عين على العدو

تحليل في "هآرتس": لم تنجح أية دولة في إخضاع اليمنيين
الكاتب في صحيفة "هآرتس" يشاي هالبر : الجمهور العام بدأ الآن يدرك قوة صمود اليمنيين
تحت عنوان "لم تنجح أيّ دولة في إخضاع اليمنيين، فلماذا تستمر "إسرائيل" في المحاولة؟"، قال الكاتب في صحيفة "هآرتس" يشاي هالبر: "بعد وقت قصير من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما بدأ اليمنيون بإطلاق صواريخ باتجاه "إسرائيل" تعبيرًا عن دعمهم لسكان قطاع غزة، تعامل كثيرون معهم بسخرية، باعتبارهم مجرد مجموعة من مثيري الحروب غير الأذكياء الذين يعملون بإيفادة من إيران. لكن بعد مرور أكثر من عام ونصف، لم يعد يُنظر إليى اليمنيين كظاهرة غريبة: على عكس دول أخرى في المنطقة، يستمرون في إطلاق الصواريخ على "إسرائيل"؛ وقد هدّدوا بفرض حصار على "اسرائيل" بشكل كبير، والأهم من ذلك، من الواضح أن ضربات سلاح الجو لا ترهبهم.
بحسب الكاتب، الجمهور العام بدأ الآن يدرك قوة صمود اليمنيين، تقول عن ذلك عنبال نيسيم لوفتون، خبيرة في شؤون اليمن وزميلة بحث في منتدى التفكير الإقليمي ومركز "موشيه ديان" في جامعة "تل أبيب" – رغم أن خبراء مثلها يدرسون منذ سنوات طويلة قدرتهم المذهلة على البقاء. فما الذي يسمح لتنظيم أن يصمد وسط التحولات الدراماتيكية في الشرق الأوسط وأمام قبضات القوى الإقليمية، بل وأن يزيد من هجماته ضد "إسرائيل"؟
ورأى الكاتب أن "لدى اليمنيين ثلاثة مزايا: الجغرافيا، الخبرة، ونمط التفكير".
وينقل حديث الدكتورة إليزابيث كاندل، الخبيرة في الشأن اليمني ورئيسة كلية جيرتون كوليج بجامعة كامبريدج البريطانية لـ"هآترس"، إذ تقول إن معاقل "الحوثيين" (أنصار الله) في شمال اليمن الجبلي تتيح لهم حماية قيادتهم وإخفاء أنظمة السلاح، وتتابع "يكفي أن تفتح خريطة اليمن لترى أنهم يسيطرون على مناطق يصعب جدًا الوصول إليها"، ومنها محافظة صعدة في شمال البلاد".
وتضيف كاندل أن ""الحوثيين" (أنصار الله) يمتلكون خبرة تمتد لأكثر من عقدين في الحرب ضد بعض أقوى جيوش المنطقة، ونجوا من عشرات الآلاف من الضربات الجوية للتحالف بقيادة السعودية، وهم متسامحون إلى حد ما مع الخسائر؛ بعد أن شاهدوا الانسحابات المُهينة للولايات المتحدة من العراق وأفغانستان، لم يعودوا يخافون من أعدائهم، ويؤمنون إيمانًا حقيقيًا بأن الله معهم".
وبحسب الكاتب، أحد الأسباب التي جعلت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يوافق على وقف العمليات الهجومية في اليمن كانت التكلفة الهائلة للعملية – حوالي مليار دولار فقط في الشهر الأول، وفقًا لمصادر أمنية أمريكية تحدثت لـ CNN فيما تكلفة الهجمات الإسرائيلية في المنطقة ليست أقل. "إسرائيل" لا تملك حاملات طائرات في الخليج، وتقدّر تكلفة كل هجوم في اليمن بالملايين من الشواكل، إذا احتسبنا المسافة، والوقود الذي تستهلكه الطائرات، واللوجستيات، ودعم المعدات والذخيرة.
وتُشير عنبال نيسيم لوفتون، الباحثة في مركز "موشيه ديان" الى أن "حقيقة أن "إسرائيل" تهاجم في اليمن باستخدام الطائرات وليس الصواريخ أو الطائرات المسيرة بالتأكيد تزيد من تكلفة العملية"، بينما تلفت الى أن الهجمات على ميناء الحديدة، لن تُخضع "الحوثيين" لأن الميناء هو شريان الحياة للدولة. وبسبب أن إغلاقه سيؤثر على كل السكان، تقول إن شدة الهجمات هناك ستكون دائمًا محدودة.
الباحثتان تحذران أيضًا من أن أسلوب العمل المفضل لإسرائيل – الاغتيالات المستهدفة للقادة العسكريين – محكوم عليه بالفشل هذه المرة. بالإضافة إلى التحدي الجغرافي للعمل في مناطق نائية في اليمن، تقول لوفتون، هيكل الحوثيين "أكثر تفتيتًا... وحدات صغيرة تعمل بشكل شبه مستقل على الأرض".
لوفتون تشير إلى أن الاغتيالات السابقة لقادة اليمنيين من السعودية وأمريكا لم تُحدث تغييرًا ملموسًا، وتخلص إلى أن "القضاء على هذه الظاهرة سيكون صعبًا لأنها منظمة تعمل بشكل منهجي لأكثر من عقد".
وتشرح لوفتون "من الناحية العسكرية من المشكوك فيه أن الهجمات وحدها ستنجح..هذه ليست مسألة ستنتهي فقط باستخدام القوة العسكرية، يجب تقديم تقسيم سياسي مقبول للمعارضين لـ"الحوثيين" يحفزهم على العمل ضدهم".