عين على العدو

ساعة نتنياهو لا تتحرك مع وتيرة ترامب
ترامب قرر استخدام قوته لبناء أميركا وصورته كـ"رجل سلام"
رأى البروفيسور يوسي شاين- وهو خبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، شغل منصب رئيس كلية العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، وهو عضو هيئة التدريس في جامعة جورجتاون في واشنطن- أنّ: "ترامب سعى لإحداث صدمة في العالم من خلال بناء قوة إمبراطورية، أحيانًا مستبدة، لم تُرَ في الساحة الدولية أو داخل الولايات المتحدة، منذ وقت طويل. منذ يومه الأول في البيت الأبيض؛ أوضح أنه غير مقيد بالمعايير الأخلاقية التي يلتزم بها جو بايدن، ولا بـ"المنظومة الفاسدة" التي بناها بايدن وأوباما، ولا بـ"الضعف الأميركي" الذي يعانيه الديمقراطيون وحتّى الجمهوريون. قال الرئيس: "لن نتحدث بعد الآن عن أخلاق زائفة، بل عن نتائج حقيقية وتعزيز مصالح أميركية واضحة. حلفاؤنا سيستفيدون من ذلك، وأعداؤنا سيعانون"".
وفي مقال، في موقع "القناة 12"، قال البروفيسور شاين إنّ: "نتنياهو ومعسكر اليمين، كمثل كثيرين آخرين في "إسرائيل"، تعلقوا بهذه السياسة على الفور. جاء الراعي لليهود. سيقضي على أعدائنا في الشرق الأوسط، وأيضًا داخل الولايات المتحدة، حيث تفشت معاداة السامية إلى مستويات مقلقة. القيود المفروضة على الجامعات حظيت بتصفيق في القدس". وتابع: "قال لنا ترامب: "استخدموا القوّة في غزّة، احسموا الأمر". كما وعد بعدم فرض قيود على الأسلحة، وأكد أن أميركا لن تطلب بعد الآن من "إسرائيل" مطالب إنسانية تقوم على الاستسلام، والتي تأتي من خلفية الليبراليين"".
وأضاف: "نتنياهو وأتباعه وقعوا في حبّ الراعي الصالح لليهود من جديد. لقد منح حياة جديدة لرئيس الحكومة وائتلافه، وأعلن سموتريتش وستروك أيام الخلاص"، كما لفت إلى أنّ: "رئيس الحكومة وعد ترامب بإنهاء الحرب في غزّة ليتسنى له إقامة ريفييرا فرنسية في القطاع برعاية وملكية أميركية. وفعلًا، صُوّر ترامب على أنه المخلّص النهائي، وصاحوا في اليمين بأنه سيُمكّن "إسرائيل" من تهجير جميع الفلسطينيين وضرب إيران واحتلال سورية، والمزيد والمزيد".
وأردف: "حقيقة؛ أن ترامب لا يركّز على القضايا الأخلاقية– بل قام حتّى بإلغاء وكالة نشر الديمقراطية في العالم – منح اليمين "الإسرائيلي" الشرعية لخوض حرب ضروس ضدّ الأخلاق التقدّمية "الزائفة". وأصبحت زيارة رئيس الحكومة لزعيم المجر أوربان ذروة في هذا الانقلاب الأيديولوجي ضدّ الليبرالية".
لكن نتنياهو وأنصاره نسوا أن ترامب لا يركّز على الأيديولوجيا. بالنسبة إليه، القوّة يجب أن تُترجم سريعًا إلى مكاسب اقتصادية وجيوسياسية لمصلحة الأميركيين. نعم، يبدأ بسياسات فوضوية وعدوانية، لكنّه سرعان ما ينضبط ويحصد النتائج، مثل رجال الأعمال. على الساحة الدولية، أهان ترامب الرئيس الأوكراني زيلينسكي، ثمّ عقد معه صفقة معادن. تصالح حتّى مع رئيس وزراء كندا الليبرالي ووقّع اتفاقًا في الرسوم الجمركية مع بريطانيا. بعد خلاف حاد مع الصين، توصّل إلى تسوية، وعادت الأسواق للانتعاش كما وعد المخلّص. وحتّى مع الحوثيين، أبرم اتفاقًا. إنه يحب تقليص الخسائر وتحويلها إلى انتصارات، ويعمل بلا مشاعر. أعداء الأمس يصبحون شركاء اليوم.
ووفقًا للكاتب: "نتنياهو لم يفهم روح الصفقات والتسويات التي تحرك ترامب وفريقه. فقد أعلن – أي نتنياهو- أنه لن يتوقف حتّى "النصر الكامل"، وهو شعار بلا معنى بالنسبة إلى ترامب الذي يرى في ذلك رؤية ضبابية. "لا أرباح منكم"، قال لي مسؤول أميركي بارز في مطلع شهر آذار/مارس".
كما استُدعي نتنياهو من المجر إلى البيت الأبيض، وتلقى نبأ أنّ الولايات المتحدة تجري مفاوضات مكثفة مع إيران. في الدائرة المقربة من ترامب؛ نشأت قناعة أن نتنياهو يماطل، لا ينهي الأمور، لا يقدّم حلًا حقيقيًا لغزّة متعلّقًا بالمتطرّفين الذين يريدون الاستيطان فيها، يؤخّر تحرير المختطفين، وفوق كلّ شيء: يُظهر ميولًا لتوريط أميركا في حرب مع إيران لا تريدها، كما تبيّن من محادثاته مع مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون الذي أُبعد لاحقًا إلى الأمم المتحدة.
ترامب قرر استخدام قوته لبناء أميركا وصورته كـ"رجل سلام"
الكاتب تابع القول: "الرجل الذي يصفه الليبراليون بـالبلطجي، يُربك خصومه الآن؛ لأنه قد يكون من يجمع بوتين وزيلينسكي، ويقود سلامًا بين الهند وباكستان. لكن في غزّة وحدها لا يسير التقدم بالسرعة المرجوة. لقد نقل ترامب مركز ثقله إلى السعودية وقطر والعالم العربي، وهو الآن المخلّص لغيرنا. يوسّع قنواته الاقتصادية مع العرب ويعزّز قوته عالميًا. الأموال الطائلة وفخامة القصور تبهِر الجميع.
ويسأل: "هل يصبح ترامب بطل العالم الإسلامي؟ السعوديون والقطريون، وحتّى السوريون الجدد– أولئك الذين كنا نصفهم بمتطرّفين إسلاميين وها هم يرتدون زي الإصلاح – وحتّى أردوغان، هم الأصدقاء الجيدون لترامب. ساعة نتنياهو ببساطة لا تتحرك بالوتيرة وبالاتّجاه مع ساعة الرئيس الأميركي، ولا تلوح في الأفق إنجازات حقيقية.
إذًا، من سيسيطر على غزّة في النهاية؟ متى سنحسم أمر حماس؟ متى سيُفرج عن "المختطفين" (الأسرى)؟ متى سنوسع اتفاقات أبراهام؟ وماذا عن الصفقة مع السوريين؟ وماذا سنفعل بشأن إيران؟".
وختم الكاتب: "في السعودية، سلّط ترامب الضوء على ثمن سياسة نتنياهو لـ"إسرائيل". من على المنصة، أمام آلاف القادة والضيوف، وجّه دعوة باسم عِيدان ألكسندر للإفراج عن جميع "المختطفين" (الأسرى) وإنهاء الحرب".