عين على العدو

إيتمار آيخنر: "إسرائيل" فقدت الشرعية الدولية لحربها
اعتبر آيخنر أنّ التطوّرات المقبلة ستثبت "الفشل الذريع" لسياسات رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو.
أكّد معلّق الشؤون السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار آيخنر أنّ "إسرائيل" فقدت الشرعية الدولية لمواصلة الحرب على قطاع غزة.
وقال آيخنر، في مقال نُشر على موقع الصحيفة الصهيونية، إنّ "إسرائيل" لا تعمل في فراغ، ومن دون دعم الدول الكبرى، قد تدخل في عزلة"، متسائلًا: "ما معنى ذلك؟"، مجيبًا: "تَضرُّر قدرتها على الدفاع عن نفسها، وتَضرُّر مظلتها السياسية لدرجة الإدانات واتخاذ قرارات عملية ضدها في الأمم المتحدة، وضرر اقتصادي وسمعتها".
وأوضح أنّ "إسرائيل" شهدت، بعد 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، السكينة التي استمرت أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، لكنّ رئيس الحكومة (الصهيونية) بنيامين نتنياهو أضاع فرصة ترجمة الدعم الدولي إلى إنجازات سياسية"، مشيرًا إلى أنّ "فشله الدبلوماسي (لنتنياهو) كان ذا دلالة، وقد تجلّى ذلك أيضًا في زيارة الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب إلى السعودية ودول الخليج".
وأضاف آيخنر "كان بإمكان نتنياهو أنْ يكون جزءًا من الإنجاز آنذاك، لكنّه جعل نفسه و"إسرائيل" عاملًا هامشيًا. لقد نجح في انتزاع هزيمة سياسية من فكَّي النصر العسكري. كانت شباكه فارغة، فتخلّص منها".
ولفت آيخنر الانتباه إلى أنّ "نتنياهو ليس دبلوماسيًا، وكذلك وزراء الخارجية في حكومته: إيلي كوهين، وإسرائيل كاتس، وجدعون ساعر"، موضحًا أنّ "الدبلوماسية هي القدرة على الإنصات، والفضول تجاه الآخرين، والقدرة على الإبداع، وهم يفتقرون إليها"، مضيفًا "إنّهم عاجزون عن بناء بنية تحتية للحوار مع دول العالم. وماذا عن الوزير (للشؤون الاستراتيجية) رون ديرمر؟ إنّه ينفّذ أوامر الرئيس (نتنياهو)، لكنّه لا يمتلك القدرات الدبلوماسية أيضًا".
وبحسب آيخنر، فإنّه "لو قدّم نتنياهو خطةً لما بعد الحرب وحشد العالم من أجلها، لكنّا في وضعٍ مختلف. لم تكن "إسرائيل" لتُعلن منتصرة في الحرب فحسب، بل كان العالم سيتعاون معنا في إعادة إعمار غزة. لكنّ اعتبارات نتنياهو ليست عملية، فبقاء الائتلاف أهمّ بالنسبة إليه من أيّ شيء آخر - بما في ذلك قضية "الرهائن" (الأسرى الصهاينة في غزة) - ونحن ندفع الثمن".
وتابع آيخنر قوله: "لقد أضاع علينا فرصة نادرة من التعاطف العالمي الذي كنّا سنحظى به، واليوم نفقد الشرعية. فيما يتعلّق بالعلاقات الدبلوماسية التي يمكننا الاعتماد عليها، لم يبقَ لنا سوى (رئيس الوزراء المجري فيكتور) أوربان في المجر و(الرئيس الأرجنتيني خافيير) ميلي في الأرجنتين"، فـ"هذا يعني أنّ ترامب هو من سيُملي الحل على "إسرائيل". لن يتشاور. لقد أدرك أنّ نتنياهو يقف في طريقه. ترامب يتحدّث مع السعوديين دوننا، ومع الإيرانيين، ومع حماس و"الحوثيين" (أنصار الله في اليمن)، وكذلك مع الحاكم الجديد لسورية. إنه يُبرم الصفقات من دوننا، ويخطط أيضًا لمستقبل غزة"، وفق آيخنر.
وفيما ذكَّر بأنّ "الحرب تُتيح فرصًا للتقدُّم السياسي"، أشار إلى أنّ "الموساد" و"الجيش "الإسرائيلي" و"الشاباك" وفّروا لنتنياهو المظلّة العسكرية القصوى، وستُدرّس الضربة التي تلقّاها حزب الله في المدارس لعقود مقبلة"، معتقدًا أنّ "طريقة تعامل "الجيش "الإسرائيلي" مع الوضع مُذهلة، لكنّ الفشل الرئيسي دبلوماسي". وأضاف "لقد فوّت الأمر المستوى السياسي. يخشى نتنياهو انهيار الائتلاف، ونحن جميعًا نعاني من ذلك: التصنيف الائتماني آخذ في الانخفاض، والشباب يُفكّرون في مغادرة البلاد".
ورأى أنّ "من يعتقد أنّ اللوم يقع على الدعاية فهو مخطئ، فالدعاية فاشلة بالفعل، فهناك أقلية من المتحدّثين "الإسرائيليين" الذين يجيدون اللغات الأجنبية يظهرون على الشاشات، وبين الحين والآخر ترى سفيرًا ينفجر غضبًا ويتلقى ضربة على رأسه (مثل السفيرة "الإسرائيلية" في بريطانيا، تسيبي حوتوفلي)"، مستدركًا بقوله: "لكن في هذا الوقت من الأفضل الصمت، فلا توجد إجابات فعلية".
