عربي ودولي

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم 4 أيار 2025، بالتطورات الإقليمية في سورية، وكذلك بجديد المفاوضات النووية؛ ولا سيما الدعم الروسي لها وأسبابه وآثاره.
ليبيا وأوكرانيا وسورية.. 3 مشاهد ومخرج واحد
بداية مع صحيفة "كيهان" التي كتبت: "التطورات، في ليبيا وأوكرانيا وسورية، كل منها على حدة، دليل كافٍ لكشف المشروع الخادع الذي فُرض على الدول لسنوات تحت مسميات مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وإرادة الشعب، لكنه في الممارسة العملية لم ينتج عنه سوى عدم الاستقرار والانقسام والهيمنة الأميركية. القذافي، زيلينسكي أو الأسد؛ لقد وقعت هذه الدول الثلاث ضحية لسيناريو؛ كان اللاعبون الرئيسيون فيه هم القوى الغربية، وليس شعوب بلدانهم. وقد أظهرت هذه الأحداث أن ما تريده أميركا ليس الديمقراطية ولا التحرر من الاستبداد؛ الأمر لا يتعلق ببساطة باحتواء المنافسين والاستيلاء على الموارد، وتحديد المواقع الجيوسياسية في الأجزاء الحساسة من العالم. فما الذي يبقى بعد هذه التدخلات في هذه البلدان الثلاثة إلا الرماد والركام والتهجير والموت والذل الوطني؟! ومن ناحية أخرى، هناك أصوات داخل البلاد تكرر، عن قصد أو من دون علم، الرواية نفسها التي يريدها البيت الأبيض وتل أبيب. روايات ساذجة عن التغيير والانتقال ترتبط أحيانًا بأداة التفاوض التي لا تؤدي لا إلى الاستقرار ولا إلى مستقبل أفضل، إذا لم نتعلم من هذا، فالمصير نفسه ينتظرنا كما نرى اليوم في طرابلس أو كييف أو دمشق".
لماذا يدعم الكرملن المحادثات الإيرانية - الأميركية؟
بدورها، كتبت صحيفة "إيران": "بدأت جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، في حين يبدو أن دبلوماسيين من البلدين على اتصال وثيق مع المسؤولين الروس بشأن هذه المحادثات. لماذا تعدّ هذه اللقاءات مهمة، ولماذا تحتاج الأطراف إلى هذه المحادثات؟ وكيف يتأثر دور روسيا في عملية المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة بمجموعة من العوامل الرئيسة؟". أجابت الصحيفة عن هذه الأسئلة: " لقد كانت روسيا عضوًا رئيسيًا ونشطًا في خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 وشاركت في صياغة الاتفاق. ولكن هذا ليس السبب الوحيد وراء أهمية روسيا في المفاوضات؛ لأن روسيا تقوم حاليًا ببناء وحدات محطة الطاقة النووية لإنشاء محطة بوشهر للطاقة النووية، كما تقوم أيضًا بتدريب المتخصصين في الأنشطة النووية التقليدية لمصلحة إيران. وتجعل هذه الظروف موسكو على دراية بالتقدم التقني الذي أحرزته إيران في المجال النووي وأبعاد الاتجاهات السياسية في هذا الشأن". وتابعت: "هل تزيد هذه المعلومات عن الأنشطة النووية السلمية الإيرانية من دورها في الجولة الجديدة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة؟ نعم؛ وفي الوقت الحالي، تعمل روسيا شريكًا استراتيجيًا لإيران، في حين تعمل في الوقت نفسه على تطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة بشكل كبير. وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من أن إيران والولايات المتحدة هما اللاعبان الرئيسيان في هذه المفاوضات، وعلى الرغم من وجود صراعات أعمق بينهما بشأن قضايا مختلفة، فإن روسيا تعمل بمثابة طرف ثالث مهم".
