اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الحرائق تقترب من القدس: إخلاء "بلدات" وخطر داهم على محطة وقود في شاعر هغاي

تحقيقات ومقابلات

مهدي علامة: نارُ الجهاد التي لا تخبو.. وسيفُ العهد الممهور بالدم
تحقيقات ومقابلات

مهدي علامة: نارُ الجهاد التي لا تخبو.. وسيفُ العهد الممهور بالدم

مهدي علامة: قبسٌ من دم الحسين.. ومشعلٌ كشفي لا ينطفئ
386

بشعلة جهاد متّقدة، أنار الشهيد مهدي جواد علامة درب العزّة والاقتدار، شقَّ عتمة الخنوع بخطاه الثابتة نحو ميادين المجد والانتصار. حمل راية الحسين (ع) بأمانة، وعينه ترنو إلى فلسطين، الأرض التي لا يحرّرها إلا دم الشرفاء.

مهدي، القائد الكشفي والمجاهد، لم يكن عابرًا في زمن النسيان. بل كان بركانًا جهاديًا تفجّر من صميم الإيمان، وخطّ بدمه مسيرة المجد، عانق سيف الحسين (ع) وصدح بحقيقة: "درب النصر مفروشٌ بالدم والتضحيات". لم يساوم، لم يتراجع، لم يهن، بل كان أسدًا في ميادين النار، زاهدًا في الدنيا، ساعيًا فقط لرضا الله، متأسيًا بأبي عبد الله (ع). ترك لنا وصيّة خالدة بدمه: "لا حياة إلا بالجهاد، ولا عزّة إلا بالمقاومة، ولا خلود إلا بالشهادة".

"كان ابني قلبًا نابضًا بالإيمان وعشق الجهاد"

بفخر ودموعٍ ممزوجة بالاشتياق والاعتزاز، تحدثت والدة الشهيد مهدي جواد علامة (أميري علي)، الحاجة ليلى حريري، عن فلذة كبدها الذي تربّى في أحضان المدرسة الحسينية الأصيلة، وعشِقَ نهج المقاومة.
 
وقالت: "ولد مهدي في 18 كانون الثاني/يناير 1994، في بلدة عدلون الجنوبية، ومنذ نعومة أظفاره، شقّ طريقه نحو الجهاد، إذ انضمّ في سنّ مبكرة إلى جمعية كشافة الإمام المهدي (عج)، فكان ذلك البرعم الطاهر ينمو على أرض الإيمان، ويشتدّ عوده على درب التضحية والفداء. كان مهدي عنوان الإخلاص، وقائدًا كشفيًا لا يملّ العطاء، عاش تكليفه الشرعي بصدق، وزرع في محيطه روح الالتزام والجهاد. كان زوجًا صالحًا، وأبًا حنونًا، يربي عائلته الصغيرة بإيمان لا يتزعزع، موقنًا أنّ بناء الأسرة المؤمنة هو حجر الأساس لدولة الحق الإلهي".

"في ملحمةٍ من نارٍ ودماء.. كان اللقاء مع القدر"
  
في صباح يوم الأربعاء، الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر 2024، أغارت طائرة حربية "إسرائيلية" على منزلٍ في بلدة النميرية الجنوبية، حيث كان الشهيد مهدي وأصدقاؤه يتحصنون. تحت وابل القصف الغادر، ارتقى أصدقاؤه جميعًا شهداء، ومن بينهم القائد المجاهد فؤاد خزعل خنافر، فيما أصيب مهدي بجراحٍ بالغة.  

نُقل مهدي إلى المستشفى، متشبثًا بخيط رفيع من الحياة، يقاوم بين السماء والأرض. وبعد أسبوعين من الألم والصبر، كتب الله له ما تمنى عمره كله: الشهادة. ارتقى مهدي بطلًا، محمولًا على أكفّ المجد، ليبلغ الأمنية التي لطالما سكنته، ويختم رحلته على درب الحسين (ع).

وتختم الأم كلمتها، وملامح الفخر تعلو وجهها: "مهدي لم يكن مجرّد شهيد، بل كان وعدًا صادقًا من الأرض إلى السماء، بأنّنا أبناء مدرسة الحسين (ع)، لا نغادر ميادين العزّ حتّى تحقيق وعد الله بالنصر".

"مهدي.. شهيد الإيمان والتكليف"

بكلمات يغلبها الاعتزاز، استذكر والد الشهيد مهدي، الحاج جواد علامة، ملامح شخصية نجله، واصفًا إياه بأنه "صوت لا يساوم على الحق، ونبراسٌ للأجيال". 

"أن نبقى أوفياء لدرب الشهداء"، بهذه الكلمات اختصر والد الشهيد مهدي رسالة العائلة إلى الأجيال، مؤكدًا أنّ التقوى والإيمان هما جوهر نهج مهدي، ودربه الذي يُضيء الطريق للثابتين على عهد السماء.

