اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي دون كيشوت السياسة اللبنانية

مقالات

عيد المقاومة والتحرير! 
مقالات

عيد المقاومة والتحرير! 

77

في الخامس والعشرين من أيار، يوم المقاومة والتحرير، نستعيد الذكرى باعتزاز كبير، حيث سجل المقاومون الأحرار على مدى أكثر من عشرين عامًا ملاحم بطولية ضدّ الغزاة الصهاينة المحتلين، حيث ألحقت الهزيمة بالعدو، وأجبرته على الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة دون قيد أو شرط. 

لقد أثبت الشعب اللبناني بمقاومته وجيشه، أنه جدير بوطن حر، ويستحق الحياة بعد أن أثبت للعالم كله أن الحق فوق القوّة، وأن الحرية أغلى من الروح، وأن الكرامة قبل لقمة العيش. مقاومة شعب وجيش، قارعت في ميدان القتال ولسنوات طويلة أشرس عدو همجي، ارتكب المجازر، وهدم البيوت، وأحرق الحقول، وقتل المدنيين، وهجر السكان من منازلهم، واستخدم الأسلحة المحرمة دوليًّا.

لم يكن أمام اللبنانيين إلا أن يختاروا: إما الخضوع للاحتلال والرضوخ للأمر الواقع، والقبول بشروطه وإملاءاته، وإما اللجوء إلى مواجهة المحتلين، بعد أن باءت كلّ الجهود السياسية والدبلوماسية اللبنانية والعربية والدولية بالفشل، وعجزت الأمم المتحدة عن حمل العدوّ "الإسرائيلي" على الإذعان للشرعية الدولية، وتطبيق القرارات الأممية ذات الصلة.

أمام هذا الواقع، آلى المقاومون الأحرار على أنفسهم أن يتصدوا للاحتلال، وينطلقوا بمقاومة باسلة، ليقولوا للعالم كله، إن الحق لا يستجدى، وإن الحرية لا تمنحها قوى الهيمنة والعدوان، وإن تحرير الأرض والإنسان لا يعرف التوسل على أبواب الطغاة والمستبدين، وإن الاستقلال وتحرير الأرض، يُنتزعان انتزاعًا من أنياب الذئاب المحتلين، مهما عظمت التضحيات وبلغت الاستحقاقات والأثمان الباهظة في الأرواح والممتلكات.

في 25 أيار عام 2000، كان شعب لبنان ومقاوموه في موعد مع الانتصار، بعد اندحار العدو، وانسحابه من الأراضي اللبنانية، ليصبح الانتصار مثالًا حيًّا للشعوب المضطهدة التي تقاوم من أجل الحرية وتحرير الأرض والإنسان. إن تهديد "إسرائيل"  للبنان والمنطقة، لم يتوقف مطلقًا منذ عام 2000، وهو لا يزال مستمرًّا، حيث أطماع "إسرائيل" وشهيتها للقضم والضم للأراضي لم تتوقف، واحتلالها لأجزاء من أرضنا اللبنانية لا زال قائمًا، مما أبقى أصابع المقاومين على الزناد، حيث ظلت المقاومة متأهبة نتيجة استمرار الاحتلال والعدوان. 

في 25 أيار 2025، نستقبل عيد المقاومة والتحرير بعد تطوّرات خطيرة نتيجة العدوان "الإسرائيلي" الواسع النطاق على لبنان، والذي لا زال مستمرًّا منذ أكثر من عام ونصف، حيث استخدم العدوّ "الإسرائيلي" كافة الأسلحة الفتاكة، واتبع سياسة الأرض المحروقة من خلال عمليات تدمير واسعة النطاق، ضاربًا عرض الحائط بالقوانين الأممية ذات الصلة، وميثاق الأمم المتحدة، وشرعة حقوق الإنسان، حيث لم يوفر العدوّ من القتل  عجوزًا أو امرأة أو طفلًا أو رضيعًا.  