تتابع الصحيفة: "لا تتمتع هذه الدولة بعلاقات تجارية مع الجانبين فحسب، هي تحاول أيضًا، بصفتها مستشارة، تقريب مواقف إيران والولايات المتحدة. ولهذا السبب، قام كبار المفاوضين الإيرانيين والأميركيين، عراقتشي وويتكوف، بالسفر إلى موسكو بشكل متكرر.. إن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين إيران وروسيا وأثرها على المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة قضية مهمة. ويتساءل البعض ما إذا كانت روسيا، من خلال المصادقة على هذا الاتفاق، ستعدّ إيران شريكًا استراتيجيًا لها، وبالتالي هل ستبذل جهودًا جدية لدعم مصالح إيران في المفاوضات النووية؟ هذا السؤال له أهمية كبيرة، لأنه بعد ساعات قليلة من الموافقة على الاتفاقية الاستراتيجية بين إيران وروسيا في مجلس الدوما، أعلن مسؤول روسي أن الاتفاقية لن تعني دعم روسيا عسكريًا لإيران في حال وقوع هجوم أمريكي عليها".
كما أشارت الصحيفة إلى أن: "الجواب عن هذا السؤال معقد. وبحسب الوثيقة التي وافق عليها رئيس الجمهورية الروسية؛ إيران وروسيا شريكان استراتيجيان وليسا حليفين استراتيجيين. وهذا الاختلاف المفاهيمي مهم في السياقات السياسية والعسكرية والاقتصادية. وفي هذا الصدد، صرح ممثل الحكومة الروسية، بوضوح، أن الوثيقة المعتمدة لا تعني أن روسيا ستقدم الدعم العسكري لإيران، إذا هاجمتها الولايات المتحدة. ومع ذلك، المصالح الرئيسة لروسيا في هذا الاتفاق تتمثل بضمان الحفاظ على معاهدة منع الانتشار النووي واستمرار العلاقات التجارية والشراكة مع إيران".
مفاجأة سورية للمتآمرين
أما صحيفة "وطن أمروز" فقد كتبت: "العدوان الشامل وغير المسبوق الذي شنته "إسرائيل" على الأراضي السورية، خلال الأشهر الستة الماضية، يثبت سوء تقدير جميع الأطراف المعارضة لنظام بشار الأسد الذين أصبحوا الآن غير قادرين على اتباع مسار إعادة الإعمار والحفاظ على وحدة سورية. وتواجه حكومة الجولاني، والتي نصبت نفسها بنفسها، العديد من التحديات والانقسامات الداخلية، الأمر الذي غذّى بحق مخاوفها من أن أيًا من هذه العوامل قد يسحب كرسي السلطة من تحت قدميها. وبقدر ما أظهر حكام دمشق سلبية وتهاونًا في مواجهة الاحتلال وعدوان جيش النظام العلني والسافر على الأراضي السورية، خطت "إسرائيل" خطوة إلى الأمام لتأجيج الصراع في سورية".
هذا؛ ولفتت الصحيفة إلى أنه: "قبل نحو شهرين، ومع الضوء الأخضر من أنقرة ووساطة أذربيجان، وإقامة محادثات أمنية عسكرية بين تركيا والنظام الصهيوني، تراجعت هجمات النظام على الأراضي السورية، وركز النظام بشكل أكبر على إدارة المناطق الجنوبية المحتلة، وتوسيع نفوذه في هذه المنطقة تحت ذريعة دعم الأقلية الدرزية السورية. وبطبيعة الحال، هذا لا يعني أن الغارات الجوية وصلت إلى الصفر، ولكن منذ الأسبوع الماضي، ترافقت الغارات الجوية مع موجة جديدة من الزيادة، لدرجة أنه في الهجمات صباح السبت، تعرّض الشريط الغربي بأكمله من سوريا، بما في ذلك حمص وحماة واللاذقية ودمشق، لنيران الطائرات الحربية الإسرائيلية، والتي كانت واحدة من أعنف العمليات الجوية التي نفذها العدو الإسرائيلي ضد الأراضي السورية في السنوات الأخيرة. وفي اليوم السابق، استهدف الجيش الإسرائيلي نقاطًا قرب قصر دمشق، وهو ما رأه خبراء رسالة تحذير للجولاني. وهذا على الرغم من أن الجولاني لم يوجه أي تهديدات للنظام في الأيام السابقة فحسب، بل أعلن أيضًا عن استعداده لتطبيع العلاقات مع تل أبيب".
