إيران
اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأربعاء 17 كانون الأول 2025 ببعض الأحداث العالمية والوضع الداخلي الإيراني.
إضافة إلى تحليل قضايا ترتبط بعلاقة الكيان الصهيوني مع محور المقاومة واتهاماته المستمرة لإيران والتي تنذر بتبرير أيّ فعل مستقبلي، اهتمّت الصحف بالوضع الاقتصادي الايراني الداخلي وأسباب المشاكل وسُبل المعالجة.
مشروع بوندي
بداية مع صحيفة "وطن أمروز" التي كتبت "ما يزال من غير الممكن الجزم بخلفية الهجوم على اليهود في شاطئ بوندي بمدينة سيدني الأسترالية.
أعلنت الحكومة الأسترالية أنها عثرت في سيارة منفذي الهجوم، وهما أب وابنه من أصل باكستاني، على أدلة تشير إلى انتمائهما لتنظيم داعش. مع ذلك، كان سلوك الكيان الصهيوني منذ اللحظات الأولى للحادثة موجّهاً أصابع الاتهام نحوه، ويعتقد كثيرون أنه وراء هذا الهجوم. ففي الساعات الأربع والعشرين الأولى التي أعقبت الهجوم، حاول الكيان الصهيوني ووسائل الإعلام التابعة له، سواء في الأراضي المحتلة أو في الدول الغربية، اتهام جبهة المقاومة، وتحديداً حزب الله، وإيران بالتورط في هذا الهجوم. إلا أنهم لم يقدموا أي دليل أو سبب يدعم هذا الادعاء. كما لم تتخذ الحكومة الأسترالية موقفاً يدعم اتهام الكيان الصهيوني لحزب الله وإيران".
بحسب الصحيفة، يمكن تقسيم تصرفات الكيان الصهيوني بشأن الهجوم على احتفالات عيد الأنوار (حانوكا) في سيدني، أستراليا، إلى عدة أجزاء.
أولًا، منذ الساعات الأولى التي أعقبت الهجوم، انتقد كبار مسؤولي الكيان الصهيوني الحكومة الأسترالية، واعتبروا الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق ضد جرائم الكيان الصهيوني في غزة ومناطق أخرى من غرب آسيا أساسًا لهذا الهجوم. باستخدام مصطلح معاداة السامية، حاول نتنياهو تصوير الاحتجاجات الشعبية في أستراليا على أنها معاداة للسامية، وبالتالي إلقاء اللوم على الحكومة الأسترالية لمنحها الإذن للمتظاهرين، وزجّها بطريقة أو بأخرى في هذا الحادث. ومن بين الإجراءات الأخرى التي اتخذها النظام الصهيوني بعد حادثة سيدني، محاولة إعادة بناء صورة اضطهاد اليهود، وبالتالي صورة النظام نفسه.
وأشارت الى أن النظام الصهيوني يواجه الآن أزمة هجرة عكسية. ففي العامين الماضيين، هاجر عشرات الآلاف من اليهود المقيمين في الأراضي المحتلة إلى بلدان أخرى. في حين أن الهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة كانت إحدى ركائز تأسيس النظام الصهيوني وترسيخه واستمراريته حتى يومنا هذا. لذا، تُعدّ قضية الهجرة العكسية ضربة وجودية للنظام الصهيوني. بعد حادثة الاعتداء على اليهود في سيدني، حاول النظام الصهيوني إقناع اليهود بأن الحياة خارج حدود فلسطين المحتلة غير آمنة، وأنهم لن يطمئنوا إلى عدم تكرار حادثة مماثلة إلا داخل الأراضي المحتلة.
من الأمثلة الأخرى على استغلال الكيان الصهيوني لحادثة سيدني، تتابع الصحيفة، اتهام جبهة المقاومة، وتحديدًا حزب الله وإيران. يهدف الكيان من خلال هذا الاتهام غير الموثق إلى خلق مناخ نفسي تمهيدًا لعمليات مستقبلية ضد حزب الله وإيران. بعبارة أخرى، يسعى الكيان الصهيوني، باتهام إيران وحزب الله، إلى تبرير عملياته المستقبلية ضدهما. من الأمثلة الإضافية على استغلال نتنياهو لحادثة الاعتداء على اليهود في سيدني، أستراليا، التأثير على التطورات الداخلية. تُعد قضية محاكمة نتنياهو والخدمة العسكرية الإلزامية للحريديم من بين القضايا التي يواجهها حاليًا. لذلك، قد يُلقي الاعتداء على اليهود في سيدني ومناورات نتنياهو بشأن هذه الحادثة بظلاله، إلى حد ما، على هذه القضايا والقضايا الداخلية.
وقد دفعت هذه القضايا الخبراء والمحللين إلى طرح فكرة أن حادثة إطلاق النار على اليهود في سيدني، أستراليا، قد تكون من تدبير الكيان الصهيوني نفسه، ومن تصميم الموساد".
الصهاينة في دمشق
صحيفة "رسالت" قالت: "بعد مرور عام، يُظهر مسار الأحداث أن سوريا، التي كان يُفترض أن تكون نموذجاً يُحتذى به لدول المنطقة استناداً إلى أهداف الغرب، أصبحت الآن عبرةً للدول التي لا تزال مُتمسكة بحل مشاكلها وفقاً للروايات الغربية أو بالتسوية مع الكيان الصهيوني. قبل عام، في مثل هذه الأيام ، وصل الجولاني وهيئة تحرير الشام، ذات الطبيعة الإرهابية، إلى السلطة في دمشق، مُتباهين ببدلاتهم، واعدين الشعب السوري ودول المنطقة، إلى جانب داعميهم الأجانب، بعالم أفضل".