استخدام العدوّ لأحدث أنواع المقاتلات العسكرية في العالم، وامتلاكه لأحدث أجهزة التنصت والاتّصالات الأكثر تطوّرًا، وتقديم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة له الدعم السياسي والعسكري، والاستخباري، والمالي، والإعلامي، والدبلوماسي، أتاح لمجرم الحرب في "تل أبيب" أن يصدر أوامره للجيش "الإسرائيلي" للقيام بحرب شاملة أسفرت عن تدمير القرى والبلدات عن عمد وتسويتها بالأرض، وقتل المدنيين دون أي تحفظ أو اعتبار لقوانين الحرب، ومن ثمّ  إكراههم على النزوح من قراهم ومدنهم، وعدم السماح لهم بالعودة إليها.

رغم قرار وقف إطلاق النار، لم يحترم العدوّ "الإسرائيلي" الاتفاق، بل استمر في اعتداءاته اليومية، وقصفه للمنازل والمدنيين، وخرقه على مدار الساعة للأجواء والأراضي، والمياه الإقليمية للبنان، غير مبال باللجنة الخماسية التي تراقب وقف إطلاق النار، ولا بالأمم المتحدة ونداءات أمينها العام غوتيريس.

في الخامس والعشرين من أيار 2025، لن يفقد المقاومون والأحرار الأمل، ولن تُحبَط عزيمتهم، وإن كانت ضربة العدوّ كبيرة، بعد ارتقاء كوكبة كبيرة من الشهداء، وعلى رأسهم أغلى الناس، وأشرفهم، وأنبلهم، 

وأصدقهم، وأزهدهم، وأتقاهم، وأشجعهم، ومنه يستمد المقاومون اليوم العزيمة لتحرير أرضهم من المحتلين. 

إذا ما فشلت الدبلوماسية، وتعثرت الاتّصالات الدولية، ولم تتمكّن من حمل العدوّ على الانسحاب، هل يبقى هناك من وسيلة أخرى غير تحرير الأرض عن طريق المقاومة؟!

إن الدولة أمام مسؤوليتها الوطنية والتاريخية، فلا مكان للاستسلام، أو رفع الراية البيضاء، أو القبول بالأمر الواقع، أو الرضوخ للاحتلال، أو الخضوع لمطالب رعاة العدوّ وداعميه، أو الرهان على عامل الوقت ليصبح الاحتلال فيما بعد أمرًا واقعًا ومن الماضي.

 الشعب الذي حرر الأرض من الاحتلال، ودحر العدو، قادر على تحرير أرضه مرة أخرى، بعد أن يستوعب ما جرى منذ عام وثمانية أشهر من عدوان "إسرائيلي" متواصل، ويأخذ العبر، ويقيّم الأحداث وما جرى حولها، ليستفيد مستقبلًا من التجربة، ومما آلت إليه نتائج الحرب، لينطلق مجدّدًا إذا ما فشلت الدبلوماسية في تحقيق هدفها، ليأخذ المبادرة من جديد لتحرير الأرض.

إن كان هناك من خيار ثالث غير فشل الدبلوماسية، والقبول بما نحن فيه، فليقل لنا حماة الوطنية والسيادة، ما هي الوسيلة الناجعة لتحرير الأرض والإنسان من نير المحتلين؟!  عام 1978، صدر القرار 425 عن مجلس الأمن الدولي، والذي قضى بانسحاب "إسرائيل"  من الأراضي اللبنانية المحتلة. منذ ذلك التاريخ لم تكترث دولة الاحتلال بالقرار الأممي، حيث بقيت الدبلوماسية اللبنانية تعمل وتتحرك على مدى 22 عامًا، مع الدول الكبرى، والدول الصديقة والشقيقة، وداخل مؤتمرات القمم العربية والإسلامية، ومؤتمرات دول عدم الانحياز، ومنظمة الأمم المتحدة بغية مساعدة لبنان على تحرير أرضه وإجبار "إسرائيل"  على الانسحاب منها. لم تسفر الدبلوماسية عن نتيجة إيجابية بل باءت بالفشل، لتفتح الطريق أمام وسيلة لا بد منها، وإن كانت التكلفة باهظة في الأرواح والممتلكات، فكانت المقاومة التي لا بد منها لتحرير الأرض وهكذا كان. هل يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى، أم أن الدبلوماسية التي يعول عليها الكثيرون في لبنان ستعطي أُكُلها وهذا ما نتمناه، أم أن خيار المواجهة يصبح لا بد منه وإن أخذ وقته الكافي لتحرير الأرض؟! القادم من الأيام سيجيب!. 

 

الكلمات المفتاحية
مشاركة