بحسب الصحيفة، وتماشيًا مع التطورات في سورية هذه الأيام، إن ما يستحق النظر إلأيه هو رد إيران على تصرفات النظام، وما يحدث على الأراضي السورية من جميع الأطراف المعنية. ولم ينسحب أي طرف آخر تقريبًا من الساحة السورية، في عهد بشار الأسد، بقدر ما انسحبت إيران. وحتى روسيا، بصفتها حليفة الأسد، ما تزال تحتفظ بقاعدتها العسكرية في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي الآن الشريك الرئيسي لحكومة الجولاني في تزويد البلاد بالوقود الذي تحتاج إليه. إن دولًا، مثل الإمارات والسعودية، والتي كانت إلى حد ما الخاسر الرئيسي في الحرب السورية، دخلت الساحة السورية الآن أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من تطبيع العلاقات مع الأسد. ومن الواضح، أيضًا، دور تركيا وقطر داعمين للحكومة الجديدة في دمشق. لكن خروج إيران من المشهد السوري كان، وكأننا لم نؤد ِسابقًا أي دور أو فعل كوننا كنا الركيزة الأساسية للتطورات في سورية. وتابعت الصحيفة إن: "معظم أجهزتنا الدبلوماسية والسياسة الخارجية تتابع حاليًا القضية المهمة المتمثلة بالمفاوضات مع الولايات المتحدة. ولكن كما أكد الخبراء مرارًا وتكرارًا، هذه القضية لا ينبغي أن تؤدي إلى إهمال مجالات إقليمية ودولية أخرى، ربما تكون مصيرية. مما لا شك فيه أن منطقة غرب آسيا (شرق المتوسط)، وخاصة النقطة المحورية في منطقة بلاد الشام عند ملتقى سوريا ولبنان، ستحمل في طياتها مصير المرحلة الانتقالية إلى النظام المستقبلي للمنطقة، بصرف النظر عن أي تغييرات قد تطرأ حاليًا. في مرحلة ما بعد الأسد، ومع أن قدرة إيران وإمكاناتها على التأثير في الجغرافيا السياسية لشرق البحر الأبيض المتوسط قد ضعفت، لم يعدّ هذا الوضع مؤقتًا في أذهان صناع القرار أو يصل إلى التخلي، وهذا سيغير الوضع كليًا، وحتى من دون الأراضي السورية، يتعين على إيران أن تكون مشاركًا فعالًا في تطورات البلاد. من الدبلوماسية والتشاور والضغط على دول مثل تركيا بشأن الوضع الفوضوي في سورية الجديدة، إلى مراقبة خلايا المقاومة التي ظهرت في كل ركن من أركان البلاد ضد القتال ضد النظام الصهيوني".
ختمت الصحيفة: "منذ سنوات عديدة، يتهم معارضو محور المقاومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بخلق التوتر على الأراضي السورية ومنع انتهاء الحرب والأزمة في البلاد. الآن هو الوقت المناسب لإيران ألا تقف غير مبالية أمام الحسابات الخاطئة والتهديدات التي تطلقها الجهات السورية الحالية التي تدعي أنها سورية، وأن تطلب منها الشجاعة لمواجهة "إسرائيل" ومحاربتها من أجل ضمان الأمن الإقليمي، وأن تعلن عن استعدادها الكامل في هذا الصدد".