهذا هو التهديد الحقيقي لقدرة "دولة إسرائيل" على الدفاع عن نفسها وضمان أمنها"؛ وفقًا لقوله.