اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي أبعاد الهزيمة الصهيونية ووحدة الشعب والنظام محور اهتمام الصحف الإيرانية

مقالات

مقالات

"بشائر الفتح" فتحت باب النصر المبين على أميركا وأدواتها الصهيونية

96

انتصرت إيران، وانتصرت إرادة المقاومة في حرب ضروس شكلت بغدرها واجتماع أميركا والغرب عليها والتواطؤ الأممي، خطرًا وجوديًّا على الجمهورية الإسلامية، وعلى مستقبل المنطقة برمته.

وكما تم إعلان الحرب بغتة، رغم تبييت نية الغدر وإعداد خطط العدوان مسبقًا، فقد تم الاستسلام ووقف الحرب بغتة بعد الفشل، وبعد انقلاب السحر على الساحر، واكتشاف الدخول لمسار كارثي مأساوي يؤدي لانهيار الكيان وانهيار الوجود الأميركي في المنطقة.

وبعد استغاثة "الأسد الصاعد" بمشغِّله الأميركي لحمايته من بأس الصواريخ الإيرانية، توجَّه للاستغاثة والاستجداء من أجل وقف القتال بعد رؤيته النار وقد وصلت إلى ذيل مشغله وحاميه.

ولولا صمود إيران وصلابتها ومتانة عقيدتها، والتي قلبت الطاولة، وحولت فوهة التهديد نحو الكيان الهش ورعاته في المنطقة، لما اعترف الجميع بقوة واقتدار إيران والمقاومة ووقف قتال تحول لاستنزاف للهيبة وتدمير للكيان.

واتضح جليًّا للعالم، أن أميركا هي صاحبة الحرب، وأنها من يقود العدوان وأن استهدافها وإشهار السلاح بوجهها كان كفيلاً بتوجيه الأمر للكيان الصهيوني المصطنع بالتوقف ورفع الراية البيضاء، لتمارس أميركا هوايتها المفضلة في الزيف والخداع وتتقمص دور صانع السلام، كأنها وسيط، وكأنها بعيدة عن هذا الاستسلام، وكأنها هي التي لم ترفع الراية البيضاء!

وإن كان الصمود الأسطوري والتماسك الملهم للجمهورية الإسلامية قيادة وجيشًا وحرسًا ثوريًا وشعبًا هو العامل الأكبر في النصر، فإن التوجه المباشر لاستهداف الشيطان الأميركي الأكبر كان مفتاح النصر الحقيقي، وشكل الرد الحاسم والصريح على العدوان الأميركي الصريح في عملية" بشائر الفتح" افتتاحًا لمشهد انتصار إستراتيجي تاريخي، عنوانه إسقاط الردع الأميركي، وهو ما يتضمن بالضرورة إسقاط ردع العدو الصهيوني الذي استغاث بأميركا لتحميه من انهيار وشيك، فكانت العملية اسمًا على مسمى، حيث بشرت بالفتح القريب.

وهنا لا بد من التوقف عند هذه العملية، فهي ليست ضربة، وإنما سلسلة عمليات بدأها الحرس الثوري، أي مسار كامل من المواجهة وإعلان للجهوزية من أجل خوض حرب مفتوحة مع أقوى دولة بالعالم، كما يجب التوقف عند مصطلح "الفتح"، فهو أعمق من مصطلح "النصر"، حيث يشي بأنه نصر إستراتيجي لا يقتصر على الغلبة والقوة على العدو، وإنما تحقيق منجز إستراتيجي واسع النطاق بحجم طرد أميركا من المنطقة وعودتها لأهلها وتكريس وضع إستراتيجي جديد بسقوط الردع الأميركي وزوال هيمنته.

وهنا أيضاً لا بد من رصد بعض الدلالات حول الرد في ذاته، وحول الهدف الذي توجه إليه الرد والمتمثل في قاعدة العديد، وكذلك تأمل بعض ما جاء في بيان الحرس الثوري البليغ والمليئ بالرسائل .

أولًا: حول الرد في ذاته

شكك الكثيرون في جرأة إيران على الرد المباشر على أميركا، ولا سيما وسط حرب ضروس مع الكيان الصهيوني، باعتبار أن فتح جبهة مباشرة مع أميركا ليست في مصلحة إيران، وأنها ستعطي ذريعة لأميركا للتدخل العلني بدلاً من الاكتفاء بالدعم المفتوح للكيان.

ولكن الصمت الإيراني إزاء انتهاك أميركا للسيادة الإيرانية لا يمكن تمريره من نظام ثوري خرج مدافعاً بالأساس عن الكرامة والسيادة، وجاء رده ليحقق منجزات متعددة الأبعاد:

1- البعد القيمي والاخلاقي والمتمثل في الرد على العدوان ورفض المذلة، وهو أمر بالغ الأهمية في مصداقية المقاومة ووحدة ومعنويات الشعب الإيراني وجمهور المقاومة/ ناهيك عن رسالته الرادعة للأعداء.

2- تثبيت الردع بوضع كلفة على التجرؤ الأميركي على استهداف إيران وإثبات تحلي إيران بإرادة المواجهة وشجاعة اتخاذ القرار والقدرة والجهوزية على خوض القتال.

3- رسالة ردع مضافة للكيان الصهيوني، مفادها أن حاميه وراعيه يتعرض للإيذاء، وبالتالي حرمانه من هذه الميزة التي يظنها الكيان خط دفاع أخير له يغريه بالتمادي في العدوان.

