تحقيقات ومقابلات

عاشوراء موسمٌ يتجدد، فيتجدد معه الحزن والأسى على مصاب أبي عبد الله (ع). وعند الحديث عن مصيبة الحسين (ع) تبيانًا لصبره وتحمُّله وتضحيته، لا بد أن نستحضر الشهداء والتضحيات الجسام التي قدمها أبناء حزب الله في لبنان. غيض من فيض كربلاء الإمام الحسين (ع) الذي علمنا الكثير في خط الإسلام المحمدي الأصيل، سيحمل في طياته إحياء من نوع آخر هذا العام. من هنا؛ تحت شعار "ما تركتك يا حسين"، وفي انطلاقةٍ واثقةٍ تجسّد روح العطاء والتضحية، استكملت الهيئات النسائية في حزب الله على امتداد المناطق اللبنانية التحضيرات لإحياء الشعائر الحسينية.
بيروت
تؤكد المسؤولة الإعلامية في الهيئات النسائية في بيروت بتول كرنيب، أن محرم هذا العام يحمل الكثير من دروس التضحية، وتجديد العهد والوفاء والبيعة لسيد الشهداء (ع)، مشيرة في حديثها لموقع "العهد" إلى استكمال التحضيرات التي قامت بها الهيئات النسائية لإحياء شهر الأحزان، لافتةً إلى التركيز على المجالس الصباحية الخاصة بالنساء، في بيروت وجبل لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، والتي ستتضمن المحاضرات الدينية والثقافية، ومضائف الإطعام على حب الإمام الحسين (ع).
ووفقًا لكرنيب، سيتضمن الإحياء العاشورائي أيضًا ”مجلس طوبى“ المركزي اليومي الذي تقوم به مجموعات طوبى الشبابية المركزية التابعة للهيئات النسائية، ويستهدف الفئة العمرية الشابة من 16 سنة إلى 35. ويتخلل محاضرة ثقافية يومية، وجلسة أنس بالقرآن الكريم، ومجلس عزاء للقارئة الحاجة زينب نصر الله، إلى جانب فقرة اللطم.
وعملًا بتوصية شهيدنا الأقدس، سيد شهداء الأمة، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ستحيي الهيئات النسائية في حزب الله مجلس الطفل الرضيع، كما في كل عام في مجمع سيد الشهداء (ع)، حيث ستكون الفئة المستهدفة هي الأمهات مع أطفالهن لغاية عمر 12 سنة، بحسب كرنيب. ويتخلل الإحياء إلى جانب مجلس العزاء الحسيني، تلاوة للقرآن الكريم لابن شهيد على طريق القدس، وكلمة لطفل من جرحى البايجر، بالإضافة إلى دخول مهد الطفل الرضيع على وقع موسيقى نداء السماء، يليها دخول المواكب، أولها موكب الأطفال الشهداء (بأطفالنا الشهداء لبيك)، وموكب أبناء الشهداء (بأبي الشهيد لبيك)، وموكب أبناء الجرحى (بأبي الجريح لبيك)، وحاملو صورة الشهيد السيد حسن نصر الله.
ولأننا يجب أن نعيش الحسين (ع) فكرًا، وعاطفة، وسلوكًا، في قيمه، ومبادئه، خصصت الهيئات النسائية حملة إعلامية واسعة لإحياء المجالس، وستقيم برنامجًا متنوعًا عبر صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي يتضمن فقرات يومية، بحسب ما تقول كرنيب، ومنها المنشور اليومي تحت عنوان "10 خطوات كربلائية نحو الإمام المهدي (عج)"، والذي يتطرق إلى عدد من العناوين، كالصلاة في وقتها، والقرآن الكريم، وزيارة عاشوراء، وزيارة آل ياسين، ويتحدث عن أهميتها، ومنشورات حول الشهداء وعلاقتهم بالإمام الحسين (ع)، ومقاطع من كلام سماحة السيد حسن نصر الله.
وتشير كرنيب إلى أن الهيئات النسائية ستقيم ختامًا مسابقة عاشورائية من وحي المنشورات التي تم نشرها.
الجنوب
وفي سياق الاستعدادات لاستقبال شهر محرم الحرام في الجنوب، تتلاحم الجهود لترتقي بواقع الخدمة، معبرةً عن الولاء والوفاء للقضية الحسينية وإحياء شعائرها، استذكارًا للتضحيات التي قُدمت في سبيل إعلاء راية الحق، ونصرة المظلوم التي رفعها سيد الشهداء (ع).