وختم الوالد بالقول: "إنّ حياة مهدي كانت دعوة للثبات على الحق، ولمحاربة العدوّ الصهيوني دون تردّد أو مساومة، مشددًا على أنّ الوفاء لمسيرته يعني الاستمرار في الدفاع عن المقدسات، وحمل شعلة المقاومة وصون سلاحها مهما عظمت التضحيات".

"رفيق الدرب.. وأبٌ على خُطى الزهراء (ع)"

بإخلاصٍ يُشبه إخلاص الرفاق في ساحات العز، تتحدث زوجة الشهيد مهدي، حوراء علوية، عن مسيرته العائلية بكلّ اعتزاز، قائلة: "منذ أول أيام زواجنا، كان مهدي يحمل في قلبه روح القيادة والعطاء. كان رجلًا بكلّ ما للكلمة من معنى، سندًا حقيقيًا لي ولعائلتنا الصغيرة".

وتضيف: "كان يحمل همَّ عائلته بكلّ حب، يدلّل بناته الثلاث (فاطمة، والتوأم زينب وزهراء)، بحنان لا يوصف. لطالما أوصاني بتربيتهن على خُطى السيدة الزهراء (ع)، ليكنّ نِساءً يحملن راية الطهر والإيمان. كان الأب المثالي، والزوج الحنون الذي نسج في قلوبنا أجمل معاني العطاء والوفاء".

كان مهدي ملتزمًا بتكليفه حتّى آخر رمق، وكان مدافعًا شرسًا عن المظلومين، من لبنان إلى سورية، ومن القدس إلى اليمن الحبيب الذي أحبه وناصره حتّى في كلماته وصلواته. لم يُفصح يومًا عن دوره الجهادي، عاش متحفظًا، كاتمًا للأسرار، يؤدي عمله الميداني بصمت العظماء. حتّى أعماله التطوعية، التي شارك فيها بلا كلل، لم تُعرف إلا بعد أن ارتقى شهيدًا".

قبل الشهادة بأيام، شدّ رحاله إلى كربلاء، إلى سيد الشهداء، حيث وقف عند الضريح الطاهر طالبًا من الله عز وجل أن يرزقه مقام الشهادة ببركة الإمام الحسين (ع). كانت دعوته مخلصة.. وكانت الاستجابة سريعة.

شارك مهدي في تشييع أصدقائه الشهداء، كأنه كان يودعهم واحدًا تلو الآخر، حتّى جاء اليوم الذي سار فيه الآخرون خلف نعشه الطاهر، يحملون جسده الذي سبق روحه إلى السماء، شهيدًا وفيًا لعهد الطف.

"مهدي.. الأخ الذي صار مدرسةً خالدة"

يستعيد حيدر، شقيق الشهيد مهدي، ملامح العلاقة العميقة التي ربطتهما، مؤكدًا أن مهدي لم يكن مجرّد أخ، بل كان ملهمًا ومرشدًا روحيًا ترك بصماته في كل زاوية من حياته.

يقول حيدر: "مهدي علّمني أنّ سرّ الثبات يكمن في كتمان السر، والإخلاص للتكليف، وأنّ طريق الجهاد لا يُقاس بالنتائج بل بالصدق في النية"، مستذكرًا وصيته المستلهمة من القائد الشهيد عماد غازي غزالة، والتي ظلّ يرددها: "نحن مأمورون بأداء التكليف ولسنا مأمورين بتحقيق النتائج".

بالنسبة لحيدر، لم يرحل مهدي، بل تحوّل إلى رمز حيّ، ومدرسة جهادية تتوارثها الأجيال، مدرسة كتبت حكاية المجاهد الصادق الذي سار على درب الحسين (ع)، فخلّدته الأرض ورفعته السماء شهيدًا عزيزًا.

"عهد الأخوّة على درب الشهادة"

يستذكر صديق الشهيد مهدي، علي الهادي، ذكريات اللقاء الأول الذي جمعه به عند ضريح الشهيد علاء نجمة في بلدة عدلون، حين التقى روحًا مفعمة بالإيمان وعقلًا راجحًا يشعّ وقارًا وثقافة.

يقول علي: "كان مهدي عاشقًا للجهاد، متيّمًا بالقادة العظام، يتحدث بوقار، ويشعّ حبًا واحترامًا". ورغم قلّة اللقاءات بيننا بسبب انشغال مهدي في ميادين العزّ، فإنّ حضوره بقي عالقًا في القلب، سأبقى ما حييت وفيًّا لنهجه، ماضيًا على درب الشهادة". 

"بعضٌ من كلمات الشهيد"

 - "إخواني، اعلموا أنّ طريقَ الجهاد شاقٌ وطويل، فهو طريقُ ذات الشوكة".
 - "حافظوا على نهج الإسلام المحمّدي الأصيل، واحفظوا دماءَ الشّهداء بمحاربَةِ الأعداء". 
 - "احذروا التقصير في هذه المَسيرة التي نهضَتْ بِنا من الذُّلِ إلى الحياة".

 

الكلمات المفتاحية
مشاركة