4- رسالة استكشاف بالنيران لنوايا أميركا وهل ترغب في خوض القتال أم أنها ضربت ضربة استعراضية لتهرب بعدها وتسجل صورة نصر وردع.

وهذا الاستكشاف من جانب إيران له أهمية كبرى على المستوى الإستراتيجي والعملياتي في الحرب الراهنة؛ لأن لأميركا دورًا مزدوجًا في العدوان، فهي تقاتل من وراء الكواليس بدعمها المفتوح للكيان، وتتدخل علنيًا باستهدافها للمنشآت النووية، وبالتالي فإن إيران تريد تحديد الدور الذي تنوي أميركا استكماله، وهل الحرب ستقتصر على الكيان ومن ورائه أميركا، أم ستكون حرباً مفتوحة مع تحالف الكيان وأميركا وربما "الناتو"، وذلك ليترتب على كل شيء مقتضاه.

ثانيًا: لماذا قاعدة العديد؟

قاعدة "العديد" كما وصفها بيان الحرس الثوري،" تُعدّ مقراً لسلاح الجو، وأكبر رصيد إستراتيجي للجيش الأميركي الإرهابي في منطقة غرب آسيا". 

ولعل استهداف هذه القاعدة التي تعد أكبر منشأة أمريكية في "الشرق الأوسط"، والتي يتمركز فيها نحو 10 آلاف جندي، ليس السبب الوحيد كهدف ثمين، وإنما هي مقر القيادة المركزية (CENTCOM). وهي القيادة التي تشن العدوان على إيران، وهو ما يفسر ما جاء في بيان الحرس من أن الهجوم جاء ردًا على "العدوان العسكري السافر للنظام الأميركي المجرم" على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان.

وتعدّ  قاعدة العديد العصب العملياتي للقوات الجوية الأميركية في المنطقة، وتُستخدم لشنّ الغارات، تشغيل الأقمار الصناعية، القيادة المركزية (CENTCOM)، والتحكّم بالطائرات المسيّرة، وهو إنذار بأنها وضعت في بنك الأهداف، وأن جميع عمليات أميركا في المنطقة والتي تشكل مصدر قوتها وعدوانها سيتم ملاحقته.

ثالثاً: رسائل الحرس الثوري

قال الحرس في بيانه، إن هذا العمل يعد رسالة، وأن رسالة العمل الحاسم الذي قام به أبناء الأمة في القوات المسلحة واضحة وصريحة للبيت الأبيض وحلفائه: "إنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالاعتماد على الله تعالى وعلى الشعب الإيراني، لن تترك أيّ اعتداء على سلامة أراضيها وسيادتها وأمنها الوطني دون ردّ، تحت أيّ ظرف من الظروف".

وهي رسالة بأن زمن الاحتواء أو التعقل بالرد قد ولى، وأن القادم سيكون الرد للصاع بالصاع، وهي أقوى رسالة ردع توجَّه لغطرسة أميركا، والتي كان رئيسها يتبجح بطلب الاستسلام غير المشروط لإيران قبل عدة أيام.

كما ختم البيان بالتحذير والتذكير بأنّ "القواعد الأميركية والأهداف العسكرية المتنقّلة في المنطقة، ليست نقطة قوة، بل هي نقطة ضعف رئيسة وشوكة في خاصرة هذا النظام المُولع بالحروب".

وهي رسالة بأن هناك أهدافًا أخرى تشمل القواعد الأميركية كافة، وأن ما حدث ليس إلا مقدمة وحلقة أولى من سلسلة عمليات إذا ما اتجهت اميركا للتصعيد.

كما قال البيان، إن "أيّ تكرار للشرّ سيؤدي إلى تسريع انهيار المؤسسة العسكرية الأميركية في المنطقة، وهروبهم المشين من غرب آسيا، وتحقيق التطلّع المشترك للأمّة الإسلامية وشعوب العالم الحرّة في استئصال الغدة السرطانية الإسرائيلية".

وهي أقوى رسالة تتعلق بمستوى الرد الإيراني وعنفه المتوقع، إذ لن يقتصر على الدفاع أو محاولة تثبيت المعادلات، وإنما الحرب المفتوحة لإزالة النفوذ الأميركي وزوال الكيان.


وكما تم إعلان الحرب في ليلة وضحاها بشكل مباغت رغم النية المباغتة للعدوان، فقد تم إعلان التوقف والاستسلام على عجل بعد اكتشاف حتمية الهزيمة وفشل تحقيق أهداف الحرب وتحولها وبالًا على الكيان وقائده الأميركي.

وشكل المشهد الختامي في الساعة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار ملخصًا للكيان المرتبك الذي لا يلاحق ضربات المقاومة، وشكل مشهد الدمار في بئر السبع ملخصًا لدمار بنية الكيان الهشة، وشكل مشهد الأبنية المنهارة انعكاسًا لمشهد الكيان وهيبته.

لقد أفسدت إيران النشوة الصهيونية الزائفة والغطرسة الأميركية التي تخيف الجبناء وعديمي الإرادة والكرامة، وأيًّا كان اتجاه الامور بتبييت غدر جديد أو محاولات لإعادة الكرة وتجربة العدوان مجددًا، فإن إيران وجميع حركات المقاومة يقظة وجاهزة، وستكون ضرباتها أكثر قوة وأكثر تهشيمًا لما تبقى من هيبة معسكر العدوان الزائل لا محالة.
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة