اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي استطلاع لـ"معاريف": نتنياهو يفقد السيطرة ومعسكر "اليمين" يتفكك 

نقاط على الحروف

حتى الناصر يصورونه مقاومًا في العلن وخائنًا في السر
نقاط على الحروف

حتى الناصر يصورونه مقاومًا في العلن وخائنًا في السر

310

رغم مرور ما يزيد عن خمسة عقودٍ على رحيله، لا يزال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، يشكّل رمزًا في الوجدان الشعبي العربي، رمزًا على المستوى الفكري والسياسي والتاريخي، وما زال ذكره قادرًا ــ رغم كل حملات الشيطنة، ورغم رحيله ومنذ إعلانه ــ على تجييش المشاعر وتحريض النفوس.

لم يتوانَ أعداؤه حيًا وميتًا عن ممارسة كل أشكال الشيطنة وبكل الوسائل، باستخدام الدين تارةً والإعلام تارة، وباصطناع الأحداث تارةً واختلاق الشهود تارة، بالفن تارةً وبالمذكرات تارة، ورغم أنّهم استطاعوا تغييبه عن العقل والفكر والسياسة عربيًا، لكنهم عجزوا عن انتزاعه من الوجدان العربي.

والآن في ظل محاولات سحق المقاومات العربية، التي ما زالت ترفض السير في ركب العبيد من أنظمةٍ وأحزابٍ ومؤسساتٍ وشخصياتٍ نخبوية مهترئة، يحاولون الاستفادة من عجزهم عن محو صورة ناصر من الوجدان العربي، عبر تصويره كمقاومٍ في العلن، لكنه مستسلمٌ في السرّ، قوميٌ وطنيٌ في العلن، لكنه خائن جبان في السر.

فقد نشرت محادثة مسجلة بالصوت بين الرئيس جمال عبد الناصر والعقيد معمر القذافي بعد نكسة 67 وإبان حرب الاستنزاف، وقد حملت المحادثة عنوان: "اللي عايز يحارب يحارب واللي عايز يناضل يناضل"، وهو عنوانٌ مقصود، لإسقاطه على واقع اليوم من متواطئين ومتخاذلين، ليتم الإيحاء بأنّ هذا الرمز مارس التواطؤ ذاته والتخاذل ذاته، بذرائع شتّى.

وأكاد أجزم أنّ الغالبية لم تستمع للمحادثة، بل اكتفوا بفحوى العنوان، وهذا هو المطلوب، ومن استمع واقتنع بتخاذل عبد الناصر وبدأ يقارن ويقارب بين واقع اليوم وواقع الأمس، فهو إن كان حسَنَ النية فهو سطحي ومستغفل، أما أهل السوء الذين حمّلوا التسجيل ما لم يحتمل، فأؤلئك هم العاملون في الوحدة 8200، وإن لاكت ألسنتهم حرف الضاد.

كان الحديث يدور في تلك الجلسة عن قبول جمال عبد الناصر مبادرة روجرز، والتي خُوِّن على إثرها عبد الناصر من بعض الحركات الفلسطينية وبعض الأنظمة العربية، وكان الرجل يدافع عن وجهة نظره في تلك المرحلة، والتي تقول، إنّ بناء الجيش المصري بعد النكسة بحاجة إلى الكثير من الوقت والكثير من المناورات السياسية، ناهيك عن أن الواقع المصري والعربي كان مختلفًا تمامًا عن واقع اليوم.

في الوقت الذي كانت تدور هذه المحادثة، كان عبد الناصر يقوم ببناء أعظم مشروع عسكري، والذي لولاه لما كان نصر أكتوبر، وهو حائط الصواريخ، وفي وقت المحادثة كان يبني الجيش الذي سينتصر في حرب أكتوبر، وكان يضع الخطة"جرانيت" التي سينتصر بواسطتها الجيش في أكتوبر.

وقد قال من ضمن ما قاله: "حين التخطيط لحرب الاستنزاف، قبلت بمعادلة واحد مقابل عشرة"، أيّ أنّ عبد الناصر قرر، أنّ معادلة حرب الاستنزاف، إذا كانت استشهاد عشرة جنود مصريين، مقابل مقتل جندي صهيوني واحد، فهي مقبولة، فهل يقبل هؤلاء الذين يستخدمون هذه المحادثة للحثّ على الاستسلام، بهذه المعادلة باعتبارها معادلة للخونة والمتواطئين..أمثالهم وسادتهم؟!

لقد بلغ هؤلاء النفطيون وأتباعهم من الوقاحة، ما يعجز اللسان عن وصفه، فلم يعد يهمهم تمويه خياناتهم، بل أصبح إشهارها مصدر فخرهم، وهم يظنون الظن الأثيم، بأنّ مهاجمتهم للمقاومة وخدمة الكيان، هي الوسيلة المثلى للإثراء، لكنها في الحقيقة كانت وما زالت الطريقة الأمثل للمبازرة في سوق النخاسة.

سيظل سلاح المقاومة هو السبيل الضرورة، تمامًا كما كان وسيبقى عبد الناصر رمزًا ملهمًا، فهذا السلاح ليس مجرد خيار. بموازاة ذلك سيظل رموز المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن وسورية والعراق وإيران، في صدر صفحات التاريخ المضيئة، وستظل المقاومة جذوة لا تنطفئ حتى تحقيق كل التحرير، وسيذهب أولئك لأسواق النخاسة طائعين مختارين.
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة