عين على العدو
رأى المراسل والمحلل السياسي عيدان كافلر، في موقع "والا الإسرائيلي"، أن موافقة رئيس حكومة كيان العدو بنيامين نتنياهو على صفقة الغاز مع مصر لا تندرج في إطار خطوة اقتصادية بحتة في مجال الطاقة، هي تحمل في طياتها رسالة سياسية واضحة موجّهة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مفادها أن "إسرائيل" استجابت للضغط الأميركي وسارت به حتى نهايته.
كما أشار كافلر إلى أن الجانب المصري سارع إلى تأكيده بأن الصفقة تقوم على مصلحة مشتركة للبلدين، وهو توصيف صحيح في جوهره. إلا أن تساؤلات تُطرح في القاهرة عن سبب اقتران هذه الخطوة المحتملة بلقاء وُصف بـ"التاريخي" بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذا كانت الصفقة محصورة بالإطار الاقتصادي.
في هذا السياق، يبرز الدور الأميركي، بشكل واضح، فترامب، بحسب التحليل، يرغب برؤية لقاء علني بين نتنياهو والسيسي، ليس فقط بوصفه استمرارية لاتفاق السلام القائم، أيضًا هو دليل عملي على أن السلام في "الشرق الأوسط" يتجاوز كونه وثيقة موقّعة، ليصبح عملية حية وفاعلة. وفقًا لــ"كافلر"، يسعى ترامب إلى إظهار أن العلاقات بين الدول الموقّعة على ما يسمى "اتفاقيات السلام" يمكن أن تُترجم إلى تعاون فعلي، حتى في ظل ما يشوبها من برود أو تعقيدات.
أضاف كافلر: "تنسجم صفقة الغاز، مع مفهوم "السلام الاقتصادي" الذي يروّج له ترامب، سواء في ما يتعلق بمصر أم لبنان، وربما قطاع غزة في مرحلة لاحقة. يأتي ذلك في إطار السعي الأميركي لإطلاق المرحلة الثانية من الترتيبات في غزة، والترويج لما يصفه ترامب بـ"قوة استقرار دولية" و"مجلس سلام"، قبل زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى مار-آ-لاغو، حيث يعمل على تثبيت هذا المسار برمّته".
من هذا المنطلق، كان ترامب يفضّل حضور السيسي أيضًا في هذا المشهد، إلا أن القاهرة خفّضت سقف التوقعات ولم تؤكد انعقاد لقاء من هذا النوع. مع ذلك، لا يستبعد كافلر أن يشكّل إقرار صفقة الغاز، على الرغم من التحفظات كلها، جسرًا سياسيًا يمكن البناء عليه لاحقًا.
كذلك يشير التحليل إلى أن المصريين لا يبدون حماسة لمنح نتنياهو "هدية" سياسية في توقيت حساس، في ظل معركة انتخابية بدأت فعليًا في "إسرائيل"، مع اقتراب الانتخابات المتوقعة في تشرين الثاني/نوفمبر 2026. مع ذلك، وفي ضوء تشابك المصالح الإقليمية والدولية، قد تشهد المواقف المصرية مرونة في نهاية المطاف.
خلص كافلر إلى أن المشهد برمّته يعكس تداخل ملفات غزة ومصر والولايات المتحدة، مع سعي ترامب لتكريس صورته صانعًا للسلام العالمي، مقابل محاولة نتنياهو الظهور بمظهر من يحافظ على المصالح الحيوية لكيان العدو، على الرغم من النظرة السائدة في بعض الأوساط الأميركية، ولاسيما خلف الكواليس في واشنطن، والتي تراه أحيانًا عنصر إبطاء أو تعطيلًا للمسارات المطروحة.
يختم المحلل الصهيوني بأن ترامب نادرًا ما يعبّر علنًا عن هذه الانتقادات، مكتفيًا أحيانًا بوصف نتنياهو بـ"الرجل الصعب"، مع إبداء تقديره لهذا النوع من الشخصيات. في المحصلة، تبقى المصالح المشتركة والمتشابكة هي العامل الحاسم الذي يفرض إيقاعه على التطورات، سواء في "تل أبيب" أم في القاهرة أم في واشنطن.