وأشار آيخنر إلى أنّه "من الناحية القانونية، لا توفّر اتفاقية جنيف الحماية للمدنيين الذين شاركوا بنشاط في المذبحة أو الذين قدّموا عن علم مساعدة غير مباشرة للإرهابيين. إنّهم غير محميِّين. السكان الذين لم يُخْلوا المنطقة بعد تحذيرات "الجيش "الإسرائيلي" غير محميِّين بموجب الاتفاقية أيضًا، ولكنْ لا يوجد صبر للعالم على هذه المشاهد".
وزعم الكاتب أنّ "لا إبادة جماعية تحدث في غزة" وأنّ "تصريحات وزير المال بتسلئيل سموتريتش غير مُلزمة"، مدّعيًا أنّ "سياسات "إسرائيل" ليست التدمير أو القتل أو الهدم"، معقّبًا بقوله: "لكنّ نتنياهو لا يملك أي سيطرة على الحكومة، وبالتأكيد ليس على تصريحات الوزراء المتطرّفين فيها. إنهم يُلحقون بنا ضررًا جسيمًا".
وقال: "دعونا نضيف إلى هذا خطأ رئيس الأركان (الصهيوني) بالإنابة، إيال زامير، الذي اختار استبدال متحدث رسمي ماهر باسم "الجيش "الإسرائيلي" خلال فترة الحرب"، موضحًا أنّه "بدلًا من هاجاري، عُيِّن رجل يفتقر إلى الخبرة الإعلامية ولا يظهر في الاستوديوهات إطلاقًا".
ونبّه إلى أنّه "ليس لدى "إسرائيل" وقت ثمين لتتركه يفلت. حتى كبار المسؤولين الحكوميين يشهدون بأنّ نتنياهو لم يكن مرتاحًا لتعيين (المتحدث باسم جيش الاحتلال إيفي) دافرين منذ البداية، والآن يتساءل عدد لا بأس به من كبار المسؤولين: أين المتحدث الرسمي باسم "الجيش "الإسرائيلي؟".
وفي حين تساءل آيخنر: "ماذا تبقى لـ"إسرائيل" أنْ تفعل؟"، اعتبر أنّ "عليها وضع خطة مع الأميركيين لليوم التالي، خطة لإعادة إعمار غزة. على نتنياهو الآن أنْ يعلن عن استراتيجية للخروج. ترامب هو المسؤول أيضًا عن هذا الوضع. هو من رمى أوهام التهجير من غزة، وأوهم اليمين المدني بأنّه واقعي"، مذكّرًا بأنّ "ترامب لم يؤمن بها قط، بل أراد فقط أن يُشير إلى الدول العربية بأن الولايات المتحدة لن تُموّل، وأنّ عليها أنْ تُقدّم تبرعاتها وتُساعد في إعادة إعمار القطاع. وهكذا أشار أيضًا إلى الأوروبيين بشأن إعادة إعمار أوكرانيا".
ووفق آيخنر، فإنّ "ترامب مذنبٌ أيضًا بإنهاء الدعم الشعبي لـ"إسرائيل". لقد أوضح للعالم ولأعدائنا أنّ هناك أيضًا ضوءًا أحمر بين "إسرائيل" والولايات المتحدة، مهما أنكروا ذلك. إذا كان الأمر كذلك، فلا عجب أنْ تنقلب صداقاتنا حول العالم رأسًا على عقب. إنّهم يدركون اتجاه الرياح في واشنطن".
وأردف آيخنر قائلًا: "في نهاية المطاف، ما يُحدد ما إذا كانت "إسرائيل" تملك الضوء الأخضر لمواصلة الحرب هو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي. سواء استخدمت الولايات المتحدة حق النقض أم لا. حاليًا، لا تزال "إسرائيل" تتمتّع بالمظلة الأميركية، ولكنْ ليس إلى الأبد. نتنياهو يُدرك ذلك. يُدرك أنّ ترامب قادر على كل شيء. هو قادر على قول: "ألا تُنفّذون ما أقول؟ أنا سأُملي الحل". يبدو أنّ ترامب قد بلغ أقصى حدود قدراته، وقد لا يمرّ سوى أسابيع حتى يقول: "كفى، أوقفوا طبول الحرب".
وأضاف آيخنر "في المستقبل القريب، سنواجه تحديين مهمين: الاتفاق النووي الوشيك بين الولايات المتحدة وإيران، والمؤتمر الدولي الذي تخطّط له فرنسا والسعودية لمناقشة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. سيُعقَد المؤتمر في 17 يونيو/حزيران (2025)، ومن المتوقّع أنْ تغض الولايات المتحدة الطرف عنه، برغم تصريح نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، الذي يبدو أنّه كان بروتوكوليًا فقط".
وخَلُص آيخنر في مقاله إلى القول إنّ "إبرام اتفاق نووي يسمح لإيران بالحفاظ على قدراتها في تخصيب اليورانيوم، إلى جانب دفع عالمي للاعتراف بدولة فلسطينية، سيكون الدليل القاطع على الفشل الذريع لسياسات نتنياهو"، معتبرًا أنّ "نتنياهو يمتلك المهارات الدبلوماسية اللازمة، لكنّه اختار التضحية بمستقبل "اسرائيل" على مذبح ائتلافه المتطرف".