من النقاط البارزة في التطورات في سوريا، تضيف الصحيفة، أن الغرب، في حرب إعلامية، يحاول خلق سردية زائفة لتصوير وجود سوريا على جبهة المقاومة على أنه سبب كل المصائب والاضطرابات في هذا البلد. فور دخول الجولاني دمشق، سعت وسائل الإعلام الغربية، إلى تقديم صورة قاتمة لحكم الأسد وعلاقاته بالمقاومة، وفي الوقت نفسه، ومن خلال تصنيف الإرهاب إلى خير وشر، شرعت في خطة لتبييض صورة هيئة تحرير الشام. كان هدف وسائل الإعلام الغربية تحويل سوريا في نهاية المطاف إلى نموذج يحتذى به في دول المنطقة، بطريقة تدفع الناس، من جهة، إلى الاحتجاج في الشوارع، ومن جهة أخرى، إلى الانضمام إلى الجماعات الإرهابية. إلا أنه بعد عام، حوّل المصير المظلم لسوريا هذه المساعي إلى فضيحة لوسائل الإعلام الغربية. فالذين حجبوا وبرروا الإبادة الجماعية في غزة لمدة عامين، دعموا وطهروا الإرهاب في سوريا. واليوم، انكشفت زيف نماذج الغرب أمام دول المنطقة".
الضغط السياسي أم الواقع الإداري؟
أمّا صحيفة "مردم سالاري" فركّزت على الشأن الداخلي، وذكرت أنه: "منذ بداية الحكومة الرابعة عشرة، شهد الرأي العام موجة من شائعات الاستقالة على مستوى حكومة مسعود بزشكيان؛ شائعات بدأت حول الرئيس، ثم امتدت إلى ظريف، وبعد استقالته، وصلت إلى النائب الأول للحكومة، والآن طالت بعض الوزراء. ورغم نفي العديد من هذه الأخبار حتى الآن، يؤكد المحللون السياسيون أن المسألة لا تقتصر على صحة أو عدم صحة الاستقالات فحسب، بل إن مروجي الشائعات يهدفون إلى إضعاف الحكومة".
وفق صحيفة "مردم سالاري"، بدأت موجة الشائعات بالرئيس، حيث انتشرت شائعات عن استقالته المحتملة وخلافات داخل الحكومة تحت أي ذريعة. وسرعان ما انتشرت هذه الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام غير الرسمية، واستحوذت على اهتمام الرأي العام. بعد ذلك، وصلت الشائعات إلى النائب الأول للحكومة، لدرجة أن وسائل الإعلام التقليدية لم تستطع منع نشرها. والآن، امتد هذا التوجه إلى بعض الوزراء وحتى كبار نواب الحكومة.
ويعتقد المحللون السياسيون، على ما تورد الصحيفة، بأن هذه العملية التدريجية لانتشار الشائعات تشير إلى أنها مُخطط لها. لا يقتصر هدف هذه الموجات على التوعية فحسب، بل يشمل أيضًا إثارة القلق، وتقويض ثقة الجمهور، والضغط على الرئيس والوزراء. يمكن النظر إلى ثلاثة أهداف محددة لنشر هذه الشائعات: أولها إضعاف الحكومة في نظر الرأي العام؛ فأي خبر عن استقالات يشوه صورة استقرار وتماسك مجلس الوزراء. وتزداد هذه المسألة خطورةً عند نشر أخبار عن وزراء ونواب رئيسيين. من جهة أخرى، يُعد الضغط السياسي على الرئيس ومجلس الوزراء سببًا آخر لنشر هذه الشائعات؛ فشائعات الاستقالة، حتى وإن لم تكن صحيحة، تُجبر الرئيس والوزراء على بذل وقتهم وجهدهم في النفي والرد، مما يصرف تركيزهم عن وضع السياسات والإدارة التنفيذية.
كذلك تشير الى أن منع الحكومة من التركيز على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية يُعدّ سببًا آخر لمروّجي الشائعات. إذ يؤدي نشر هذه الأخبار إلى انشغال الحكومة بالتعامل مع الشائعات والأزمات الإعلامية بدلًا من التركيز على البرامج الاقتصادية والإصلاحات الاجتماعية.
وتختم "إذا كانت الحكومة تنوي استعادة ثقة الجمهور، فإن السبيل إلى ذلك ليس عبر الإنكار المتكرر، بل عبر حوار صريح مع المجتمع؛ حتى لو تضمن هذا الحوار الاعتراف بالقصور والمشاكل. فالمجتمع اليوم سئم من الأكاذيب أكثر من أي شيء آخر. والأخبار السيئة، إذا نُقلت بصدق، ستكون أقل ضررًا. وطالما أن السياسة الداخلية عاجزة عن تقديم رؤية واضحة للمستقبل، وطالما أن تقلبات العملة وأسعار المعادن تتغير كل ثانية، سيظل المجتمع في حالة ترقب للأزمات. في مثل هذه الظروف، حتى الشائعة التي لا أساس لها من الصحة قد تبدو حقيقية. هذا ليس تحذيراً إعلامياً، بل هو إنذار سياسي واجتماعي".