يتمسك أبناء البلدات الجنوبية بإحياء مراسم عاشوراء، وهم الذين أحيوها بدماء أبنائهم الشهداء، تقول الحاجة منال غزال، معاونة في ملف الإعلام للهيئات النسائية في منطقة جبل عامل الثانية لموقع "العهد"، مشيرةً إلى أن الهيئات النسائية استكملت التأهيلات العاشورائية للقارئات واللجان، والتي ستكون في خدمة الأهالي في القرى والبلدات، وانتهت من التحضيرات في المساجد والحسينيات والخيم العاشورائية، رغم الوضع الأمني الصعب، مؤكدة أن التركيز في المجالس سيكون على ذكر الإمام المهدي (عج) والتعلق به، وعلى أهمية القرآن، والتلاوة الهادئة، وتدبُّره، والتفكر بآياته.
تستذكر غزال الأعوام الماضية، معلنة أن افتتاح المجالس هذا العام لن يكون كسابقه، إذ ستفتتح المجالس بطرق مميزة إبداعية، تتماشى مع المرحلة الصعبة التي تمر بها بيئة المقاومة، خاصة في الجنوب، عبر حمل الرايات واستقبال عوائل الشهداء، وعرض الفيديوهات، وغيرها.
التحضيرات شملت، وفقًا لغزال، زوايا خاصة في المجالس، للرسم، أو عرض بانورما أو الفيديوهات القصيرة، مشيرةً إلى ركن خاص لجمع التبرعات التي ستدفع فداء عن آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي لحفظه، مردفة: "لإيران والإمام الخامنئي حصة من الإحياء هذا العام".
وتلفت إلى أن الهيئات النسائية في قطاع صيدا أطلقت مشروع "خيمة بنات الحسين"، الذي يهدف لاستحضار واقعة كربلاء في المجالس العاشورائية وتسليط الضوء على حضور الفتيات في مخيم الإمام الحسين (ع)، ليس بوصفهن مجرد شهود، بل شريكات في صنع الوعي والموقف، من خلال إشراك الفئة الشبابية في العمل العاشورائي التطوعي.
تشيد غزال بهيئة السيدة سكينة (ع) التي تضم فتيات الثانويات والجامعات اللواتي سيخدمن في المجالس، ويهتمن بالنظافة، ويساعدن في المضائف، مؤكدة أن عددهن يزيد عامًا بعد عام.
وتختم: "سنفتتح موسم الأحزان، ولن تخلو قرية في الجنوب من الإحياء، ببركة دماء الشهداء، فشعارنا الثبات والعقيدة".
البقاع
ومع الحزن العاشورائي الذي يلفّ القلوب، انطلقت الهيئات النسائية في منطقة البقاع بتحضيراتها المكثفة، مواساةً لقلب إمام زماننا الحجة بن الحسن (عج) في مصابه بجدّه الحسين (ع) وأصحابه.
الاستعدادات بدأت باكرًا، بحسب المعاونة الإعلامية في الهيئات النسائية في البقاع غدير مطر، من متابعة خطيبات المنبر الحسيني وعددهن ٣٧٠، والتنظيم للمجالس الخاصة بالنساء، والتي ستغطي مختلف أحياء المنطقة، بين المجالس المركزية في الحسينيات، والمجالس الفرعية في المنازل، إلى جانب الحضور وتنظيم القسم الخاص بالنساء في المجالس المشتركة (إخوة وأخوات).
كما جرى تنسيق البرامج الثقافية والإعلامية التي تُحيي سيرة الحسين (ع) بروح نسائية نابضة بالولاء، مع تجهيز المساجد والحسينيات مسبقًا، وإتمام كل التحضيرات اللوجستية اللازمة. وعُقدت جلسات توجيهية وتنظيمية على مختلف المستويات: منها المركزي، ومنها الخاص بالمنطقة والقطاعات والشُعب، كلٌّ بما يفيده في عمله العاشورائي، حرصًا على توحيد الجهود وتكامل العمل بما يليق بحضور عاشوراء في قلوب المؤمنين.
وفي السياق، تلفت مطر إلى أن الأنشطة ستشمل أيضًا: محاضرات توعوية، إقامة الولائم، توزيع المساعدات العينية على حبّ الحسين (ع)، إقامة وتنظيم المضائف، تخصيص فقرات عاشورائية خاصة بالشهيد الأسمى، والمشاركة في مجالس اللطم، وإحياء يوم الطفل الرضيع (ع)، ويوم الشهداء يوم القاسم بن الحسن (ع)، والجلسات القرآنية، وخاصة ليلة العاشر من محرم، والمشاركة في المسيرات الليلية، ومسيرة العاشر من محرم (تنظيمًا وإحياءً)، إلى جانب الأنشطة العاشورائية المتنوّعة.
وفي الإطار الإعلامي، تم إطلاق برنامج عاشورائي خاص عبر صفحة "سنا" الإلكترونية التابعة للهيئات النسائية، يتضمّن تغطية ميدانية للأنشطة والبرامج في مختلف المناطق، حضورًا، ونقلًا، وتوثيقًا. لنُترجم الشعار: "ما تركناك يا حسين"، قولًا وعملًا؛ كما بذل شهيدُنا الأقدس مهجته فداءً للحسين (ع)، فإننا على العهد باقون.